إرتفعت حرارة الحراك في دائرة صيدا - جزين تحضيراً للانتخابات النيابية المقرر إجراؤها، الأحد 6 أيار 2018.
ويطغى على الانتخابات في هذه الدائرة الحماس، نظراً إلى أن تقسيمتها فريدة عن النماذج التي اعتمدت في تقسيم الدوائر الإنتخابية الـ15، فاقتطع منها قضاء صيدا ليضم مع قضاء صور في دائرة واحدة، كما أن عدد النواب فيها هو الأقل على مستوى الدوائر في لبنان (5 نواب: سنيان ومارونيان وكاثوليكي واحد)، وأيضاً أعداد الناخبين هو الأقل في الدوائر، والذي يصل إلى 120898 (مدينة صيدا: 61676 وقضاء جزين: 59222).
وكذلك فإن القوى الموجودة في هذه الدائرة، لا تلتقي في دوائر أخرى، نظراً إلى التواجد الصيداوي، أو أن العوامل الديموغرافية لا تتواجد مثلها في دوائر أخرى.
الثوابت والصيغ
مع التحضيرات للاستحقاق النيابي المقبل، هناك ثابتتان حتى الآن، هما:
- التحالف بين تياري «المستقبل» و«الوطني الحر» للائحة من المنتظر أن تضم: النائب بهية الحريري ممثلة «تيار المستقبل» (عن أحد المقعدين السنيين في مدينة صيدا)، والنائبين أمل أبو زيد وزياد أسود (للمقعدين المارونيين في قضاء جزين) مع تراجع الحديث عن احتمال ترشيح المستشار الإعلامي لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون الزميل جان عزيز بدلاً من أسود، وجاد صوايا (للمقعد الكاثوليكي) والمقاعد الثلاثة تمثل «الوطني الحر».
- التحالف بين أمين عام «التنظيم الشعبي الناصري» الدكتور أسامة سعد (عن أحد المقعدين السنيين) وإبراهيم سمير عازار (عن أحد المقعدين المارونيين) مدعومين من الرئيس نبيه بري و»حزب الله»، مع ترشيح ثالث وفق ما حدده قانون الانتخاب، بأن تتمثل اللوائح في الدائرة بما لا يقل عن 3 مرشحين وليس كما في باقي الدوائر 40% من عدد النواب فيها.
كما أن هناك قوى وفاعليات سياسية تؤكد خوضها الاستحقاق الانتخابي، ويبرز في طليعتها:
- في صيدا: «الجماعة الإسلامية» ممثلة بنائب رئيس المكتب السياسي الدكتور بسام حمود، الرئيس السابق لبلدية صيدا الدكتور عبد الرحمن البزري ورئيس «المنظمة اللبنانية للعدالة» الدكتور علي الشيخ عمار، الذي كان مدعوماً في الإنتخابات البلدية الماضية من إمام «مسجد بلال بن رباح» – عبرا سابقاً الموقوف الشيخ أحمد الأسير الحسيني.
- في جزين: «القوات اللبنانية» التي رشحت المهندس عجاج جرجي حداد (عن المقعد الكاثوليكي).
وعن المقعدين المارونيين يتداول بأسماء للترشيح، في مقدمها: نجل الوزير والنائب السابق إدمون رزق، المحامي أمين، قائد الدرك السابق العميد صلاح جبران ورئيس «جمعية المعارض والمؤتمرات» في لبنان إيلي رزق، وعن المقعد الكاثوليكي الدكتور سليم الخوري والدكتور إميل اسكندر.
هذا فضلاً عن آخرين سيتم ترشيحهم وفق مقتضيات تشكيل اللوائح وليس لخوض معركة انتخابية.
وهناك عدد كبير من الفاعليات والقوى التي تجري اتصالات بشأن إمكانية ترشيحها من عدمه، في ظل حتمية تشكيل لائحة، ودراسة مدى إمكانية تحقيق نتائج، في ظل الصوت التفضيلي الذي أشعل المنافسة، ليس بين اللوائح فحسب، بل بين مرشحي اللائحة ذاتها.
مجالات التحالف
في هذه الدائرة، متاح احتمالات التحالف بين أكثر من قوة، وإن كان هناك من لا يستطيع التحالف لإعتبارات سياسية أو مواقف مبدئية.
بإمكان «تيار المستقبل» التحالف مع القوى والفاعليات كافة، باستثناء «حزب الله»، وهو ما ينطبق أيضاً على «الجماعة الإسلامية».
أما «التيار الوطني الحر»، فمتاح له التحالف أيضاً مع الأطراف كافة، باستثناء الرئيس بري، الذي يدعم المرشح عازار.
بينما الدكتور سعد تتوافر له إمكانية التحالف مع غالبية الأطراف، باستثناء «القوات اللبنانية».
وكذلك الدكتور عبد الرحمن البزري الذي له مروحة اتصالات مع الأطراف كافة.
