في مدة قياسية، تمكّن فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي من كشف كيفية تنفيذ الاستخبارات الإسرائيلية لعملية التفجير في مدينة صيدا، يوم الأحد الفائت (14 كانون الثاني 2018)، التي استهدفت القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس، محمد حمدان. نجا الأخير من محاولة الاغتيال المحكمة التي نفذها عملاء للعدو، بسبب تغييره، بالصدفة، لطريقة تشغيله لمحرك السيارة.
فبدلاً من الجلوس فيها، وتشغيل المحرّك، قرر حمدان مدّ يده من خارج السيارة، وتحريك مفتاح التشغيل، فيما جسده لا يزال خارجها، ثم التحرك فوراً نحو الصندوق الخلفي للمركبة. وفور ابتعاده عن باب السائق، انفجرت العبوة الناسفة التي كانت ملصقة أسفل السيارة، تحت مقعد السائق، ليُصاب حمدان بجروح في قدميه. سريعاً، بدأت الأجهزة الأمنية التحقيق في الجريمة. وفيما تولى الجيش مسح مسرح الجريمة والمنطقة القريبة منه، بما فيها المبنى الذي يسكنه حمدان والمباني المجاورة، تولّى فرع المعلومات التحقيق في الدائرة الاوسع. وسريعاً، توصل إلى خيوط دفعته أول من أمس إلى تنفيذ مداهمات في منطقة الواجهة البحرية لبيروت، وفي مدينة طرابلس. فبعد سلسلة من التحقيقات التقنية والاستعلامية المعقّدة، تمكّن محققو «المعلومات» من تحديد المشتبه فيه الذي أدار مجموعة من الأفراد لتنفيذ محاولة الاغتيال. وتبيّن أن المشتبه فيه لبناني من طرابلس، يُدعى أحمد بَيْتيّة.
التحقيقات سمحت بالجزم بأن بيتية ومجموعته يعملون لمصلحة الاستخبارات الإسرائيلية
والأخير صاحب «سجلّ أمنيّ نظيف». لم يسبق أن أوقِف في قضايا أمنية، ولا وضعه أحد الأجهزة الأمنية على لوائح المشتبه فيهم. الرجل الذي يبلغ من العمر 38 عاماً، كان يعمل في التجارة، متنقلاً بين لبنان وهولندا. وهو أتى إلى بيروت يوم 9 كانون الثاني، عبر مطار بيروت. وكان قد استأجر شقة لمدة أسبوع في منطقة الواجهة البحرية للعاصمة، عبر موقع على الإنترنت، وزار عائلته في طرابلس يوم وصوله، ثم عاد إلى بيروت. من الأخيرة، انتقل إلى صيدا أكثر من مرة، على رأس مجموعة تنفيذية، تولت مراقبة منزل حمدان. ونفّذت المجموعة يوم 11 كانون الثاني مناورة يمكن الاستنتاج بأنها كانت محاولة للاغتيال جرى وقف تنفيذها من دون معرفة السبب.
وبحسب ما توصّل إليه المحققون، فإن بيتية ومجموعته، انتقلوا إلى صيدا فجر يوم 14 كانون الثاني، وتولى أحدهم زرع العبوة الناسفة أسفل سيارة حمدان، قرابة الثالثة والنصف فجراً. وبحسب ما توصلت إليه التحقيقات، ابتعدت المجموعة عن محيط منزل القيادي في المقاومة، بعد زرع العبوة، ثم عادت قرابة السابعة والنصف، وبقيت في انتظار نزوله من منزله إلى سيارته. وفور تفجير العبوة، غادرت المجموعة المكان، باتجاه بيروت، حيث تفرّقت. وفيما ضاع أثر باقي أفراد الشبكة، تمكّن محققو «المعلومات» من العثور على «آثار تقنية» لرأس الشبكة، في العاصمة، أدّت إلى تحديد هويته، فتبيّن أنه بيتية. الاستمرار في ملاحقة «آثاره» أوصل المحققين إلى مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فتبيّن أن بيتية غادر لبنان ليل الأحد ــ الاثنين، متوجهاً إلى أمستردام.
وتستمر تحقيقات «المعلومات» واستخبارات الجيش، لتحديد باقي أفراد الشبكة، علماً بأن مصادر تحدّثت عن وجود موقوف لدى الاستخبارات، يتحفّظ المسؤولون الأمنيون عن كشف مدى صلته بالشبكة. وقد دهم محققو «المعلومات» منزل بيتية في طرابلس، واستجوبوا عدداً من أفراد عائلته، وضبطوا وثائق ومعدات يجري تحليلها لمعرفة ما إذا كانت ستفضي إلى أدلة تساهم في كشف معلومات إضافية عن المشتبه فيه.
وعلمت «الأخبار» أن التحقيقات التي أُجريت طوال الأيام الستة الماضية سمحت بالجزم بأن بيتية ومجموعته يعملون لمصلحة الاستخبارات الإسرائيلية، وأن رأس الشبكة جنّدته هذه الاستخبارات خارج الأراضي اللبنانية. ويجري التدقيق في ما إذا كانت لديه صلات بعمليات أمنية نفّذها العدو في لبنان سابقاً.