تعتبر دائرة بعلبك الهرمل من الدوائر الانتخابية الكبيرة في لبنان اذ تضمّ 10 مقاعد نيابية، وفيها ما يزيد عن 300 ألف مقترع. لم تكن المنافسة موجودة في هذه الدائرة إبان القانون الانتخابي الأكثري نظرا للقوة الشيعية فيها، ولكن مع إقرار القانون النسبي تغيّر الوضع، ودخلت المنافسة الانتخابية على خط وصول النواب، وتحديدا على المقعدين المسيحيين.
تتوزع المقاعد في هذه الدائرة على الشكل التالي: 6 مقاعد للشيعة، 2 للسنة، واحد لطائفة الروم الكاثوليك، وواحد للموارنة. اما بالنسبة لتوزيع الناخبين: "الموارنة 22.679، ارثوذوكس 2.709، كاثوليك 15.405، ارمن ارثوذوكس 214، ارمن كاثوليك 46، سنة 43.363، وشيعة 223.115".
بعد نظرة سريعة على هذه الدائرة يتبيّن ان الصوت الشيعي يطغى على باقي الأصوات، وبالتالي لن يستطيع الصوت المسيحي وحده أن يصل الى العتبة الانتخابيّة إن لم يتحالف مع الصوت السني والعكس صحيح، ومن هذه النقطة تبدأ المصادر المطلعة على المعركة الانتخابية في بعلبك الهرمل حديثها، مشيرة الى أن المقاعد الشيعيّة الستّ محسومة، ولكن نجاح المعركة التي تخوضها الثنائية الشيعيّة في هذه الدائرة ستكون عبر إيصال 10 مرشحين لـ10 مقاعد.
لا شك أن الطامحين لخرق لائحة حزب الله وأمل يريدون المنافسة على المقعدين المسيحيين وأحد المقاعد السنيّة، ويبدو من خلال ترشيح القوات اللبنانية لرئيس جهاز التنشئة السياسية أنطوان حبشي أن الهدف هو المقعد الماروني في الدائرة والذي يشغله اليوم حامل "الرقم القياسي" بعدد الأصوات المسجّلة له في صناديق الاقتراع إميل رحمة.
وفي هذا الإطار تكشف مصادر مقربة من الثنائي الشيعي، أن الأخير حسم تمسكه برحمة للمقعد الماروني لأسباب ثلاثة هي: "أولا، لا يعتبر رحمة رجلا طارئا على السياسة كحال المرشّحين الطامحين في بعلبك الهرمل، الذين يظنون أن وجود بضعة آلاف من الدولارات في جيوبهم تجعل منهم مناسبين لموقع النيابة وممثلا لمجتمع المقاومة، ثانيا، موقف رحمة المدافع عن حزب الله وانجازاته وعمله ووجوده الى جانبه في معارك الجرود الأخيرة، وأخيرا التمثيل الشعبي المسيحي الذي يحظى به، استطاع من خلاله (النائب رحمة) أن يخلق حالة مسيحية وازنة في بعلبك الهرمل مما جعله منافسا مسيحيا قويا".
وتضيف المصادر: "إن الاعتماد على مرشح ماروني ضعيف سيسبب الضعف للائحة بأكملها اذ بدل أن ترفد القوى الشيعيّة في الدائرة المرشح المسيحي بـ5 الاف صوت تفضيلي فقط سيكون عليها أن ترفده بـ20 ألف صوت يضعفون أحد المرشحين الشيعة، لذلك جاء التمسك برحمة لقدرته على حصد الأصوات المسيحيّة من مختلف المذاهب ومنافسة القوات اللبنانية في الشارع المسيحي هناك". اما بالنسبة للمقعد المسيحي الثاني المخصص لطائفة الروم الكاثوليك، فتكشف المصادر أن النائب الحالي مروان فارس لن يكون صاحب المقعد بل سيذهب الى النائب السابق ألبير منصور الذي سيكون مرشح الحزب السوري القومي الاجتماعي، مشيرة الى أن المنافسة على هذا المقعد ستكون ضعيفة مقارنة بها على المقعد الماروني.
وتلفت المصادر النظر الى أن التيار الوطني الحر الداعم لترشيح رحمة الذي سيكون في تكتل التغيير والاصلاح، نفى علاقته بكل ما يُشاع عن ترشيح باتريك فخري، كاشفة أن مجموعة من بعض "ناشطي" التيار في بعلبك يسوّقون لهذا الإسم خلافا لرأي قيادتهم التي تشدد على دعم رحمة، خصوصا بعد موقف الأخير في انتخابات رئاسة الجمهورية.
على الضفّة الأخرى لا تزال تحالفات القوات اللبنانية غير محسومة مع العلم انها وحدها لن تستطيع الوصول للعتبة الانتخابية التي تؤهّلها للمنافسة، ما يجعلها بحاجة الى تيار المستقبل. وهنا تكشف المصادر عن فكرة تدور في الكواليس الانتخابية مفادها أن يقوم حزب الله بتسمية مرشّحين سنّيين إثنين على متن لائحته يكون أحدهما حائزا على رضى تيار المستقبل، وبالتالي ستصبح القوات اللبنانية لوحدها في ميدان المعركة.
إنّ اعتماد النظام النسبي زاد عدد المرشحين في كل دائرة، وهذا ما يحصل في بعلبك-الهرمل، ولكن من الضروري القول ان النيابة تكليف يكون من خلالها النائب وكيلا عن الشعب سياسيا وتشريعيا، وليست تشريفا للجلوس في المقاعد الامامية بالمناسبات الرسمية والخاصة.