ركّز الرئيس العام للرهبنة الأنطونية الأباتي مارون أبو جودة، على "أنّنا متألمون اليوم لأنّ الذين أُوتمنوا على تحقيق العدالة، تملّصوا من مسؤوليّاتهم وراحوا يعملون لتأمين مصالحهم وأنانياتهم. وبدلاً من الشهادة للحق، راحوا يوجّهون سهام الإتهام إلى مؤسساتنا ليغطّوا تقصيرهم وليضلّلوا شعبنا وليشوّهوا حقيقة رسالتنا"، مشيراً إلى "أنّنا نقف اليوم، ومع تجديد نذورنا الرهبانية، لنجدّد التزاماتنا تجاه اخوتنا واخواتنا، في كلّ لبنان وتجاه جميع الّذين يجمعنا بهم بيتنا المشترك".
ولفت أبو جودة، في عظته خلال ترؤسه القداس الإلهي الإحتفالي بعيد القديس أنطونيوس في دير مار أنطونيوس في بعبدا، الّذي شارك في رئيس الجمهوثة ميشال عون، إلى "أنّنا متضامنون مع مبادرتكم، للمساهمة مع الأهل في تحمّل أعباء تعليم أولادهم وإيجاد مخارج عادلة للأزمة الّتي سبّبها القانون 46/2017، ولحماية حرية التعليم وتطبيق مجانيته وإلزاميّته وفقاً لقوانين صدرت سابقاً واتفاقات دولية شارك لبنان في صياغتها، وفي مقدّمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ووثيقة الوفاق الوطني وبخاصّة الدستور اللبناني في مادته العاشرة"، منوّهاً إلى أنّ "هذا بالإضافة إلى ما دعا إليه المجمع اللبناني المنعقد في دير سيدة اللويزة سنة 1736 لجهة وجوب تأمين التعليم الإلزامي والمجاني وتعليم الفتيات، وقد سبق في ذلك كلّ الدول، وبخاصّة الثورة الفرنسية"، مؤكّداً أنّ "التربية والتعليم هما أساس كلّ تقدّم ونمو وتنشئة على المسؤولية وصنع التاريخ".
وبيّن أنّ "هذا ما أشارت إليه وثيقة المجمع الفاتيكاني الثاني، بيان في التربية المسيحية، حيث ورد أنّ على السلطات العامة المولجة بصيانة حريات المواطنين وحمايتها، أن تتنبّه للعدالة التقسيمية وتوزيع المساعدات العامة بحيث يستطيع الوالدون أن ينعموا بحرية الحقّ في اختيار مدرسة اولادهم حسب ما يمليه الضمير"، متسائلاً "أوليس كل ما تقدّم سبيلاً واضحاً، وحافزاً إنسانيّاً وقانونيّاً وكنسيّاً، لتأمين الحقوق العادلة والمتوازنة والممكنة لجميع مكونات الأسرة التربوية، لكي تتعزّز وحدتها وتتضامن في تنشئة الأجيال الطالعة على القيم والأخلاق، وعلى محبة العلم والابداع، وعلى التحلي بخلق المسيح؟ أوليس كلّ ما تقدّم أيضاً هو استباق لوضع حدّ لأزمة اجتماعية وإنسانية بدأت تلوح أمامنا بعض مظاهرها في إقفال مؤسسات وتعطيل عمل وهجرة وتهجير؟".
وتوجّه أبو جودة إلى الرئيس عون، قائلاً "أمامكم نبوح بأفكارنا لأنّنا نعرف أنّكم تتّكلون على الله لكي تعملوا بوحي من أيمانكم لخلاص شعبنا ووطننا وابقاء مؤسساتنا أمينة لرسالتها ومساهمة في بناء المجتمع، بواسطة التربية الّتي هي فنّ تنشئة الأشخاص، وبخاصّة لكي يواجه تلامذتنا مستقبلهم بصفاء، وبأن يجدوا أسبابًا للعيش والرجاء"، مشدّداً على "أنّنا نجدّد أمامكم وأمام جميع هؤلاء الأحبة قناعتنا برسالتنا، ونؤكّد لكم أنّنا مطبوعون بالروحانية الأنطونية الضاربة في عمق تعاليم المسيح والكنيسة. ومن وحي هذه الروحانية نحن نشهد "للرجاء الّذي فينا" والّذي دعانا إليه القديس أنطونيوس".
ولفت إلى "أنّنا نعلم أنّكم ثابتون على الرجاء، وغيارى على الحقّ، وحريصون على العدالة، وواقفون حياتكم للخدمة العامة ولرفعة لبنان وتفعيل مؤسساته لتحقّق الخير العام والمصلحة العامة. وكأنّي بكم تعرفون ما قاله أنطونيوس، "إحذر أن تكون صغير القلب"، ولأنّكم تعرفون ذلك، فتحتم قلبكم الكبير لتكونوا "بي الكل"، وتحتضنوا جميع اللبنانيين وتتعالوا على الصغائر والأنانيات، لتعملوا لخير مشرقنا ووحدة لبنان الذّي قلتم فيه: "إنّه أصغر من أن يُقسَّم وأكبر من أن يبلَع".