لم تنته بعد القراءات المتعددة والمتمعنة، لمحور المقاومة والممانعة لعملية محاولة اغتيال الكادر في حركة حماس محمد حمدان في صيدا الاحد الماضي وخصوصاً داخل البيئة القيادية لحزب الله وخصوصاً العسكرية والامنية منها. في الشكل انتهت العملية بفشل الاغتيال ونجاة حمدان الذي يتماثل الى الشفاء وانتهت «الهزة» الامنية التي سببها الانفجار بعد ساعات قليلة اذ توافد مئات المشجعين الى صيدا من الجنوب وبيروت والبقاع لحضور مباراة رياضية بكرة القدم لفريق النجمة.
ولم تنجح العملية في «تسميم» الجو الامني والمستقر في صيدا والجنوب خصوصاً بعد الوضع الآمن في لبنان كله وفق ما تؤكد مصادر قريبة من حزب الله. وترى المصادر ان الجانب الآخر من محاولة الاغتيال بعد الشكل، هو في المضمون وفي اكتشاف ابعاد محاولة الاغتيال و«الرسائل المشفرة» التي يحملها، وهذه الابعاد ستتوضح بعد انتهاء مديرية المخابرات في الجيش اللبناني من تحقيقاتها، اذ يتبين حتى الآن البصمات الاسرائيلية الا ان التركيز هو على نقطة اساسية وهي : هل قام الاسرائيلي بالعملية مباشرة او ان طرفاً يعمل لحسابه قام بالعمل؟ فالاجابة على هذه النقطة ستحدد كيفية التعاطي مع هذه الاجابة وتداعياتها وخصوصاً ان تأكيد مسؤولية العدو عن العملية بشكل مباشر سيرتب نتائج مختلفة وهي انه خرق قواعد «الاشتباك» والردع الذي ارسته المقاومة منذ عملية مزارع شبعا العام الماضي. فالعدو الذي يتحمل مسؤولية مباشرة في العملية من الناحية السياسية ولكون تاريخه وسجله حافلين بالاجرام والاعتداءات واستهداف المقاومتين الفلسطينية واللبنانية وكوادرهما في معظم انحاء العالم ولا سيما في لبنان وسوريا وفلسطين. فالعمل يحمل بصمته ايضاً في صيدا من حيث الشكل والهدف السياسي والامني ولكن لتأكيد المدى الاستراتيجي للعملية يجب انتظار نتائج التحقيقات لأن خرق العدو المستمر والمتمادي الى حد بناء جدار فاصل داخل الاراضي اللبنانية والتجرؤ الى حد تنفيذ اغتيال داخل لبنان يعد خرقاً خطيراً وممهوراً بالدم هذه المرة للقرار 1701 وقواعد الاشتباك فيه.
وتقول المصادر ان المقاومة والتي تحمل العدو مسؤولية اي اعتداء وستجعله يدفع ثمن اي تهور او اية حماقة يرتكبها ولن تقف مكتوفة الايدي في وجه اعتداءات العدو وتقرأ ملياً في مضمون هذه الرسالة وابعادها ومن تستهدف. فهي تستهدف العلاقة بين قوتي مقاومة وتتمثلان بحماس وحزب الله وفي حملهما لواء الدفاع عن فلسطين والقدس وكل الحقوق العربية والتصدي للمشروع الاميركي والصهيوني في المنطقة وادواتهما.
كما ان العملية تستهدف رفض حماس وحزب الله وكل قوى المقاومة للقرار الاميركي بجعل القدس الشريف عاصمة للكيان الغاصب ودعوتهما الى انتفاضة شعبية في الداخل واستمرار المقاومة بكل اشكالها وبما فيها المسلحة ونبذ كل محاولات التطبيع والاستسلام للعدو والوقوع في فخ ما يسمى بالمفاوضات.
ووفق المصادر نفسها فإن العملية ايضاً تستهدف الامن والاستقرار اللبناني ومحاولة تفجيره واعادة زرع الخوف من عودة مسلسل التفجيرات.
وترى المصادر ان اختيار صيدا والجنوب لتنفيذ عملية الاغتيال بعد فترة طويلة على اغتيال الشهيدين الاخوين مجذوب هدفه ايضاً توجيه رسالة للمخيمات ولكل الفلسطينيين في لبنان بأنهم مستهدفون من العدو وانه يحاول ترهيبهم وفرض اجندات بالدم عليهم على غرار قرار تزوير هوية القدس وتصفية القضية الفلسطينية.
تغيير العدو الصهيوني وفق المصادر لساحة الاشتباك من الميدان السوري والفلسطيني الى الميدان اللبناني مع كل قوى المقاومة اللبنانية والفلسطينية منها خصوصاً، يؤكد ضرورة درس حزب الله لكل ابعاد هذه العملية ملياً والبناء على نتائج التحقيقات لاخذ القرار المناسب فالمقاومة تعتبر ان حق الرد وارد وموجود في التوقيت المناسب والشكل المناسب ووفق ما تقدره هي وهو حق متواصل منذ مدة ولا ينتهي مع مرور الايام فأي محاولة لتغيير قواعد الصراع ونقله الى اماكن اخرى بقواعد ووجوه واشكال جديدة سيواجه ايضاً بحزم المقاومة وصلابتها وبردودها المؤلمة للعدو اينما ترى ذلك مناسباً.