حين تلجأ الولايات المتحدة وحلفاؤها، إلى خيار إشغال ساحات الدول المناهضة لها، بالتظاهرات والاضطرابات وعمليات التخريب، معنى ذلك أنّ الخيارات الأخرى كلّها باتت بلا جدوى. وبالتالي فإنّ سقوط خيار إشغال الساحة الإيرانية من الداخل، هو بمثابة هزيمة مدوّية للولايات المتحدة وحلفائها ولمشاريعها.
عمليات التخريب والأفعال الجرمية التي نفّذها متظاهرون في بعض المدن الإيرانية، دلّت بوضوح على أنّ هناك دولاً معادية على رأسها أميركا، هي مَن يُحرّك المتظاهرين بوجه الحكومة الإيرانية، ولن يمضي وقت طويل حتى تتكشف الحقيقة الكاملة التي تثبت مشاركة عناصر إرهابية في إحداث الاضطرابات لضرب استقرار إيران، وإشغالها عن قضية فلسطين التي تضعها في رأس سلّم أولوياتها واهتماماتها.
واضح، أنّ الولايات المتحدة التي اعترفت بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال الصهيوني، لا تكترث بمقرّرات وبيانات تصدر عن مجلس وزراء الخارجية العرب، ولا تهتزّ فرائصها من «دوي» مقرّرات تصدر عن منظمة المؤتمر الإسلامي، فلأميركا حلفاء وأدوات كثر من بين هذه الدول العربية والإسلامية لا يخرجون عن طاعتها. كما أنّ أميركا لم تُعِرْ أيّ اهتمام لقرار الجمعية العام للأمم المتحدة الذي يُبطل قرار ترامب، لا بل توعّدت المصوّتين على القرار بوقف المساعدات عن الذين يتلقون المساعدات منها، وعن منظمة الأمم المتحدة.
إنّ ما تخشاه أميركا، و»إسرائيل» وحلفاؤهما، هو الدعم المطلق الذي تقدّمه إيران للمقاومة في فلسطين، والدور الذي تؤدّيه إيران في مواجهة الإرهاب ودفاعاً عن القدس وكلّ فلسطين. ولذلك، فإنّ إشغال إيران داخلياً، هو لحرف الأنظار عن الإجراءات والخطوات الأميركية ـ «الإسرائيلية» لتصفية المسألة الفلسطينية، حيث عمد كيان الاحتلال الصهيوني الى إصدار قوانين بضمّ المستوطنات وتشريعها في مناطق القدس والضفة الغربية.
والسؤال، ماذا بعد فشل مخطط إشغال الساحة الإيرانية؟ وكيف ستردّ إيران على مَنْ حاول المسّ باستقرارها الداخلي؟
إيران التي تدرس خطواتها كافة بعناية، تعرف جيداً ما الذي يؤلم أميركا ويوجع «إسرائيل» ويقلق أدواتهما في المنطقة. وهي تمتلك خيارات متعدّدة لتصعيد المواجهة مع أعدائها.
ما هو مؤكد أنّ أميركا التي تصفها إيران بـ «الشيطان الأكبر» استنفدت خيارات الحصار والعقوبات والاستنزاف بالملف النووي، واستنفدت أيضاً خيار إشغال إيران بالاضطرابات… أما إيران فلا تزال الخيارات كافة متاحة أمامها… ما يمكّنها مع سورية وقوى المقاومة من إفشال مخطط تصفية المسألة الفلسطينية.
المحاولة الفاشلة لإشغال إيران وتهديد أمنها، لن تمرّ، فكيان الاحتلال الصهيوني لن يكون بمنأى عن الإشغال، وتنتظره انتفاضة فلسطينية جديدة، تسندها مقاومة قادرة على فتح جبهات عدة في آن واحد. وبهذه المعادلة الردعية الجديدة، يسقط قرار ترامب وتسقط قوانين العدو الاستيطانية، ويسقط مخطط تصفية المسألة الفلسطينية.