من المنتظر أن تكون معركة كسروان-جبيل النيابية من أقوى المعارك السياسية، نظراً لكونها ستجري في كسروان عاصمة الموارنة وحيث الثقل المسيحي، إلا أن المشهد هذه المرّة سيشهد إختلافاً تاماً عن الدورة السابقة التي جرت فيها الإنتخابات النيابية بعد العام 2005 حيث كان رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" السابق ميشال عون يشكّل الرافعة الأساسية للائحة.
"غياب اسم الرئيس ميشال عون عن لائحة كسروان-جبيل يرفع من حظوظ خرقها، وهذا ما تدركه "القوات" جيداً وتسعى للاستفادة منه، إضافة الى عدّة عوامل أخرى أهمها غياب الخطاب السياسي القوّي وإطلاق عجلة الماكينات الانتخابية الحزبية بصخب"، بحسب ما تؤكد مصادر متابعة لما يحصل، مضيفة: "لا يزال رئيس بلدية جبيل السابق زياد حواط المرشح الماروني الوحيد للقوات في هذه الدائرة ليكون الى جانب النائب السابق فارس سعيد الذي لم يحسم بعد عن أي قضاء سيترشح كسروان أم جبيل".
في الاسبوع الماضي وبحسب المصادر حصل لقاء في بلدة ميفوق كان حاضراً فيه فارس سعيد ورئيس بلدية ميفوق وجمع من الأهل إضافة الى رئيس جمعية الصناعيين السابق نعمة افرام الذي حاول تغطية خبر حضوره للقاء ولم ينجح، ويومها أكد الحضور دعمهم لسعيد في الانتخابات النيابية، وهنا بدأت الرواية.
تؤكد المصادر أن "سعيد يملك قوّة تجيرية في جبيل تصل الى حوالي ستة آلاف صوت وهو رقم لا بأس به حسب القانون الحالي"، وتلفت الى أن "ترشح سعيد الى جانب حواط في جبيل سيؤدّي الى خسارة رئيس بلدية جبيل السابق حكماً وهذا ما لا تريده القوات"، وتضيف: "مؤخراً غرّد سعيد معلناً نيته الترشّح عن كسروان وهنا يكمن المخطّط الذي يقضي بترشيح القوات لحواط كمرشح ماروني منفرد عن جبيل الى جانب مرشح شيعي مقرّب من حركة "أمل" والمرجح أن يكون من بشتليدا أو "لاسا" مقابل دعم "القوات" لسعيد في كسروان، وبالتالي يجيّر سعيد أصواته التفضيلية لحواط في جبيل مقابل أن يحصل على أصوات "القوات" التفضيلية في كسروان".
تشير المصادر الى أن "كتلة حواط الناخبة تتضمّن القوات، الكتائب، قدامى الكتلة الوطنية، جزء من "التيار الوطني الحر" مقابل الخدمات التي قام بها في البلدية، وعدد من السنة والشيعة والأرمن داخل مدينة جبيل، ولكنه في المعركة السياسية يخسر منهم جزءاً نظراً لعودة أغلب الناخبين الى خيارات الأحزاب التي يميلون اليها، وبالتالي سينطلق من عدد أصوات أقل بكثير من المتوقع، وسيكون اغلبهم من القواتيين وبعض الذين "يدينون" له مقابل الخدمات التي قدمها لهم.
وتقول المصادر، "في قضاء جبيل تتمركز الاصوات القواتية في ميفوق، مجدل العاقورة، العاقورة، قرطبا، إهمج، فيما التواجد القواتي الشكلي في مشاريعها، في البريج ومستيتا"، لافتةً الى أن "من يسكنون تلك المشاريع هم قواتيون ولكن بأغلبهم ليسوا ناخبين في جبيل"، وتضيف: "الى جانب تلك الاصوات سيحصل حواط على أصوات فارس سعيد في المدينة إذا ما تم الاتفاق بين الاخير والقوات اللبنانية على ترشيحه في كسروان ما سيضمن فوز حواط حكماً".
أمام هذه المسألة يُبقي "التيار الوطني الحر" ترشيحاته على حالها في جبيل (عباس هاشم، سيمون ابي رميا ووليد خوري) إلا في حال انضمام رئيس جمعية الصناعيين السابق نعمة افرام الى لائحة التيار في كسروان وبالتالي حكماً، وبحسب المصادر فإن "العونيين سيلجأون الى استبدال خوري بعضو المكتب السياسي في "التيار الوطني الحر" ناجي حايك نظراً لصلة القرابة التي تجمع افرام بخوري".
في مقابل ذلك تشير المصادر الى أن افرام الذي ينطلق من دعم العائلات الكسروانية له ومن الخدمات التي قام بها لم يحسم خياره في الترشّح مع "القوات"، اولا لكونه يملك كتلة من الأصوات تجعله منافساً قوياً على اللائحة التي يختارها، وثانيا لأن أرجحية فوز القوات في كسروان لا تتعدّى المقعد الواحد، وتلفت الى أنه "في حال انضم افرام الى لائحة "القوات" فإنها ستحصل على الحاصل الانتخابي فيما ستقوم هي بتجيّير أصواتها التفضيلية لمرشحها ما سيؤدي لخسارة افرام حكماً"، وتضيف: "أما في حال كان مرشحاً على لوائح "التيار" فإن حظوظه بالفوز ترتفع نظراً لأرجحية فوز "التيار" بأكثر من مقعد في كسروان نظراً لكونه القوّة التجييرية الأكبر من الأصوات في ذلك القضاء".
إذاً لم يحسم افرام خياراته وكذلك "التيار الوطني الحر" الذي يبقى الثابت الوحيد على لائحته في كسروان العميد شامل روكز. وتضيف المصادر، "يتوقّع أن تضم اللائحة وزير الداخلية السابق زياد بارود، النائب جيلبرت زوين وفريد الياس الخازن نظراً لكونهما من العائلات الكسروانية المعروفة والتي تقدّم الخدمات وتستطيع تجيير الاصوات للائحة، إضافة الى مرشح ماروني خامس متأرجحا بين أنطوان عطالله الذي خاض الانتخابات الداخلية في "التيار" ورجل الأعمال روجيه عازار".
إذاً في ظلّ ارتسام الصورة على هذا الشكل يبقى مؤكداً أن الضبابيّة لا تزال حتى مسيطرة حتى الساعة بالنسبة الى الاسماء والتحالفات، ولكن الثابت الوحيد أن كسروان-جبيل عاصمة الموارنة ستشهد كبرى المعارك المسيحيّة التي قد تغيّر التوازنات بين أكثر من لائحتين الاولى للقوات والثانية للتيار والثالثة قد تكون لمنصور البون.