أشارت مصادر سياسية بارزة لـ «البناء» إلى أن زيارة رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية الى بيت الوسط ولقاءه الرئيس سعد الحريري، وهو الاول منذ الأزمة الأخيرة، أي ازمة الحريري يأتي ضمن التحضيرات للانتخابات النيابية المقبلة التي تبدأ صورتها بالتوضح عملياً بعد رأس السنة. وبهذا الإطار فإن اللقاء الإيجابي جداً الذي جمع الحريري فرنجية يحمل رسائل متعدّدة الأوجه، بينها إعلان تيار المستقبل لدعم فرنجية في الأماكن التي يحتاج إليها فيها دعم أصوات المستقبليين الذين سيصوّتون لفرنجية في وقت تشير المصادر الى أن جزءاً من «دَيْن» الحريري الذي يحمله لفرنجية يتعلق بهذا الدعم الذي أعلن عنه بعد ترشيح العماد عون رئيساً للجمهورية، بعد أن كان فرنجية أبرز مرشحي وطروحات الحريري «الجدية» للرئاسة، وذلك بعد لقاء باريس الشهير الذي جمعهما برجل الأعمال الزغرتاوي الأصل جيلبير «الشاغوري» وتدخّل الرئيس الفرنسي آنذاك فرانسوا هولاند لجسّ النبض الدولي والدعم المحليّ لفرنجية من دون أن تثمر هذه الأجواء مجتمعة على إيصال فرنجية للرئاسة. وتضيف المصادر «تأتي زيارة فرنجية وحضور نجله طوني الذي يتحضّر لخوض الانتخابات بدوره قبل أن «يبقّ» الحريري بحصته المتوقع أن تستهدف أقرب المقرّبين له إضافة الى تصويب مباشر على دور ملتبس للقوات اللبنانية، كما بات معلوماً والتي نفت بدورها أن تكون معنية بالأمر. وأخيراً تؤكد المصادر «أن للحريري قدرة على لعب دور إيجابي على صعيد تقريب وجهات النظر بين التيار الوطني الحر وتيار المردة ولعب دور الوسيط، خصوصاً أن العلاقة بين الحريري وباسيل تزداد عمقاً بعد أزمة الحريري ومساعي باسيل الدولية والحثيثة حينها، وفرنجية نفسه لم يقفل الباب أمام أيّ حوار أو مسعى، كما صرّح لدى خروجه من عند الحريري، وربما يكون الخاسر الأكبر هنا «القوات اللبنانية».
المردة واضحة. تريد مصلحتها. هكذا قال زعيمها سليمان فرنجية. والأزمة بين القوات والحريري من دون شك قادرة على إرخاء الكثير من إيجابيات قد يكون المستفيد منها فرنجية في بعض المحطات الانتخابية والتحالفية. وقد تجعله يعيد النظر بالعديد من الاتفاقات بل وإعادة إحياء بعضها. ففي وقت كانت العلاقة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية على أفضل ما يُرام صارت اليوم هذه الوصفة في خبر «كان» بالتأكيد. فمصادر التيار تحكي عن خلافات عمرها أشهر وأجواء بيت الوسط تحكي عن صدمة عاشها الحريري من أولئك الذين رفعوا لواء الدفاع عن قضية الرئيس رفيق الحريري، وإذ بهم أول من غدروا فيه. وهو الأمر الذي يرتّب على الحريري إعادة النظر بعلاقته بالقوات، وما يعنيه ذلك من التالي:
أولاً: ان يتم تجيير كل المجهود المبذول في تحالف انتخابي بين القوات والتيار الوطني الحر ليصبّ في مصلحة الخصم الحليف القديم للتيار الوطني الحر سليمان فرنجية بطريقة أو بأخرى حتى ولو لم يحصل وفاق مباشر بين باسيل وفرنجية، لأن الفائدة ستصبّ في مصلحة فرنجية شمالياً، كيفما كانت التحالفات.
ثانياً: أن تتراجع حصة القوات اللبنانية في الانتخابات الجديدة. وهنا يصبح السؤال حول إمكانية أن يلعب الحريري دوراً في الوقوف ضد أي تحالف انتخابي ممكن بين القوات اللبنانية وتيار المردة. وهو سؤال عما إذا كان الحريري قد بدأ فعلاً فكرة تحجيم القوات اللبنانية التي عزّز حضورها التحالف مع المستقبل في الانتخابات السابقة؟
بالعودة لزيارة فرنجية للحريري في هذا التوقيت، فهي من دون شك زيارة مدروسة وواضحة الدلالات. وصار السؤال حول مستقبل القوات اللبنانية، وفق هذا المنطق مطروحاً. فهي الخاسر الأكبر من كل الاتفاقات وإعادة الجوجلة الحاصلة والأزمة لا تتعلق فقط بأزمة الحريري الاخيرة، إنما بأكثر ما يعوّل عليه رئيس حزب القوات سمير جعجع. وهي المصالحة المسيحية التي تعتبر بالنسبة إليه أحد أبواب الدخول الجدّي في «حلم» الوصول لقصر بعبدا الذي كان قد بدأ تعبيد الطريق اليه بمجرد ترشيح عون على أن يردّ العونيين الدين «حسب اعتبار بعض القواتيين»، فكيف بالحال اليوم بعض ان صارت الكتل النيابية بأغلبيتها أكثر حذراً من القوات ومن مبدأ التحالف معها خصوصاً الحريري؟
الحريري وقبل «بقّ البحصة» يقول إنه لا يكنّ الحقد لأحد. وتقول القوات بلسان أحد نوابها أمس فادي كرم أنها غير معنية، بما سيعلنه الحريري، وأن الأجواء ربما تصبّ عند أسماء من داخل التيار الأزرق وخارجها من الأصدقاء القدامى كفارس سعيد وآخرين وهذا ما لا يتطابق مع تلميحات الحريري الأخيرة وزيارة فرنجية خير دليل على أن التحضير لإعادة ترتيب البيت الداخلي والتحالفات الجديدة لدى الحريري قد انطلقت وأنه لم يعد أمامه الكثير من الوقت لشدّ عصب البيت الداخلي بعد أن اطمئن الى تعاظم شعبيته بشكل شامل بعد الأزمة الأخيرة مع السعودية.
الحريري الذي يصيغ اليوم شكل الانتخابات المحلية المقبلة، صار الاسم الأصعب في المعادلة، وأي موقف مرتقب له قادر على خلط الأوراق الانتخابية برمّتها بعد أن صار أكثر ارتياحاً لجهة قاعدته السنّية ومنافسيه في الشمال وأبرزهم أشرف ريفي، وصار قادراً على التحرك براحة أكبر لـ «شطب» مَن يشاء من المعادلة.