أظهرت مواقف كل من الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الاميركيّة حيال عدد من الملفات الساخنة في منطقة الشرق الاوسط تباينا واضحا، كما كانت هناك معطيات تعكس عدم وجود سياسة أوروبية معادية لإيران في هذا السياق .
ففي ملف اعلان الرئيس الاميركي دونالد ترامب القدس عاصمة لإسرائيل، وجدت واشنطن نفسها وحيدة في مجلس الامن، بينما وقفت كل أوروبا وبقية الاعضاء ضد واشنطن، عندما طرح الملفّ امام هذا المجلس بناء على اقتراح أميركي .
اما في الملف الإيراني فكان هناك توجه لدى أوروبا بعدم الذهاب بعيدا في انتقاداتها لإيران، حيث قال الاتحاد الاوروبي ان التغيير في ايران هو مسؤولية الشعب الإيراني، داعيا الى ضبط النفس، بينما دعمت ادارة الرئيس ترامب المتظاهرين وهددت باتخاذ عقوبات جديدة ضد طهران بسبب قمع النظام للحريات ومساندة الاٍرهاب، اضافة الى الخلاف القائم بينهما حول الملف النووي الإيراني .
اما في ما خَص ليونة أوروبا تجاه هذه الأزمات فمن الملاحظ أنه بعد مرور ايام على انطلاق المظاهرات والاحتجاجات في ايران ووقوع ضحايا مدنيين نتيجة الاشتباكات مع قوى الامن، دعت فيديريكا موغيريني المتحدثة باسم الاتحاد للسياسة الخارجية، الى ضبط النفس معلنة ان الاتحاد "يقوم برصد الوضع" بعد المحادثات التي اجراها مع السلطات الإيرانية، "ويأمل بضمان الحق في التظاهر السلمي وحرية التعبير".
وأعرب كل من وزير الخارجية البريطاني بوريس جوناسون ووزير الخارجية الألماني سيغمار غابرييل عن أملهما بأن يتمتع المتظاهرون بالحق في الاحتجاج واحترام الحكومة الإيرانية هذه الحقوق .
في هذا السياق، تنظر مصادر سياسية أوروبية رفيعة الى هذه التصاريح على انها تعكس المعضلة التي يواجهها اعضاء الاتحاد الاوروبي نتيجة الإضطرابات الحالية في ايران.
وقالت هذه المصادر ان النهج الحذر ازاء الأحداث الإيرانية هو نتيجة الاستثمارات الاقتصادية والسياسية الرئيسية، حيث صدّرت أوروبا منذ العام ٢٠١٦ وحده ما مجموعه ١٠ مليار دولار الى ايران .
وعلاوة عن ذلك، كان لافتا توخّي كل من المملكة المتحدة وألمانيا الحذر في تصريحاتها لتجنب اثارة غضب النظام في طهران، وعلى سبيل المثال مطالبة جميع الأطراف المعنية الامتناع عن العنف، وهو ما فسرته المصادر بأن اكبر كتلة في العالم اقتربت من فهم رسائل ايران .
واعربت المصادر عن اعتقادها بأن العامل الاقتصادي يطغى على اي اعتبارات اخرى، وانه مهما كانت العقوبات الاميركية على طهران، فإن الاتحاد الاوروبي ليس في وارد إلحاق الضرر بالنظام الإيراني .
وتعتقد المصادر ان اصرار الاتحاد الاوروبي على عدم المس بالاتفاق النووي مع ايران، من شأنه ليس فقط أن يؤمن مصالح اقتصادية كبرى، بل من ان اعتماد هذه السياسة هو ما سيجعل ايران اقل تطرفا، وليس السياسة التي تعتمدها واشنطن حيال هذه الدولة .
وقالت المصادر ان إستراتيجية المواجهة ستؤدي الى احتمال حصول نزاعات مسلحة وربما الى حرب لن تكون ايران بالضرورة هي الخاسر الأكبر فيها، ولن تحدث تغييرا في النظام القائم هناك.
وخلصت المصادر للقول بأن سياسة الاحتواء التي يعتمدها الاتحاد الاوروبي هي الاكثر عقلانية مع وجود الرئيس حسن روحاني المعروف باعتداله في سدة رئاسة الجمهورية، عكس ما كان عليه الحال في عهد الرئيس محمود احمدي نجاد .