على عكس الإدارة الأميركية التي ترى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عميلاً لحزب الله، بحسب ما نقلت مجلة "فورين بوليسي" عن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس وعرّاب مشروع زيادة العقوبات المالية إد رويس، يبدي المسؤولون الأوروبيون ارتياحاً لسياسة رئيس الجمهورية تجاه القضايا اللبنانية والإقليمية وثقة بدوره في المرحلة الراهنة والمقبلة في إدارة التوازنات المحلية والإقليمية بدراية، علماً أنّ الرئيس عون نفسه يرى السياسة الأوروبية أكثر اتزاناً من السياسة الأميركية تجاه قضايا لبنان والمنطقة، باعتبارها أكثر إدراكاً للواقع وأكثر منطقية في قراءة الأحداث السياسية.
لقد واكب الأوروبيون لبنان منذ انتخاب الرئيس عون باهتمام قلّ نظيره. فرئيس الجمهورية، يجسّد للفرنسيين على وجه الخصوص، الحالة المسيحية القوية التي تجب المحافظة عليها في الشرق، فهو الرئيس المسيحي الوحيد في الدول العربية. صحيح أنه يشكل جسراً للتقريب بين المكوّنات السياسية اللبنانية كافة، لكن الأهمّ أنه سيشكل في مراحل لاحقة جسر تواصل وتنسيق بين حزب الله وباريس في بعض الملفات والقضايا المطروحة على الساحة. وفرنسا الرئيس إيمانويل ماكرون تدرك أنّ لرئيس الجمهورية مكانة خاصة لدى حزب الله وإيران. وبالتالي قد يلعب "فخامة العماد" دوراً في حلحلة العقد المطروحة في ضوء التمايز الفرنسي إلى حد كبير عن السياسة الأميركية تجاه حزب الله والجمهورية الإسلامية والاتفاق النووي الإيراني. ويمكن عطف هذه المعلومات على حديث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لقناة "الميادين" وتأكيده أنّ بعض الدول الأوروبية حاولت التواصل مع حزب الله. ففي أحد اللقاءات مع جهاز استخباري أوروبي طلب السيد نصرالله من مسؤولي الحزب إبلاغ الطرف الآخر أنهم ينتمون إلى الجناح العسكري في حزب الله الذي تصنّفه دول أوروبية على أنه إرهابي وليس إلى الجناح السياسي في الحزب.
لا يستعطي الرئيس عون عندما يصارح المسؤولين الأوروبيين بالمشاكل المحدقة بلبنان، تقول أوساط سياسية نقلاً عن مصادر أوروبية لـ"البناء". فالرئيس ماكرون ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني كانا الرياديّيْن والسباقيْن في فهم الموقف اللبناني والتحديات التي عاشها لبنان خلال أزمة استقالة الرئيس سعد الحريري. وهناك مَن يقول إنّ ماكرون لعب دوراً أساسياً في ترتيب جولة وزير الخارجية جبران باسيل إلى العواصم الأوروبية ودفعها بالزخم، نظراً لاقتناع الرئيس ماكرون بدور نظيره اللبناني في إدارة الأزمة السياسية، وتيقنه في الوقت نفسه من أنّ الفرصة أتته على طبق من ذهب للعودة الفرنسية إلى الشرق من باب لبنان.
وتلفت الأوساط إلى توقف الأوروبيين ملياً عند السياسة التي انتهجها الرئيس عون حيال ملف النازحين، رغم أنّ هذه المشكلة تثقل كاهل لبنان، متحدثة عن المؤتمرين المنوي عقدهما "باريس 4" و "روما 2"، من أجل المساعدة في أزمة النازحين ودعم الجيش، مشدّدة على أنّ رئيس الجمهورية لم يلجأ إلى استغلال هذه المعاناة للضغط على أوروبا. ولم يلجأ إلى التهديد بإغراق الدول الأوروبية بالمهاجرين ولم يشرع الشاطئ اللبناني ليكون منصة للنزوح الفوضوي إلى أوروبا، كما فعل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
تخرج أصوات غربية في بعض الأحيان لاستيضاح الرئيس عون حول مآل بعض الملفات العالقة (أزمة مرسوم الأقدمية) من باب الحرص الأوروبي على الرئاسة والحفاظ على الاستقرار، تقول الأوساط نفسها. فالرئيس عون بالنسبة للأوروبيين ملتزم الأسس الدستورية والعملية الديمقراطية. فهو مثَّل أبرز الدّاعين والمصرّين على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها لا سيما أنّ دوره كان أساسياً في التوصل إلى قانون انتخابي أُقرّ في عهده.