رأت أوساط سياسية مطلعة في بيروت ان لبنان دخل مرحلة تثبيت "لاءاتٍ" في أكثر من ملفّ بما يشبه "ربْط نزاعٍ" مع "ساعة الحقيقة" التي ستدقّ مع قفْل صناديق الاقتراع وارتسام النتائج في استحقاقٍ يُسابِق بلوغ أزماتٍ عدة في المنطقة مفترقات حاسمة ستفضي الى استيلاد نظام إقليمي جديد تحتاج التوازنات الجديدة فيه الى ترجمات داخل "ساحات النفوذ" تكرّس "تفوّق" هذا اللاعب وذاك تبعاً لكيفية "تَقاسُم كعكة" الأدوار التي رُسِّمت بالدم.
واشارت الأوساط عبر "الراي" الكويتية الى ان شعار "لا نقبل بأي تطيير للانتخابات" الذي رفعه بالدرجة الأولى رئيس البرلمان نبيه بري رداً على دعوة "التيار الوطني الحر" الى إدخال تعديلات على قانون الانتخاب تفادياً لأي طعن بنتائج الانتخابات (نتيجة سقوط اعتماد البطاقة الممغنطة) وبما يوفّر آلية لاقتراع الناخبين الراغبين في أماكن سكنهم (وليس مكان قيدهم) ينطوي في "مقلبه الآخر" على رسالةٍ مزدوجة: الأولى بأن ما يراد هو تفادي إحياء أي إصلاحاتٍ من شأنها التأثير في "النتيجة المفترضة" التي يعتقد "حزب الله"، شريك بري في الثنائية الشيعية، أن من المرجّح الوصول إليها عبر الانتخابات بما يسمح بإمساك الحزب مع حلفائه بالغالبية في لحظة بلوغ لعبة "الفرز والضم" في المنطقة نهاياتها التي تستدعي "تسييل" ما أفرزتْه من موازين قوى على الأرض في "الأنظمة الجديدة".
واشار الى ان الرسالة الثانية عبّر عنها ما نُقل عن بري أمس من أنه يملك معلومات عن أن "هناك من لا يريد الانتخابات داخليّاً وخارجيّاً"، في إشارةٍ فُسِّرت بأنها برسْم السعودية التي يتّهمها قريبون من بري و"حزب الله" بأنها غير متحمّسة للانتخابات لاقتناعها بأنها ستفضي الى فوز "حزب الله" بالأكثرية نتيجة القانون الذي سبق لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير ان أطلق إشارة سلبية باتجاهه حين تحدّث عن "أن الرئيس عون وحزب الله استخدما رئيس الحكومة سعد الحريري واجهة لتغيير قانون الانتخاب".
ومن هنا في رأي الأوساط السياسية فإن إجراء الانتخابات في مواعيدها بات بالنسبة الى "حزب الله" بمثابة "معركة" تشكل امتداداً للمواجهة الإيرانية - السعودية في المنطقة، وهو ما يجعل الكلام عن إمكان تأجيل الانتخابات غير واقعي من هذه الزاوية، ناهيك عن عدم قدرة عهد عون على تحمُّل مثل هذه "الضربة" ولا رغبة الحريري بإغضاب المجتمع الدولي الراغب بمساعدة لبنان في 3 مؤتمرات خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وفي ما خص "مرسوم الأقدمية"، تشير الأوساط عيْنها الى أن شعار "لا مرور للمرسوم" من دون توقيع وزير المال الذي يرفعه بري ويدعمه فيه "حزب الله" من الخلف سرعان ما تكشّف عن رغبةٍ بتكريس حقيبة المال للطائفة الشيعية وتثبيت توقيعها على كل المراسيم في السلطة التنفيذية (الى جانب رئيس الجمهورية المسيحي ورئيس الحكومة السني)، في ما يشبه انتزاعاً لعُرف جديد في النظام من بوابة اتهام رئيس الجمهورية ضمناً بأنه يسعى إلى استعادة صلاحيات ما قبل الطائف.
ورأت هذه الأوساط ان قفْز موضوع الطائف وتفسير الدستور ونصوصه الى الواجهة في هذه المرحلة يشكّل خطراً فعلياً في الطريق الى الانتخابات، متخوّفة من انه وبمعزل عما اذا تمّ ايجاد مَخرج لأزمة المرسوم، فإن المرحلة المقبلة قد تشهد استغلالاً لأي "دعسة ناقصة" في هذا الملف او ذاك، او افتعالاً لإشكالات دستوريةٍ لمحاولة ترجمة ما يعتبره "حزب الله" انتصاراتٍ في الخارج وما يتوقّعه من انتصارٍ انتخابي "في النظام" وعلى أنقاض الطائف، ولافتة الى ان على جميع الحريصين على "الطائف الأصلي" تَفادي تقديم "هدايا مجانية" للراغبين في "الانقضاض عليه".