أرخت قرارات المجلس المركزي لـ"منظـمة التحرير الفلسطينية" بظلالها على الساحة الفلسطينية وأيضاً لدى الكيان الإسرائيلي والإدارة الأميركية والعالم أجمع.
وكان تأكيد على أهمية عقد جلسة المجلس المركزي داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة إفشالاً لمخططات الاحتلال الإسرائيلي العمل على "ترانسفير" للفلسطينيين من داخل الأراضي الفلسطينية إلى خارجها، وأن ينسحب ذلك على القيادة السياسية الفلسطينية.
وبين عقد المجلس وقراراته، تبقى الأنظار شاخصة إلى اللجنة التنفيذية للمنظمة التي "رفعت إليها توصيات المجلس المركزي" من أجل تطبيقها على الأرض، وفي طليعتها تعليق الاعتراف بالكيان الإسرائيلي، وسط المطالبة الفصائلية والشعبية بسحب الاعتراف بالكيان
الغاصب، وليس تعليق الاعتراف.
وأيضاً دعوة الإطار القيادي المؤقت لـ"منظمة التحرير"، الذي يضم جميع مكونات الشعب الفلسطيني، بما فيها الفصائل التي لم تدخل إلى المنظمة بعد وهي حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" والمجمدة لعضويتها "الجبهة الشعبية - القيادة العامة" و"منظمة الصاعقة"، من أجل تفعيل وتطوير المنظمة، واتخاذ قرارات تواكب متطلبات المرحلة، في ظل تداعيات قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإعلان القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي.
وأيضاً مواصلة الكيان الغاصب بتنفيذ ممارساته التعسفية وإجراءاته القمعية وسن القوانين والتشريعات بما يُعزّز الاستيطان، ويسلب الممتلكات والأراضي الفلسطينية، وإعدام الفلسطينيين وهم أحياء، وإعتقال المئات بين نساء وشيوخ، مع التركيز على الأطفال.
وعلم أن القيادة الفلسطينية وضعت خطة لتنفيذ مقررات المجلس المركزي، وتشمل المجالين السياسي والدبلوماسي، حيث سيبدأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس جولة عربية وأوروبية نهاية الشهر الجاري، تهدف إلى العمل على إيجاد آلية دولية لرعاية عملية السلام، بعد إثبات انحياز الإدارة الأميركية.
وكذلك العمل على رفع المكانة القانونية الفلسطينية إلى مرتبة دولة، من خلال التوجه إلى
مجلس الأمن الدولي للحصول على العضوية الكاملة، والتي تحتاج إلى (9 أصوات)، شرط عدم استخدام أي من الدول الخمس دائمة العضوية حق النقض "الفيتو"، وفي حال فشل التصويت التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وطلب الاجتماع تحت بند "متحدون من أجل السلام" لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني.
ويبدو أن الإدارة الأميركية، فوجئت بحجم الإجماع الدولي على رفض قرارات الرئيس ترامب، والموقف الفلسطيني بمواجهته على أكثر من صعيد، وتحاول امتصاص ردود الفعل.
فقد لفت الانتباه، ما تردد عن نفي إدارة البيت الأبيض طرح صفقة القرن، بالإشارة إلى قولها: "نحن لم نطرح صفقة القرن، والفلسطينيون فهموا الصفقة خطأ، وأن الرئيس ترامب سوف يطرحها في الوقت المناسب على الطرفين".
في غضون ذلك، تقدم سفير الكيان الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون، برسالة شكوى للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، يطالب فيها بإدانة ما سماه خطاب الكراهية الذي أدلى به الرئيس محمود عباس في اجتماعات المجلس المركزي لـ"منظمة التحرير الفلسطينية".
وقال دانون في رسالته: "هذه التصريحات تذكرنا بكل أسف بالكلمات العنصرية من أسوأ
الأنظمة في القرن الماضي" في إشارة غير مباشرة للنازية.
ردود الفعل
إلى ذلك، رصدت "اللـواء" ردود الفعل الفلسطينية حول قرارات المجلس المركزي والخطوات المطلوبة للمرحلة المقبلة.
* فقد اعتبرت حركة "فتح" على لسان عضو لجنتها المركزية عزام الأحمد أن "الخطوات العملية لقرارات المجلس المركزي ستأخذ مجراها على الفور من قبل اللجنة التنفيذية لـ"منظمة التحرير"، لكن تحتاج إلى بعض الوقت لتنفيذها"، مؤكداً أنها "تعتبر ملزمة على الجميع منذ تاريخ اصدارها".
