يقفل العام 2017 على ملفين ساخنين، ما زالا يسـتأثران على إهتمام المسؤولين الفلسطينيين واللبنانيين معا، وأجواء أمنية هادئة في فترة الاعياد واكبتها القوى الامنية بإجراءات وتدابير إحترازية منعا لاي خلل او توتير، وهما نتائج "التعداد العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان" وقضية العفو العام المنوي اقراره وأهمية أن يشمل المطلوبين الفلسطينيين في المخيمات مساهمة في تحصين أمنها وإستقرارها مع الجوار اللبناني ولقطع الطريق على أي محاولة للإستغلال بأجندة غير فلسطينية.
في الملف الأول، حسم مشروع "التعداد العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان" الذي أجرته "لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني بالشراكة مع إدارة الإحصاء المركزي اللبناني والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بأن العدد للاجئين الفلسطينيين في لبنان يبلغ 174422 ألف شخص فقط، وليس نصف مليون كما تضاربت الإحصائيات حوله في لبنان، على الرغم من أصوات كثيرة معترضة على وجود خلل ما في الارقام.
وفق نتائج "التعداد الذي دام عاما واطلق رسميا من السراي الحكومي باحتفال أقيم برعاية رئيس الحكومة سعد الحريري وحضور السفير الفلسطيني لدى لبنان أشرف دبور، ورئيس الجهاز المركزي للإحصاء علا عوض، فإن العدد بلغ نحو 174.422 شخصاً، بينها 114106 فقط في المخيمات، موزعين على 55473 عائلة وبلغ متوسط حجم الأسرة 4 أفراد، وتصنف تلك الأسر 3707 الزوج فلسطيني لاجئ والزوجة لبنانية، 1219 الزوج لبناني والزوجة فلسطينية لاجئة.
وشملت عملية الإحصاء 12 مخيما فلسطينيا، و156 تجمعا، مع نسبة تغطية وصلت إلى 97.7% من الأسر المقيمة في النطاق الجغرافي للتعداد، أما نسبة التجاوب فقد بلغت 96.7%، وعدد الوحدات السكانية التي طالها التعداد بلغت 25717 وحدة سكنية، 51.2% من مجمل هذه الوحدات موجود بداخل المخيمات، مقابل 18.2% في التجمعات المحاذية للمخيمات، والباقي في تجمعات اخرى"، وفيما يتعلق بالتوزع الفلسطيني على المناطق الجغرافية، فقد جاءت النسب على الشكل التالي:
في منطقة الشمال 25.1%، في منطقة بيروت 13.4%، في منطقة الشوف 7,1% في منطقة صيدا 35,8% في منطقة صور 14,7% في منطقة البقاع 4,0%، بينما بلغت نسبة البطالة حسب الفئات العمرية، 15-19 نسبة البطالة 43.7%، 20-29 نسبة البطالة 28.5%، 30-44 نسبة البطالة 11.2% و45-64 نسبة البطالة 8.9%.
وبلغت نسبة الفلسطينيين وفق الاقامة في المخيمات، 65.4% لاجئين في لبنان، 7.4 فلسطيني نازح من سوريا، 3.6 لبناني،23.1 سوري 0.1 من جنسيات اخرى، في وقت لوحظ فيه تغيير لافت في تركيبة بعض المخيمات وخاصة ثلاثة منها البداوي في الشمال، و"برج البراجنة، شاتيلا" في بيروت، ففي شاتيلا على سبيل المثال، 29.7 فلسطينيين، 57.6 سوريين، 306 فلسطيني نازح من سوريا 8.9 من جنسيات أخرى وبلغت نسبة الأميّة 7.2، بالمخيمات والبطالة 18.4% والقوى العاملة 51.393 نصفهم داخل المخميات ولدى ارباب عمل فلسطينيين.
اليوم التساؤل الذي يدور في الأروقة الفلسطينية ماذا بعد الاحصاء وهل الدولة اللبنانية جادة فعلا في صياغة سياسات عامة لبنانية تجاه الفلسطينيين تتجاوز خلافات الماضي، وتستهدف ترجمة الفهم حول ما أقرته الكتل البرلمانية فيما يخص قضية اللاجئين الفلسطينيين، والذي أبرز الاستعداد لتوجيه مسارات العلاقات، والتعاون، وكسر المحرّمات التي سادت في البلد خلال السنوات السابقة"، وصولا الى اعطاء الفلسطينيين في لبنان حقوقهم، ضمن الأطر الميثاقية، والقانونية.
