عندما عاد رئيس الحكومة سعد الحريري الى لبنان بعد فترة إحتجاز في المملكة العربية السعودية دامت حوالى أسبوعين، وبعد عودته عن بيان إستقالته الذي تلاه من الرياض في ٤ تشرين الثاني الفائت، كثر الحديث عن إحتمال لجوء بعض الأفرقاء السياسيين، وعلى رأسهم رئيس الحكومة ورئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل، الى طرح التبديل الوزاري على الطاولة الحكومية، أي الى استبدال بعض الوزراء بآخرين. من جهة التيار الوطني الحر، كان سبب حماسة باسيل الى التبديل، هو أن بعض وزراء تكتل التغيير والإصلاح، لم يحدثوا التغيير المطلوب منهم في وزاراتهم، ولم يكن أداؤهم كما كان متوقعاً. أما من جهة تيار المستقبل، فكان الوفاء المعيار الأول الذي ينطلق منه الحريري لتغيير بعض وزرائه، وكان قد صنّف وزراءه بين وفيّ وقف معه في أزمة إستقالته من دون المشاركة لا من قريب ولا من بعيد بالمخطط السعودي الهادف الى شطبه من الحياة السياسية ومبايعة شقيقه بهاء، وآخر متورط متآمر عليه نفّذ تعليمات وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان. يومها كان وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي على رأس لائحة المتآمرين التي وضعها الحريري، نظراً "لآدائه السيء" بحسب وصف أوساط المستقبل، خلال فترة إستقالة الحريري. ولأسباب لم يعلن عنها أي من الأفرقاء المتحمسين على فكرة التبديل الوزاري، صرف النظر عن الفكرة لتعود وتطرح من جديد في الكواليس، ليل أمس، وتحديداً بعد الإعتداء الذي نفذه المرعبي على شركة الكهرباء في حلبا، وتصويره وتوزيعه فيديو يظهره مع بعض مناصريه وهو يخلع أبواب المؤسسة العامة ويقتحمها، تحت حجّة أن عكار لم تعد قادرة على البقاء من دون كهرباء. وفي هذا السياق، تكشف المصادر المتابعة، أن ما ارتكبه المرعبي ليس من السهل أبداً على رئيس الحكومة تغطيته حتى ولو كان الزمن زمن إنتخابات نيابية ومزايدات شعبيّة، فما حصل هو إعتداء من قبل وزير ونائب على مؤسسة عامة وهو جرم يعاقب عليه القانون، كما أنه يصنف في خانة الجرم المشهود الّذي لا تغطّيه الحصانة النيابية، الأمر الذي يجعل النيابة العامة التمييزية قادرة على ملاحقته وتوقيفه من دون أن يكون ذلك بحاجة الى رفع الحصانة عنه. المصادر المتابعة ترجّح إحتمال طرح الثقة بالوزير المرعبي على طاولة مجلس الوزراء، ومن هذه النقطة الدستورية تبدأ عملية تطييره وإستبداله بوزير آخر. ما إرتكبه المرعبي، "لن يمر مرور الكرام لدى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون" تقول الأوساط الوزارية المتابعة، مؤكدة أن "الرئيس عون الذي ينادي دائماً بدولة القانون والقضاء والمؤسسات، سيثير ملف المرعبي في أول جلسة لمجلس الوزراء، وقبلها مع رئيس الحكومة سعد الحريري لاتخاذ الإجراءات اللازمة بحقه لأن السكوت عن فعلته سيدفع بوزير آخر غداً أو بعد غد، الى تكسير مؤسسة عامة أخرى او الى الإعتداء على موظفين في مؤسسة رسميّة فقط لأنه يريد أن يزايد إنتخابياً على الآخرين وأن يسجّل النقاط السياسية وكسب الأصوات".
كل هذه الخطوات بحق المرعبي لا تحتاج الا الى إشارة واحدة من شخص واحد: سعد الحريري. عندها سيصبح المرعبي خارج الحكومة، وقد يصبح أيضاً خارج مجلس النواب إذا رفعت الحصانة عنه وتمّت ملاحقته، وما أسهل أن ترفع الحصانة عن المرعبي إذا رفعها الحريري، وهو من أكثر المكروهين من التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل.