تكررت قوانين العفو العام في لبنان مرارا منذ اول انفجار اهلي بعد الاستقلال، وهو الذي حدث في ربيع عام ١٩٥٨ وصيفه، واستمرت ارتداداته الاساسية حتى اواسط تشرين الاول من ذلك العام، في هذا السياق صدر آنذاك وبالتحديد في 24 كانون الاول 1958 قانون يمنح العفو العام عن الجرائم المرتكبة حتى ١٥ تشرين الاول من العام المشار اليه.
وفي 28 آب 1991، صدر المرسوم 1637/91، الذي نصت مادته الأولى على "منح كل من الضباط السابقين (رئيس الجمهوريّة) ميشال عون و(النائب) إدغار معلوف و(اللواء) عصام أبو جمرا عفواً خاصاً له مفاعيل العفو العام عن الجرائم المحال بها على المجلس العدلي بموجب المرسوم رقم 656 الصادر في 19/10/1990، شرط مغادرتهم البلاد خلال 48 ساعة من تاريخ صدور هذا المرسوم وبقائهم في الخارج مدة 5 سنوات".
وصدر في 19 تموز 2005 قانونين رقم 677 ثم رقم 678 على التوالي بمادة واحدة عفوا عاما عن كل من قائد القوات اللبنانية سمير جعجع من جهة، والمجموعتين الضالعتين في احداث الضنية ومجدل عنجر، حيث تم خلالها الاعتداء على الجيش اللبناني وسقوط شهداء في صفوفه . والمعروف ان الرئيس الأسبق للجمهورية العماد اميل لحود رفض التوقيع على مرسوم العفو عن جعجع والإسلاميين بسبب عمليات ضد الجيش اللبناني.
لقد كثر الحديث في الآونة الاخيرة والبلاد على أبواب انتخابات نيابية عن احتمال صدور قانون عفو عام الذي يحتاج الى اقتراح في هذا الاتجاه من قبل عدد من النواب .
كما يحتاج مثل هذا الاقتراح في حال تقدم به عدد من النواب الى النصف زائد واحد لاقراره، ولكن في حال لم يوقع عليه رئيس الجمهورية وردّه الى المجلس فإنه في هذه الحالة يحتاج الى ثلثي اعضاء المجلس لإعادة إقراره من جديد، واذا لم يردّه ولم يوقع عليه يصبح نافذا بعد انقضاء مهلة الشهر منذ وصوله الى دوائر قصر بعبدا.
وقالت مصادر نيابيّة متابعة لهذا الملف انه بداية بحاجة الى معرفة المعايير التي ستتبع في نص هذا القانون ونوعية الجرائم والجنح التي سيشملها العفو .
وقالت المصادر ان هناك عدة انواع من الجرائم ومنها ما يتعلق بالمعتقلين او المحكومين بجرائم ارهابيّة، وآخرين بالاعتداء على الجيش، وكذلك تجار المخدرات كما جرائم التزوير .
ورأت المصادر ان هناك اكثر من الف مذكرة توقيف في منطقة البقاع وحدها اضافة الى عدد من المحكومين، مما سيدفع بنواب وأحزاب هذه المنطقة للعمل على تأمين التواقيع اللازمة لعرض مشروع قانون العفو على المجلس النيابي، اضافة الى انه من مصلحة النواب الذين يمثلون المناطق التي ينحدر منها معظم المحكومين الإسلاميين اقرار هكذا مشروع، وهناك قوى وأغلبها مسيحية غير متحمسة للمشروع على اساس ان هناك محكوما مسيحيًّا واحدا وهو الوزير السابق ميشال سماحة لم يعد هناك من قوى تقاتل من اجل اطلاق سراحه، اضافة الى عدد قليل جدا من تجار المخدرات.
وقالت مصادر مقربة من قصر بعبدا ان لدى رئيس الجمهورية معايير خاصة في هذا السياق، وهو ينتظر ما سيتم التوافق عليه بين الكتل النيابية، وانه في حال وصل الى داوئر بعبدا قانون العفو بعد اقراره في المجلس النيابي، سيدرسه ويرى ما اذا كان يتضمن نفس المعايير التي يراها مناسبة لصدور القانون تمهيدا لتوقيعه او لرده للمجلس النيابي .
ولا تستطيع المصادر التكهّن بما اذا كان قانون العفو هذا يمكن ان يقر، خاصة وان الوقت اصبح داهما نظرا لقرب المهل الانتخابية، وعمّا اذا كان اصحاب مشروع القانون يستطيعون تأمين الأصوات الكافية لاقراره.
وخلصت المصادر الى القول ان خلفية اقرار معظم قوانين العفو العام التي صدرت منذ الاستقلال حتى اليوم سياسية، مشيرة الى ان من الصعب جدا على رئيس للجمهورية وقائد سابق للجيش أن يوقع على قانون عفو يطال مجموعات اعتدت على الجيش اللبناني وقتلت عددا من جنوده وضباطه.