حتى حينه ستجري الانتخابات النيابية في أيار المقبل خلافا للمشهد السياسي الذي كان عليه الامر في العام 2009، نظرا لغياب الشعارات السياسية التي حملها فريق 8 و 14 اذار يومذاك.
فالمعطيات بأن التسوية الرئاسية التي اوصلت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى قصر بعبدا وإعادة رئيس الحكومة سعد الحريري الى السراي، ستعزز بتحالف انتخابي بين تيار المستقبل وبين التيار الوطني الحر، وهو امر في حد ذاته يحمل غياب الشعارات الانتخابية دون ان تتضح بعض العناوين التي ستجري في ظلها الحملات المشتركة، في حين سيرفع التيار الوطني الحر عنوان ضرورة تقوية موقع رئاسة الجمهورية من خلال كتلة نيابية داعمة للرئيس عون.
وسيعمد كل فريق الى استنباط شعار لدغدغة قواعده وجذب ناخبين دون العودة الى شعارات الاستحقاق الاخير منذ نحو تسع سنوات وفي ظل الخلاف الحاد بين رئيس الجمهورية وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري وما يتبعه من سجال حاد بين رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل وبين وزير المالية علي حسن خليل وملحقات الفريقين، فان هذا الواقع المخيم على مسار المرحلة السابقة ليوم الاقتراع على خلفية غياب الشعارات المتعلقة بسلاح حزب الله وقتاله في سوريا ودور المحكمة الدولية وغيرها من شعارات تلك المرحلة التي أضيف عليها التجاذب حول الازمة الإقليمية قبل استسلام اقطاب قوى 14 اذار وانتخابهم العماد عون رئيسا للبلاد، اذا هو هدوء لن يستمر في ظل معطيات ووقائع تشير الى ان المحكمة الدولية التي انشئت للنظر في جرائم شهدها لبنان ستصدر قرارا اتهاميا في المدى القريب وان فريق العمل الخاص بها نشط مؤخراً واستمع الى عدة «اختصاصيين ومعنيين» اضافة الى العودة للاستعانة مجددا بتقنيات فنية للاجهزة الامنية وكذلك داتا الاتصالات لأشخاص غير الذين خرجت أسماؤهم الى العلن او التداول بهم وفق تقاطع معلومات تدل على انه يتم تكوين مضبطة اتهام، مكملة لوجهة الاتهام ذاتها التي تضمنتها اتهامات المحكمة.
اذا من شأن هذا الواقع ان يفرض بذاته علو التحالفات حيث تكون اللوائح قد انجزت وباتت في عهدة وزارة الداخلية لطباعتها قبل موعد الاستحقاق بحيث لن يعود بالإمكان تعديلها بعد نهاية شهر اذار، حيث يكون تيار المستقبل قد أنجز تحالفه المرتقب مع الوطني الحر، الذي سيستعيد حكما موقفه من قانونية ودستورية المحكمة فيما الحريري عليه ان يكون المرحب الأساسي بقراراتها وفي الوقت ذاته غير راغب بالانقلاب على كل من عون وفريق الممانعة المحلي الذي أدى دورا لمصلحته ابان ازمة الاستقالة وسهلوا له تجميل البيان الوزاري بهدف التراجع عن استقالته، اي انه سيكون في واقع محرج يومئذ لناحية كيفية تعاطيه مع الامر ام سيبقى ملتزما بالتسوية الرئاسية التي تجعله مهادناً لإيران وحزب الله وتعبيره بصراحة في منتدى دافوس عن رغبته بإقامة علاقات من دولة لدولة مع ايران اي كما هو الواقع مع السعودية، دون تطرقه الى دور طهران السلبي في الاقليم العربي كما كان يعلن سابقا...
وفي قرار يؤكد على استمرار التحالف السياسي بين عون وبين الحريري الذي سيكون رئيس الحكومات في عهده بما يتطلب حسن العلاقة فان رئيس تيار المستقبل وعد باسيل بأن مؤيديه في دائرة الشمال المسيحية التي تضم (البترون، الكورة، زغرتا وبشري) سيقترعون لمصلحته وان هذا الامر محسوم حتى لو تفرقا او تواجها في غير دوائر، بل ايضا يفضل رئيس الحكومة عدم قيادة المواجهة مع وزير الخارجية نيابة عن اي فريق لديه خلافات معه لكونه صمام أمان التفاهم مع عون وكان له دور مميز ابان ازمة الاستقالة.
وفي منطق الحريري ان التحالف الانتخابي مع الوطني لا يحمل مواجهة او تحدياً مع اي فريق اخر او اي من حلفاء الامس، خصوصا ان بعضهم يطالب بعدد من المقاعد لا يمكن القبول به ويتصرف كأنه انتهى سياسياً ويريدون وراثته في وقت فازوا سابقا بنوابه نتيجة دعمه لهم، متحدثا عن رغبته فقط بعدم المواجهة الانتخابية مع رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط.
وفي المقابل سيواجه الحريري خرقا قويا لحزب الله في عقر داره وفق اوساط على صلة بحزب الله، بحيث يحمل فوز المرشح اسامة سعد عن مدينة صيدا السنية مكسبا للحزب الذي سيكون لديه حليف سني في مدخل وواجهة الجنوب المقاوم خلفا لرئيس كتلك المستقبل الرئيس فؤاد السنيورة الذي لن يرشحه الحريري لجملة اعتبارات، وكذلك سيفوز مرشح حزب الله عن احد مقاعد بيروت الشيعية التي يطلق عليها رئيس المستقبل لقب عاصمة الشهيد رفيق الحريري، وبذلك بات على رئيس الحكومة ان يقر امام المجتمع الدولي بأن حزب الله حالة شعبية وممثل في العاصمة بيروت.