لفت متروبوليت بيروت وجبيل وتوابعهما للروم الكاثوليك المطران كيرلس بسترس خلال ترؤسه قداسا لمناسبة عيد الظهور الإلهي في كنيسة القديس يوحنا الذهبي الفم في مطرانية بيروت للروم الكاثوليك - طريق الشام إلى "اننا نعيد اليوم عيد الغطاس هذا العيد الذي ندعوه لاهوتيا عيد الظهور الإلهي، فعندما غطس يسوع في مياه الأردن واعتمد على يد يوحنا الذي يدعى "المعمدان" لكونه عمد المسيح، اعتلن للعالم الثالوث الإلهي، فالله الآب أعلن عن يسوع: "هذا هو ابني الحبيب" والروح القدس ظهر على يسوع ليؤكد حقيقة الكلمة، بأن يسوع هذا هو في الحقيقة ابن الله المسيح أي الممسوح من الروح القدس. بظهور يسوع المسيح في نهر الأردن ظهرت نعمة الله على الأرض، كما يقول بولس الرسول: "لقد تجلت نعمة الله المخلصة لجميع الناس" كلمة الله نزل من السماء ليرفع الناس الى السماء. اصطبغ بإنسانيتنا ليجعلنا نصطبغ بألوهيته. ولا كمال للانسان إلا بصبغة الله. لبس طبيعتنا البشرية ليلبسنا طبيعته الإلهية، كما يقول بولس الرسول: "أنتم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح". الوصول الى الله هو حلم البشرية منذ بدايتها. هذا ما يصوره سفر التكوين بقوله ان آدم أراد أن يصير إلها "من دون الله، فخاب أمله، وكل ما حصل عليه هو انه اكتشف عريه. لذلك صار ابن الله إنسانا ليجعل من كل إنسان ابنا لله. ويلبسنا مجده، لا سبيل للناس للوصول الى التأله إلا بواسطة ابن الله، الذي هو "الوسيط الوحيد بين الله والبشر" لكونه من الله ومن البشر في الوقت عينه".
وأشار إلى أن "كل من يؤمن بأن يسوع هو المسيح ابن الله يعتمد كما اعتمد المسيح ليصير به ومعه ابن الله، بحسب ما جاء في مقدمة إنجيل يوحنا: "جاء الى خاصته، وخاصته لم تقبله، أما الذين قبلوه فقد أتاهم سلطانا أن يصيروا أبناء الله، أبناء لم يولدوا من دم، ولا من رغبة جسد، ولا من إرادة رجل، بل من الله". ان وصية المعمودية هي الوصية الأخيرة التي أوصى بها يسوع تلاميذه قبل ارتفاعه الى السماء: "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الأب والإبن والروح القدس، وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به، وهأنذا معكم كل الأيام الى انقضاء الدهر".
وتابع "في سائر الأديان ثمة طقوس مختلفة للوصول الى الله. أما في المسيحية فالله نفسه اتى الينا في شخص ابنه وكلمته يسوع المسيح. يقول اللاهوتي الألماني كارل رانر موضحا جوهر الرسالة المسيحية: "إن ما يشكل بالنسبة الي، القلب الحقيقي، والوحيد للمسيحية ولرسالتها هو ان الله قد أعطى ذاته عطاء حقيقيا لكائنات بشرية في ما يكون كامل حقيقته ومجده، هو الإعتراف بالحقيقة التي يعجز العقل عن ادراكها: وهي ان الله نفسه، مع حقيقته ومجده اللامتناهي، مع قداسته، وحريته، يمكن أن يأتي الينا حقا وبدون انتقاص، في وسط وجودنا كخلائق، مقابل ذلك كل ما تقدمه المسيحية او تطلبه منا هو على سبيل الموقت والنتيجة الثانوية.
وأضاف "مجيء الله الينا في شخص ابنه وكلمته يسوع المسيح هو ما يدعوه الإنجيل "الملكوت" الذي يعني ملك الله في قلوب البشر من خلال اتحادهم بالمسيح. لذلك قال آباء الكنيسة منذ اوريجانيس في القرن الثالث: ان يسوع المسيح هو "الملكوت بالذات" ومن يعتمد بالمسيح يدخل منذ الآن في الملكوت السماوي لأن السماء ليست مكانا بل هي صفة لله الذي لا يحده مكان ولا زمان. هذا ما يعيشه القديسون الذين وصلوا منذ هذه الحياة الى الإتحاد الكامل بالله من خلال اتحادهم بالمسيح وسلوكهم بالروح القدس الذي كان المسيح ممتلئا به، هؤلاء يكونون مع المسيح فجر البشرية الجديدة المشعة بنور المسيح والممتلئة من روحه القدوس مع ثماره التسعة التي يذكرها بولس الرسول في رسالته الى الغلاطيين بقوله: "أما ثمار الروح فهي: المحبة والفرح والسلام، وطول الأناة واللطف والصلاح، والامانة والوداع والعفاف".
وأشار إلى أن "أمنيتنا لهذه السنة الجديدة أن ينتشر نور المسيح في العالم كله، ويمتلىء الناس من الروح القدس ويثمروا ثماره، ليكون لنا على هذه الأرض بعض أيام السماء".