أما «القوات اللبنانية»، فقد قطعت أوصال إمكانيات تحالفها التي كانت تعول عليها سابقاً، خاصة مع «الوطني الحر»، انطلاقاً من أن مصلحة «التيار» الفوز بـ3 نواب مسيحيين، و»القوات» ترشح للمقعد الكاثوليكي.
وفي ضوء الإحصاءات، بات واضحاً أن «التيار البرتقالي» سيفقد مقعداً مارونياً، فمن غير المنطقي التضحية بمقعد كاثوليكي أيضاً.
وينسحب الأمر على عدم إمكانية تشكيل لائحة قوية تضم المرشح المدعوم من الرئيس بري، عازار إلى اللائحة (عن أحد المقعدين المارونيين)، لأن رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل غير مقتنع بإمكانية الشراكة في المقاعد المسيحية، ومستعد لخوض معركة ضد الرئيس بري، وأن لا يشاركه مقعد ماروني كان يشغله النائب سمير عازار، من حصة رئيس المجلس النيابي منذ العام 1992 وحتى العام 2009، يوم فاز «التيار» بالمقاعد المسيحية الثلاثة بالصوت الأكثري.
تحرك «الجماعة الإسلامية»
وفي ضوء الاستعدادات والتحركات للانتخابات فقد أعطى تحرك «الجماعة الإسلامية» مبتغاه، بتفعيل الحراك بين أكثر من قوة تتواجد في الدائرة، فكانت زيارة وفد «الجماعة» إلى الوزير والنائب السابق رزق بدارته في جزين، حيث إلتقاه بحضور نجله المحامي أمين، المرشح (عن أحد المقعدين المارونيين في الدائرة).
وكذلك زيارة عضو «تكتل التغيير والإصلاح النيابية» النائب أسود، والتي بررتها «الجماعة» بأنها رد على زيارته لها للتهنئة بالأعياد.
وسريعاً قصد مركز «الجماعة» في صيدا وفد من «القوات اللبنانية» ضم مرشحها عجاج حداد وموفد رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع لتولي ملف الانتخابات في هذه الدائرة مارون سمعان، للبحث بالاستحقاق الانتخابي.
وما أن انتهى الاجتماع حتى كانت «الجماعة» تتعرض إلى قصف بمختلف أنواع الأسلحة، حول كيف ستتحالف مع «القوات اللبنانية»، حيث بدأ الحديث بأنها قدمت شهداء في مواجهتها، فأعدم عناصر من «القوات» عدداً من كوادر «الجماعة» في صيدا في أعقاب اغتيال الرئيس بشير الجميل (14 أيلول 1982)، وكذلك خلال أحداث شرقي صيدا (آذار - نيسان 1985)، والتي قادها جعجع شخصياً، قبل تهجير أهالي المنطقة لسنوات!
وإذا لم تحسم «الجماعة الإسلامية» بعد خياراتها وتحالفاتها، فإن هناك من توجس من أي تحالف بين «الجماعة» و«القوات»، مع حليف أو اثنين من الموارنة، وإذا ما استطاعت «الجماعة» أن تستحوذ على الأصوات المحسوبة على الأسير، يمكن أن يؤدي تشكيلهما معاً، قوة لا يستهان بها، ما يمكن أن يقترب من عتبة الحاصل الانتخابي، التي يتوقع أن يكون في هذه الدائرة بين 12500-13500 صوت.
البحث عن مرشحين أقوياء
وهذا يحتم على اللوائح البحث عن مرشحين أقوياء، لأن المتوقع هو أن تحصل النائب الحريري على أصوات تفوق المطلوب للحاصل الانتخابي ويزيد للائحة التحالفية مع «الوطني الحر»، لتضمن هذه اللائحة الفوز بمقعدين مضمونين (سني وماروني)، مع كسور للمقعد الثالث.
واللائحة التي سيشكلها سعد وعازار ستحصل على مقعد مضمون وآخر لاحتمالات الكسور، وستكون العين على المقعد السني الثاني في صيدا أو الماروني أو الكاثوليكي في جزين.
وتبقى كل الإحتمالات واردة وفقاً للترجيحات وتشكيل اللوائح، بإنتظار الإقتراع، لأن هناك من سيواجه عقبة العبء على اللائحة، إنطلاقاً من مزاج الناخب الصيداوي، ومن بينهم التحالف مع «القوات اللبنانية» وأيضاً النائب أسود، الذي سبق أن صعد في المواقف السياسية باتجاه مدينة صيدا، خاصة لدى طرح نقل عدد من موقوفي أحداث عبرا من سجن رومية إلى سجن جزين، وعدد من الملفات الصيداوية.
وبانتظار أن تحسم بعض القوى تحالفاتها، خاصة كيف ستخوض «الجماعة الإسلامية» والدكتور البزري الانتخابات وبالتحالف مع من، يمكن أن تتضح الصورة أكثر، على الرغم من أن المعالم الرئيسية للمعركة وتموضع القوى الرئيسية فيها، باتت شبه واضحة في الاستحقاق المقبل.