وتعدد مصادر فلسطينية لـ"النشرة" ملاحظات حول الاحصاء، أولها: عدم مشاركة وكالة "الاونروا" فيه، فهل تعتمد عليه أم تتخذه ذريعة لتقليص تقديماتها خصوصًا وان الفارق في العدد يفوق النصف، اذ يبلغ عدد المسجلين في قيودها نحو 550 الف لاجىء، ثانيها، التراجع الملحوظ في عدد اللاجئين في لبنان وله اسباب كثيرة، أبرزها هجرة عائلات بكاملها الى الدول الغربية خلال الاحداث الامنية التي حصلت في سوريا وفتح باب الهجرة، ناهيك عن الإشتباكات التي دارت رحاها في مخيم عين الحلوة اكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان، وقبلها احتلال مخيم نهر البارد من قبل مجموعات ارهابيّة واستعماله للاعتداء على الجيش اللبناني فتقلص عدد سكانه الى النصف تقريبا، بعدما كانت تقتصر موجة الهجرة على جيل الشباب وذلك بسبب ضنك العيش والأزمة الاقتصادية الخانقة التي تترنح تحت وطأتها المخيمات، ثالثها، يبعث برسالة اطمئنان إلى "أصحاب الهواجس الطائفية" في لبنان" ويفتح الباب على تحسين ظروف حياتهم واقرار حقوقهم في التملك والعمل وصولا الى إعادة طرح منح الجنسية إلى قرابة 12 ألف شخص لأمّهات لبنانيات متزوجات من فلسطينيين (المعدّل الوسطي لإنجاب اربعة آلاف لبنانية متزوجات من فلسطينيين هو ثلاثة أبناء).
يذكر ان آخر دراسة صدرت عام 2015 واظهرت أن العدد الفعلي للاجئين الفلسطينيين في لبنان يتراوح بين 260 ألفاً و280 ألفاً وقد أطلقتها "الجامعة الأميركية في بيروت" في دراسة بالتعاون مع "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين" (أونروا)، عن "الحالة الاقتصادية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين في لبنان"، وتناولت فيها اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان والنازحين من سورية.
وأشارت الدراسة يومها إلى أن "العدد الفعلي للاجئين المقيمين في لبنان يتراوح بين 260 ألفاً و280 ألفاً، وليس 496 ألفاً كما هو متعارف عليه" وبحسب الدراسة فإن "63 في المئة من اللاجئين الفلسطينيين يقيمون داخل المخيمات التي يبلغ عددها 12، ويسكن البقية (37 في المئة) خارج المخيمات.
وبحسب التوزيع الجغرافي الذي عرضته الدراسة "يقع أكبر تجمّع للفلسطينيين في الجنوب، وتحديدا عين الحلوة في صيدا (15 في المئة) والرشيدية في صور (12 في المئة) ويقيم 4 في المئة من اللاجئين في محافظة البقاع، و20 في المئة شمالاً، و24 في المئة بين بيروت وجبل لبنان.
العفو اللبناني العام
في الملف الثاني، فقد أكدت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، ان القوى الفلسطينية بدأت حراكا من اجل ان يشمل قانون العفو اللبناني العام المتوقع، المطلوبين الفلسطينيين في المخيمات، الى جانب الموقوفين الاسلاميين، وسجل لقاء بين "القوى الاسلامية" والنائب بهية الحريري، وآخر مع رئيس "الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة" الشيخ ماهر حمود، فيما تتحرك سفارة فلسطين على الخط للوصول الى النتيجة المرجوة، وبإعتقاد المصادر انها "فرصة ذهبية" لن تتكرر وستساهم جديا في تحصين أمن المخيمات وإستقرارها مع الجوار اللبناني وبقطع الطريق على أي محاولة للإستغلال بأجندة غير فلسطينية.
ويؤكد الناطق الرسمي بإسم "عصبة الانصار الاسلامية" الشيخ أبو شريف عقل، على ضرورة ان يشمل العفو العام الجميع وخاصة الفلسطينيين المقيمين في المخيمات، قبل ان يميز فيه كي يصبح الطرح منطقيا وقابلا للتحقيق، "المهم أن لا يكونوا متورطين بدم أو قتل أو اعتداء على الجيش والمؤسسات الأمنية"، وبرأيه "ان القسم الأكبر من المطلوبين داخل المخيمات بتقارير كيديّة وإطلاق نار، ان شاء الله سيكون هناك حل لموضوعهم".
وما لم يقله عقل، عبرت عنه أوساط فلسطينية متابعة، من أن شمول العفو العام المطلوبين الفلسطينيين سيأتي الخطوة الاخيرة لاقفال ملف المطلوبين، بعد ان شهد خطوات سابقة على مسارات مختلفة ابرزها التسليم الطوعي او القسري، او الرحيل عن المخيم وفق ما دخلوا اليه.
ويأمل ممثل حركة الجهاد الاسلامي في لبنان احسان عطايا، في حديث لـ"النشرة" أن يشمل العفو العام، المطلوبين الفلسطينيين في لبنان، لأنه يسهم جديا في تحصين أمن المخيمات والجوار اللبناني ويقطع الطريق على أي استغلال مشبوه لبعض الفلسطينيين"، مؤكدا أن "الفلسطيني لن يكون إلا عامل أمن وأمان واستقرار للبنان الذي قدم الكثير من التضحيات في سبيل القضية الفلسطينية، وما زال، شاكرا وقوف لبنان إلى جانب الشعب الفلسطيني بوجه قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب والمشروع الأميركي-الصهيوني على مستوى رئاسة الجمهورية والبرلمان والحكومة والأحزاب الوطنية والإسلامية والمنظمات الأهلية والعلماء والشخصيات والفعاليات وعموم الشعب اللبناني الشريف.