اشار نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم الى ان إسرائيل هي خطر حقيقي على المستوى الإقليمي والدولي، هي ليست خطراً على فلسطين فقط وليست محتلة للأرض الفلسطنية فقط، هي تريد متكأً في فلسطين لتسيطر على المنطقة بأسرها وتتحكم بمقدرات دولية لمصلحتها، والدليل على ذلك فكرة أن تتوسع جغرافياً عام 1967 باحتلال عدد من الدول العربية لكن لم تستطع هضم الجغرافي، فاستبدلت الإحتلال الجغرافي بالإحتلال السياسي والثقافي والإتكاء على الوضع الدولي لتثبيت موقعية إسرائيل في المنطقة، ولجأت إلى الفتن والحروب والتحريض حتى تتهاوا وتسقط المنطقة وتتمكن إسرائيل من السيطرة السياسية التي تغنيها عن السيطرة العسكرية المكلفة وغير الممكنة بالنسبة لإسرائيل. كل مشاكل المنطقة التي نعيشها سنجد وراءها إسرائيل، فغزو العراق الذي حصل من قبل أميركا لضرب القوة والقدرة الموجودة في العراق حتى تصبح العراق ضعيفة في المنطقة، وتدخل أمريكا في عدد من الدول العربية في إثارة المشاكل والمطالب تحت عنوان الربيع العربي كان له هدف أساسي هو إضعاف هذه الدول، والحرب التي جرت على لبنان سنة 2006 من قبل إسرائيل بقرار أميركي كان الهدف منها كما قالت رايس في اليوم التاسع تمرير الشرق الأوسط الجديد من بوابة لبنان، ثم جاء بعد ذلك العدوان على سوريا سنة 2011 وكرر الأميركيون التعبير نفسه أن سوريا بوابة الشرق الأوسط الجديد وبأدوات الإرهاب التكفيري على قاعدة أن النتيجة ستكون لمصلحة إسرائيل، إذا كل مشاكلنا سببها إسرائيل وهي تقلق المنطقة وتعطل نموها وتطورها.
وفي اللقاء السياسي الذي نظمته وحدة امهن الحرة في حزب الله تحت عنوان " القدس عاصمة الديانات السماوية " في مجمع المجتبى(ع)، اشار الى انهم طرحوا على المستوى الدولي عملية السلام أو التسوية والمقصود بالتسوية ان يتم الإعتراف بالكيان الإسرائيلي بحدود معترف بها دولياً إلى جانب بقاء شيء إسمه فلسطين، التسوية هي خدعة وتضليل لتنظيم كيان الدولة الإسرائيلية والاعتراف بحدودها وليس حلاً للقضية الفلسطنية، لماذا؟ لأن طاولة المفاوضات التي يتحدثون عنها هي طاولة يجتمع عليها الإسرائيلي المحتل الذي بيده كل شيء والفلسطيني المعتدى عليه وليس بيده شيء، يعني طاولة المفاوضات هي طاولة التوقيع الفلسطيني لإسرائيل قهراً. إذاً نحن لسنا أمام مفاوضات نحن أمام إملاءات، وفي الوقت الذي يتحدثون فيه عن المفاوضات ويدافعون عنها نرى ان الاستيطان يتوسع ويزداد ولا نرى إلا استنكرات لفظية لا قيمة لها والاستيطان يتوسع أكثر فاكثر، ما يدل على أن الأمر لا علاقة له بإنصاف الفلسطينيين، هنا لقد طال زمن المفاوضات أكثر مما كانت تتوقع أمريكا ومن معها، وضجوا من عدم القدرة على إنجازها وإنهائها، وخلال المفاوضات لم يتمكنوا من تطويع الفلسطينيين إذ كانوا يتأملون أن ينسى الفلسطينيون بلدهم أو أن يضعفوا أمام التحديات فتستقر إسرائيل، ولكن الفلسطينيين استمروا بالمقاومة والإنتفاضة والرفض بل تبيَّن أن الاجيال