لم يعد بإمكان الجيش الإسرائيلي إخفاء عدم جاهزيته العسكرية لخوض المعارك البرية، وجهاً لوجه في مواجهة حزب الله. هو إقرار بات معلناً، ولا يقتصر فقط على القيادات العليا وتسريباتها التحذيرية، بل أيضاً ينسحب على الضباط الأقل رتبة، الذين لم يعودوا يثقون بقدراتهم ويشككون في جاهزيتهم للمواجهة البرية المقبلة، فيما لم يعد خافياً تراجع حافزية المجندين الجدد للالتحاق بسلاح المشاة والوحدات القتالية.
ظاهرة فقدان الثقة بسلاح البر الإسرائيلي، باتت حقيقة تتقاطع حولها الآراء والتقارير العبرية، بلا مواربة. الأمر الذي يلقي بظلال ثقيلة وشكوك، حول «رواية الانتصار» في الحرب المقبلة في مواجهة حزب الله، من دون توغل إسرائيلي بَرّي في الأراضي اللبنانية، مبني على عدم جاهزية الوحدات البرية الإسرائيلية لخوض المواجهات العسكرية المباشرة.
قبل أيام، كشفت صحيفة معاريف حقائق كانت حتى الأمس القريب طيّ الكتمان، خشية تداعياتها على الداخل الإسرائيلي، وكذلك لدى الأعداء في الجبهة الشمالية والجنوبية على السواء. كشفت الصحيفة أن وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، وكذلك قيادة الجيش الإسرائيلي، غير مقتنعين بقدرة سلاح البر وجاهزيته على مواجهة التحديات، وتحديداً «إذا فتح الشر في الجبهة الشمالية»، في إشارة إلى حزب الله وحلفائه في الساحتين: سوريا ولبنان.
صحيفة «إسرائيل اليوم»: سلاح
البر متآكِل
أمس، عادت صحيفة معاريف لتحذّر نقلاً عن «ضباط الرتب الأدنى»، ولتشير إلى أن «الأكثر إثارة للقلق هو ما يصدر عن الضباط الميدانيين الأدنى رتبة في الوحدات البرية، وهو عدم ثقتهم بجاهزيتهم لمواجهة التحديات، إذ إنهم يدركون أبعاد خوض مواجهة وحرب مقابل عدو مثل حزب الله، لكن لديهم شكوك في ما إذا كانوا جاهزين لخوض هذه المهمة». ونقلاً عن الضباط، فإن «قادة الوحدات البرية عندما يشكون في أن قيادتهم العليا تشك في قدراتهم، فهم أيضاً سيتوقفون عن الثقة بأنفسهم».
صحيفة «إسرائيل اليوم»، التي أثارت أيضاً في عددها أمس، ما أكدت أنه «سوء حال» سلاح البرّ في الجيش الإسرائيلي، أشارت إلى أنه عاجز وفقاً لسيناريو معقول لخوض مواجهة مركبة على جبهات سوريا ولبنان وغزة، لافتة إلى أنه لا يمكنه القتال وفقاً لهذا السيناريو، مع تأكيد الصحيفة أن «هذا السلاح قد تآكل بالفعل».
هي إذاً أصوات تحذيرية، تصدر تباعاً عبر تسريبات في الإعلام العبري، لكنها كاشفة في موازاة التحذير وفي سياقه، عن واقع حال جاهزية عسكرية متدنية، تصفها «إسرائيل اليوم» بالـ«متآكلة»، وهو ما يعاني منه سلاح البرّ والوحدات القتالية. وإذا كان قادة جيش الاحتلال قد أكدوا عبر السنوات الماضية أنه لا نصر ولا حسم في المعركة المقبلة في مواجهة حزب الله من دون التوغل والانتصار البريين المباشرين، فإن هذه المعطيات وغيرها كفيلة باستشراف صورة المعركة المقبلة ونتائجها من وجهة نظر القيادة العسكرية الإسرائيلية. وربما هي أيضاً، تؤكد في الموازاة جانباً جديداً من جوانب «امتناع» إسرائيل عن المبادرة العدائية العسكرية المباشرة في الساحة اللبنانية. لا جاهزية للقوات البرية، يعني العودة إلى سيناريو حرب عام 2006 ونتائجها، ما يعني تكرار الفشل من جديد، وهو ما لا يمكن إسرائيل أن تقع فيه مرتين، حتى وإن اضطرت إلى التعايش مع التهديدات في الساحة اللبنانية وتَعاظمها.