أحالت النيابة العامة الفرنسية، الأسبوع الفائت، 15 شخصاً من بينهم لبنانيون الى المحاكمة بتهمة تأليفهم شبكة متطورة الهيكلية والتنظيم لتبييض أموال المخدرات في أوروبا اطلق عليها اسم «سيدر». وخلصت التحقيقات الى أن المشتبه فيهم اشتروا، بواسطة أموال مصدرها مبيعات الكوكايين في أوروبا، كميات كبيرة من المجوهرات والساعات والسيارات الفخمة وشحنوها الى لبنان والى بعض دول غرب افريقيا.
وزعمت السلطات القضائية الفرنسية، بحسب الصحافي الفرنسي فينسان مونيي («لو نوفيل اوبزيرفاتور») أن «مدير مكتب الاستخبارات، وهو جنرال في الجيش اللبناني» يسهّل ادخال هذه المشتريات الى لبنان عبر مطار بيروت.
أبرز المشتبه فيهم لبناني يدعى م. ع. (ملقب بـ«ألكس») مقيم بين كولومبيا ودبي والولايات المتحدة ولبنان، اعتُقل في ميامي أواخر العام الفائت. واعترف «ألكس» بأنه يبيّض أموالاً لصالح الكارتيل الكولومبي «لا اوفيسينا» في أوروبا. ولدى التوسع في التحقيق تبيّن للسلطات الاميركية أنه يتعاون مع اشخاص آخرين من بينهم زوج مطربة لبنانية، وصرّاف لبناني يدعى م. ن. والأخير أوقفته السلطات الفرنسية العام الفائت في مطار شارل دي غول، بعدما تبين لها انه كان مكلفاً جمع أموال المخدرات تمهيداً لتبييضها من خلال شراء ساعات ومجوهرات وسيارات فخمة تشحن الى لبنان ودبي. كما أوقف لبناني يدعى ع. ز. في فندق «برانس دو غال» الفخم في باريس وصودرت في حوزته ساعات بقيمة 14 مليون يورو.
السلطات القضائية لم تستدع شقيق الحريري بعد رورد اسمه في إحدى الافادات
وكانت وكالة مكافحة المخدرات الاميركية (DEA) قد تواصلت مع المكتب المركزي الفرنسي لمكافحة الجرائم المالية الكبيرة (OCRGDF) مزودة إياه معلومات عن وجود عدد من المشتبه فيهم بتبييض الاموال في باريس، ومن بينهم عدد من اللبنانيين الذين تزعم انهم يعملون لصالح حزب الله. وبالفعل، تمكنت السلطات الفرنسية بالتعاون مع أجهزة تحقيق أوروبية من تفكيك شبكة لتبييض أموال «الكارتيل» الكولومبي من خلال توقيف عدد من المشتبه فيهم من بينهم لبنانيون. لكن لم يُعثر على دليل واحد يثبت علاقة الحزب بهذه القضية.
محققو وكالة مكافحة المخدرات الاميركية أبلغوا السلطات الفرنسية بأن الهاتف الجوال الذي يعود الى الموقوف م. ن. كان يتواصل مع الهاتف الخاص لشخص يدعى م. ع. المعروف لديها بتواصله مع حزب الله. وهي معلومة غير كافية لإثبات علاقة الحزب بتبييض أموال المخدرات. شأنها شأن معلومة أخرى توافرت لسلطات التحقيق الفرنسية عن احتمال ضلوع فهد رفيق الحريري، شقيق الرئيس سعد الحريري، في تبييض الاموال من خلال افادة سائق يدعى ع. م.، لكنها لم تكن كافية لاستدعائه.
وكشفت السلطات الفرنسية أخيراً أن الشبكة المزعومة عملت منذ 2012 على تبييض عشرات ملايين الدولارات سنوياً في أوروبا بعد تمكن مهرب كولومبي معروف بـ«ايل شابولين» من «نقل عدد من المستوعبات التي تحوي كميات من الكوكايين من المكسيك الى أوروبا». إلا أنت جميع الموقوفين في هذه القضية نفوا نفياً قاطعاً علمهم بأن مصدر الاموال هو الاتجار بالكوكايين، وادعوا ان مصدرها التهرب الضريبي وهي تعود الى جهات ديبلوماسية وفنية.
«كاساندرا» بحلة جديدة «تلاحق» حزب الله!
«كاساندرا» هو الاسم الذي اطلقته وكالة مكافحة المخدرات الاميركية (DEA) على عملية تزعم انها تستهدف «مكافحة مصادر تمويل حزب الله» من خلال ملاحقة عمليات تبييض أموال بيع الكوكايين الكولومبي. غير ان هذه العملية التي انطلقت منذ عشر سنوات وخصصت لها الحكومة الاميركية موارد مالية واستخبارية ضخمة، لم تمكن السلطات القضائية الاميركية من تحديد دليل مباشر وحاسم يثبت ضلوع الحزب في جرائم تبييض أموال المخدرات. ومع وصول الرئيس دونالد ترامب الى سدة الرئاسة، يبدو أن المشروع بات يحظى بدعم مضاعف، وانتقل الى مرحلة جديدة قوامها توسيع مجال الملاحقات القضائية من الولايات المتحدة الى أوروبا.