الجديدة أشد إهتماماً وذلك لانهم يتربون منذ الطفولة على حب فلسطين والتعلق بالارض والإيمان بالمقدسات وهذا كان مفاجئاً لإسرائيل ومن وراء إسرائيل، وأيضا من خلال المفاوضات العبثية حققت المقاومة إنجازات عظيمة شكلت إلهاماً وخارطة طريق للفلسطينيين على المستوى المستقبلي سواء في لبنان أو فلسطين، والزمن المعاصر أشد على إسرائيل من الزمن القديم. أكثر من هذا، عُقدت إتفاقات في كامب ديفيد ووادي عربة ولكن لم يتحقق التطبيع مع الشعب المصري ولا مع الشعب الإردني، ورغم المساعي التي بذلتها السعودية لترويج التطبيع من بوابة النفط لم تتمكن أن تعكس نظريتها في التطبيع على الفلسطنيين، إذاً لا بد من عمل مباشر وهو انتزاع القدس لانها الرمز والاساس. من هنا نرى أن اعتداء ترامب على القدس والموقف الذي اتخذه هو ليس موقفاً من فراغ بل هو جزء من خطة، هذه الخطة إسمها صفقة القرن. ما هي صفقة القرن؟ هي مؤلفة من أربعة أمور: أولاً القدس لإسرائيل، وبدلاً من القدس الشرقية تكون أبوديس عاصمة فلسطين، ثانياً تتولى السعودية دفع الأموال اللازمة لكل اللاجئين الفلسطنيين في البلدان المختلفة كتعويض عن مساكنهم ويوقعون على عدم العودة ويبقون حيث هم ويكون بذلك قد تم إلغاء حق العودة بالكامل برعاية سعودية إماراتية وبإشراف أمريكي في صفقة القرن، ثالثاً تبقى أراضي الضفة التي بنيت عليها المستوطنات بكاملها تقريباً للإسرائيليين وتستبدل ببعض الأراضي بمساحة متقاربة من صحراء سيناء قرب غزة، رابعاً تصبح فلسطين بلدية بلا حماية وبلا جيش يقاتل وتبقى تحت الرعاية الدولية بطريقة أو بأخرى وتحت الضغط الإسرائلي حتى لا يأتي منها أي إزعاج للكيان الإسرائيلي.
ولفت الى ان هذه هي صفقة القرن التي يريدونها ولكن ضجوا من أن إجراءاتها في الزوايا المختلفة بطيئة ولا تحقق المطلوب منذ عدة سنوات والحديث قائم عن التطبيع بين السعودية وإسرائيل على قاعدة أن هذا التطبيع ينعكس على الفلسطينيين فتبيَّن أن التطبيع في مسار و الفلسطينيون يستمرون في مقاومتهم وانتفاضتهم للحلول التي تطرح.
وتابع قائلا "تبين أن ترامب وصل إلى قناعة مع إدارته أن يعلن القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي، ما الذي حصل بالفعل؟ أولاً كشف ترامب المستور الأمريكي لأن هذا الرأي هو رأي كل الإدارات المتعاقبة، وكان الاختلاف بين الإدارات المختلفة هي طريقة تظهير الموقف وتوقيت تظهيره. ما فعله ترامب أنه أظهر الموقف الأمريكي بشكل واضح وصريح، وهنا الأفضل لنا أن كشفت أمريكا عن موقفها الحقيقي وفضحت معها عرب النفط، وعرف الفلسطينيون من معهم ومن يبيع قضيتهم. عندما يعترض كل العالم على ترامب ويجتمع مجلس الأمن ومن أصل 15 دولة ترفض 14 دولة قرار ترامب فيضطر ترامب إلى إستخدام الفيتو في مجلس الأمن فهذا موقف صارخ، وتجتمع الأمم المتحدة وتقرر الاغلبية الكبيرة ب 128 دولة رفض موقف ترامب وهذا طبعاً صفعة أخرى لترامب، وهذا يبين أن القرار خطير وأن إمكانية تمريريه تكاد تكون مستحيلة".
