– القولُ بأنّ فلسطين هي البوصلة وأنّ القدس تحتلّ اليوم في ظلّ المخطط الأميركي «الإسرائيلي» السعودي لتضييعها، لأنه عندما تهون القدس يهون سواها، ولأنّ مَن يتجرأ على القدس يتجرّأ على كلّ ما عداها، يعني بالسياسة، أن تتصرّف الأحزاب وأن يتصرّف المثقفون، وأن تتصرّف وسائل الإعلام، التي تشهر هذا التعريف وتلتقي على هذا التوصيف، بما يتناسب معه، وأن تستنفر ما لديها وما حولها وما بين يديها، لترجمة هذا الموقف، وأن تسعى لنقله كسلوك إلى أوسع دائرة تمتلك قدرة التأثير فيها وعليها، ومسؤولية الأحزاب والنخب والإعلام في القضايا الكبرى، تبدأ من هنا، كيفية تحويل الأولويات التي تفرض حضورها كقضايا، إلى أولويات في وعي الناس، لأنّ سائر أشكال المواجهة، بما فيها المقاومة كفعل يصل حدّ الاستشهاد، يبدأ من هذا الوعي، ويشكّل ترجمة له، وكلما اتسعت دائرة الإيمان بهذه المعادلة وتجذّر تأثيرها في الوجدان الجمعي للناس صارت قضية، وصارت هي القضية.
– السوريون القوميون الاجتماعيون، لا يحتاجون لإثبات ثلاثٍ من خصالهم، أنهم جدّيون بكلّ ما يتصل بالعقيدة، والقدس وفلسطين بعضٌ جوهري وأساسيٌّ من عقيدتهم، وأنهم لا يؤمنون بالأفعال الاستعراضية في قتالهم وممارسة مسؤولياتهم، ولا يفتعلون المناسبات لمنحها مرتبة ليست لها في أولويات النضال القومي. ومن وحي هذه الثلاث، أحيا القوميون، كقوميين وكسوريين وكاجتماعيين، للقدس أسبوعاً ممتداً على مساحة تأثيرهم وانتشارهم، فالمقاومة جوهر مسؤوليتهم القومية، وهذه قضيتها وهؤلاء هم ناسها، والقدس عاصمة سورياهم، وهذه حربها، والمجتمع هو النسيج المعني الأوّل بإعلان الاشتباك، تجمّعاً وتظاهراً وانتفاضاً وصولاً لحدّ المقاومة الشاملة، لتنطلق من تعبئة طاقات القوميين وناسهم ومدى تأثيرهم، الحملة التي سيتولّونها حيث يتوسّع المدى ويمتدّ المزيد من التأثير، أفقياً، ولتتركّز خطط العمل الأعمق بينهم للأشكال الأشدّ حسماً وتأثيراً بوحي هذه التعبئة، فتُستنهض الهمم والقامات التي يخرج منها المقاومون والاستشهاديون، ويتعمّق ويتجذّر الفعل عمودياً.
– القوميون بعضٌ فاعل من أمّة ومن مجتمع، يستهدفهما الخطر فيستشعرونه بقوة ويحضرون، والجاري حرب كاملة، وما يقومون به هو بعضُ هذه الحرب المعاكسة، وهذه رسالتهم وواجبهم ومسؤوليتهم، لكنّها رسالة أيضاً لسواهم من الأحزاب التي تؤمن بما يؤمنون من مكانة لفلسطين والقدس والمقاومة، ليفعل كلّ منهم وفق خصوصية إيمانه، وتميّز أدواته ما يلزم. فالمجتمعات عندما تُستَهْدف ولا تجد حكوماتها، أو تجدها وتفتقد لديها المقدرات اللازمة، أو تسشعر حجم المعركة واتساع الحاجة لشراكة المجتمع فيها، ليسند الحكومات أو يصوّب مسارها، أو يزيد من مقدّراتها، لا يصدق الحديث عن استنفارها من دون أن تنهض أحزابها وتتقدّم الصفوف، فهي السيوف التي تمتشقها المجتمعات والأمم في الملمّات، ولا يتأخّر القوميون عن تلبية النداء، وهذه رابعة خصالهم وها هم قد بدأوا.