يعتبر الخطاب الذي القاه وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل عال النبرة لناحية الذهاب أبعد من الوصف لنتائج القرار الاميركي بنقل السفارة الاميركية الى القدس واعطاء أمثلة عن مرّات حاولت فيها الولايات المتحدة نقل سفارتها الى القدس وتراجعت بعد اجراءات عربية اتخذت... خطاب باسيل لم يكن هكذا فقط لأهمية القدس بالنسبة للمسيحيين والمسلمين في آن، بل لانعكاس هذا القرار على لبنان.
"كل الخطابات العربية في اجتماع الجامعة في مصر غرّدت في مكان وخطاب باسيل غرّد في مكان آخر، فدعى أن تخرج الخطابات العربية من المعلقات الانسانية الى المواقف المباشرة". هكذا يرى الكاتب والمحلل السياسي وسيم بزي خطاب باسيل، مشيرا عبر "النشرة" الى أن "باسيل الوزير المسيحي ومن موقعه كوزير خارجية وقف في المنطقة العربية يلقي الدروس على من يفترض أنهم أصحاب القضية الحقيقية، وهذا انجاز يسجّل للبنان ولباسيل". في حين أن الكاتب والمحلل السياسي خليل فليحان يرى "في الافكار التي طرحها باسيل في اجتماع وزراء الخارجية العرب تصدياً لاعلان الرئيس الاميركي دونالد ترامب القدس عاصمة لاسرائيل".
بدوره يشير بزي الى أن "أهمية الاجراءات التي ذكرها باسيل أنه لا يبكي على القدس فقط بل يقرن القول بالفعل، وقد قدّم لهم مجموعة اجراءات عمليّة يمكن اللجوء اليها على مثال ما قامت به السعودية والعراق عندما قامتا بفسخ اتفاقيات النفط مع الولايات المتحدة عام 1981، ما دفعها الى ايقاف اجراءات نقل سفارتها الى القدس آنذاك"، معتبراً أن "هناك تواطؤاً بين من يقود جامعة الدول العربية والرئيس الأميركي دونالد ترامب وما حصل لا يمكن فصله عما قاله ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للرئيس الفلسطيني محمود عباس منذ قرابة الشهرين عندما دعاه الى ايجاد الحل للقضية الفلسطينية عبر جعل "ابو ديس" عاصمة بديلة لفلسطين". أما فليحان فيعتبر أن "القرارات التي صدرت عن القمّة العربية لا تتناسب مع خطورة اعلان القدس عاصمة لاسرائيل وهذا الاعتراض سجلّه باسيل ببيان وزعته الخارجية اللبنانية وباعتراض مسجّل بجامعة الدول العربية".
ولأن لبنان حمل عبء النزوح الفلسطيني اليه فهو معني أكثر من غيره في القضية الفلسطينية وحينما يتم القضاء على السقف الاعلى للقضية وتصبح القدس عاصمة اسرائيل تصبح كل الامور الاخرى في هذه المسألة سهلة ويمكن القضاء عليها ببساطة. وفي هذا السياق يعتبر بزي أن "لبنان معني بخطر القرار الاميركي من خلال تأثيره مباشرة على لبنان نظراً لوجود عدد من الفلسطينيين على اراضيه ويكون قرار ترامب مقدمة لتوطينهم في اماكن وجودهم".
فليحان يشير الى أن "لبنان يحارب بكل السبل حتى لا يصبح التوطين أمرا واقعاً الا انه حاصل ولكن غير معلن، والفلسطيني موجود في لبنان ولكن كل ما تفعله الدولة هو محاولة وضع قيود عليهم". يعود بزي ليؤكد أن "كسر القرار الاميركي لن يأتي من سياق رسمي بل شعبي ومقاوم وعلينا انتظار خطاب رئيس الجمهورية ميشال عون في القمة الاسلامية في تركيا وخطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله العالي النبرة والحامل عناوين عريضة لخطة مواجهة".
بعد موقف لبنان الرسمي في جامعة الدول العربية تبقى العبرة في مدى تأثير ما القي من كلمات وهل ستحمل معها رياحَ التغيير؟ وكيف ستكون تطورات هذه القضية المركزية مستقبلاً وانعكاسها على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان؟.