وأشارت إلى أنه "يجب تنظيم وترتيب العلاقة من جديد بين دولة فلسطين و"إسرائيل"، وأن الاعتراف يجب أن يتم بين دول وليس بين حركة تحرر ومنظمات وأحزاب مع دول".
* بينما رأت حركة "حماس" أن "الاختيار الحقيقي لما صدر عن المجلس المركزي، هو الإلتزام بتنفيذها فعلياً على الأرض ووضع الآليات اللازمة لذلك".
وشددت على أن "من الأولويات، هو ترتيب البيت الفلسطيني وفق "إتفاق المصالحة" الموقع في القاهرة في العام 2000، والتصدي لمتطلبات المرحلة الهامة من تاريخ القضية
الفلسطينية والصراع مع الاحتلال".
* فيما اعتبر عضو اللجنة المركزية لـ"منظمة التحرير الفلسطينية" وأمين عام "جبهة النضال الشعبي الفلسطيني" الدكتور أحمد مجدلاني أن "قرارات المجلس المركزي تصبح نافذة وملزمة في اللجنة التنفيذية للمنظمة منذ صدورها، وعلى اللجنة التنفيذية الإسراع بالتطبيق والدعوة لعقد اجتماع لوضع خطة عمل وآليات تنفيذ، وتمويلها لبرنامج عمل للمرحلة السياسية المقبلة".
ورأى أن "هناك قرارات ملموسة بحاجة لإتخاذ خطوات مباشرة للتطبيق، كما أن هناك قرارات متصلة ومرهونة بأطراف إقليمية ودولية، وبحاجة لعمل سياسي وجهد وقت طويل، كالمطالبة بعقد مؤتمر دولي للسلام".
* من جهتها، دعت "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" إلى "ضرورة أن تباشر اللجنة التنفيذية للمنظمة العمل فوراً على وضع الإجراءات ورسم الآليات الضرورية للبدء بتطبيق ما قرره المجلس المركزي في دورته الأخيرة، حتى لا تلقى مصير قرارات دورة 5/3/2015، والتي ظلت معلقة حتى اللحظة".
ووصفت قرارات المجلس المركزي بأنها "قرارات غامضة وناقصة، وتحتمل التأويلات
والتفسيرات المتناقضة، ولن تخدم مسيرة شعبنا ونضاله وقدرتنا على التصدي للإستحقاقات التي تجابه قضيتنا، وقد أثبتت تجاربنا النضالية أن مثل هذه العبارات شكلت على الدوام منفذاً تتهرب منه القيادة الرسمية الفلسطينية للإلتزام بالتوافقات الوطنية التي يتم التوصل إليها في مؤسسات منظمة التحرير".
* بينما أملت "حركة الجهاد الإسلامي" لو أن "القرارات الصادرة عن المجلس المركزي كانت أكثر قوة ووضوحاً".
ودعت المجلس المركزي إلى "متابعة التوصيات التي أصدرها، والعمل على تنفيذ القرارات، ووضع الآليات الضرورية لها، خاصة في ما يتعلق بتحقيق المصالحة، ووقف التنسيق الأمني، وإلغاء اتفاقية باريس الاقتصادية، والتأكيد على سحب الاعتراف بـ"إسرائيل"، خاصة أن البيان لم يلغ العملية السياسية (التسوية)، بل اعتبرها قائمة على أساس البحث عن راعٍ جديد لها".
* فيما رأت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" أن "قرارات المجلس المركزي لا ترتقي إلى مستوى المجابهة المطلوبة أمام التحديات ومخاطر التصفية التي تتعرض لها القضية الوطنية الفلسطينية".
واعتبرت أنّ "العودة إلى سياسة "اللعم" في صوغ غالبية المواقف التي تتطلب وضوحاً في الرد على الواقع القائم وما نشأ عليه من تطوراتٍ سلبية، إنما يعني الاستمرار في مربع المراوحة والانتظار، وإستمرار الرهان على جهودٍ إقليمية ودولية بإعادة إحياء المفاوضات، وعلى الإدارة الأميركية - إذا تراجعت عن قرارها بخصوص القدس"، لأن الواقع والمخاطر تتطلب مواقف واضحة وحاسمة من سحبٍ للإعتراف بـ"إسرائيل"، وليس تعليق العلاقة معها".
وتزامناً، شيعت جماهير محافظة قلقيلية جثمان الشهيد أحمد سليم (28 عاماً)، الذي استشهد أمس الأول في بلدة جيوس خلال مواجهات ضد قوات الإحتلال الإسرائيلي، إلى مثواه الأخير ملفوفاُ بالعلم والكوفية الفلسطينية في موكب جنائزي شعبي ورسمي مهيب، حيث ووري الثرى في مقبرة بلدة جيوس، مسقط رأس الشهيد.