واشار الى ان ترامب الآن يتخبط ولذا يهدد الدول التي طالبت بإلغاء القرار بقطع المساعدات وهذا دليل ضعف وليس دليل قوة، أن تقف أمريكا في جانب والعالم كله في جانب آخر هذا يدل على مستوى الحماقة التي ارتكبها ترامب ومستوى العمل الذي لا يتحمله أحد، إذاً هذا العمل لا يمكن أن يمر، والاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي لا يغير شيئاً من الواقع، لأن القدس للفلسطينيين حتى لو أعلن ترامب وغير ترامب غير ذلك وإسرائيل كيان محتل، ستبقى القدس للفلسطينيين وإسرائيل محتلة مهما فعلوا وقالوا. وعندما كانت أميركا تقود العالم بطريقة آحادية بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي، لم تتمكن من شرعنة وجود إسرائيل، ووقتها كانت أمريكا أقوى بكثير من الواقع التي عليه اليوم، أما اليوم أمريكا هي أضعف ومربكة وتعاني من أزمة قيادة داخلية ومصداقية أمام العالم هناك أقوياء يبرزون وأصحاب حق وانتصارات تحصل، إذاً لا يمكن لترامب في ظل هذه الظروف أن يحقق مبتغاه.
وشدد على ان الحل يبدأ أولاً من عند الفلسطينيين بمقاومتهم وانتفاضتهم، ولا يستطيع أحد إرغامهم على التخلي عن أرضهم، ولا يستطيع أحد أن يوقع نيابة عنهم، يمكن للإسرائيلي أن يحتل ولكنه لا يملك الأرض، هو معتدٍ ولا حق له، وهذه هي النقطة المركزية التي يجب ان ننطلق منها ونعمل على أساسها، وهنا أؤكد أن القدس قضية فلسطينية وعربية وإسلامية وإنسانية، لا تحرموها من نصرة العالم وفي آنٍ معاً كل العالم معني بالنتائج التي ستحصل في فلسطين، على هذا الاساس نحن نؤكد أن مسؤولية تحرير القدس وفلسطين هي مسؤولية جميع الناس وجميع الأحرار في العالم كلٍ بحسبه وموقعه، الجميع مسؤول بالدعم والمساندة ثقافياً وسياسياً وعسكرياً وإجتماعياً وبدعم عوائل الشهداء وبكل الوسائل المتاحة، كل جهة تعطي ما تستطيع في المجال التي تبرع فيه وخاصة فيما يعزز المقاومة وقدراتها واستمراريتها. واوضح إن نجاح حزب الله في تحرير عام 2000، وصمود غزة في ثلاث حروب وتجربة محور المقاومة الذي ترعاه إيران في ضرب الإرهاب التكفيري في كل من العراق وسوريا على الرغم من الدعم الدولي اللامتناهي الذي كان يقدم للإرهاب التكفيري واستطاع محور المقاومة أن يكسر إتجاههم في المنطقة وأن يحرر سوريا والعراق ويسدد ضربة للمشروع الإسرائيلي. هذه المؤشرات تدل على أن قرارات أمريكا ليست قدراً لازماً، فقد فشلت أمريكا في ملفات كثيرة أقل صعوبة من ملف فلسطين، ونجح المقاومون في مواجهة كثيرة فيها تحديات عالمية وسينجحون إن شاء الله في ملف فلسطين والقدس.
واكد أننا بحاجة لأن نقرر ونؤكد أن البوصلة فلسطين والقدس علينا أن لا نغفلها، فإذا كانت هي البوصلة سننجح في بلداننا وسننجح في فلسطين لأن من نجح في تصويب البوصلة بشكل صحيح نجح في خيارته الإستقلالية وأما من ضل الطريق لدواعٍ مالية أو سياسية فسيكون ضالاً في بلده أيضا ولن يحقق المستقبل. تأكدوا أن المقاومة هي المستقبل وفلسطين هي المستقبل والقدس عروسها هي مستقبلنا جميعاً.