حذر نائب وزير الصحة اللبناني غسان حاصباني من تعليق الآمال بانفراج أزمة لبنان الاقتصادية مع عقد مؤتمر "باريس 4" (Cedre)، "لان إطلاق أي التزامات نعجز لاحقا عن تطبيقها، سيتسبب بإحباط كبير. إذ بعد عقد المؤتمر وبعد الانتخابات النيابية، سندخل في حال انتظار الاموال، فنهمل ما علينا القيام به داخليا من إصلاحات، وهي كافية لاغنائنا عن انتظار التمويل الخارجي".
وأكد حاصباني في حديث صحفي، الحرص على إنجاح مؤتمر Cedre وفق الأطر التي يحددها المجتمع الدولي "والا لن يفضي الى النتائج الإيجابية المرجوة منه، وخصوصا ان تخلف لبنان عن تنفيذ ما سيعلنه من وعود والتزامات". وقال انه "سمع خلال اللقاءات التي اجراها في منتدى دافوس هذا الأسبوع مع مسؤولين في مؤسسات وصناديق دولية، ومنهم الرئيس التنفيذي للبنك الدولي كريستالينا جورجيفا ومسؤولو البنك الأوروبي للانشاء والتعمير EBRD، تساؤلات عن قدرة لبنان على التزام الشروط المطلوبة لانجاح المؤتمر والحصول على التمويل اللازم لمشاريع البنى التحتية، وخصوصا في ظل تجارب سابقة يؤكد احدها وجود نحو 4 مليارات دولار مخصصة للبنان من جهات مانحة دولية، لا تزال عالقة بسبب عجز الحكومة اللبنانية عن دفع ما يتوجب عليها كحصة من تلك القروض Counter Part Fanancing".
وعن تلك الالتزامات، أوضح حاصباني ان الأموال والاستثمارات قد تأتي من المجتمع الدولي من دون طلب "إن استطاع لبنان تنفيذ الالتزامات في سياق برنامج اعماري ضخم بحجم "برنامج باريس 4"، لكن حين يكون هناك ترابط بين المشاريع مع وضوح جدواها الاقتصادية ودراسة أثرها على المالية العامة وتكاليف التشغيل، لئلا تتكرر تجربة مؤتمرات باريس الثلاثة السابقة، وخصوصا ان معظم الأموال المرتقبة هي قروض". ولفت الى ان الجهات المانحة والمستثمرين سيسألون عن تلك العوامل، "وإن لم نلتزم بها ونطبقها، سيتحول المؤتمر لقاء تعارفيا، وقد يكون مضرا بلبنان لان لا استثمارات من دون ثوابت، والتأسيس سيكون حينها لديون إضافية".
واعتبر ان الهدف من مؤتمرات إعادة الاعمار هو توفير استمرارية النمو الاقتصادي وفرص العمل والاستقرار الاجتماعي، "لكن تجارب الاستثمار العالمي في مشاريع إعادة الاعمار قد تكون مضرة بلبنان، ان لم ينفذ سلسلة الإصلاحات السياسية والإدارية والمالية، والتزم تطبيق الدستور وتفعيل المؤسسات، وتعزيز الشفافية، وتوفير التوافق السياسي على إدارة الاقتصاد الوطني". وسأل "كيف نطلب من القطاع الخاص المشاركة في ورشة إعادة التأهيل ونرفض الخصخصة؟"، مؤكدا ضرورة "ان تكون أسس الشراكة بين القطاعين العام والخاص واضحة مع ضمان حقوق المستثمرين". وقال: "ان لدى المصارف قدرة مالية هائلة لتمويل معظم برنامج باريس 4، ليبقى علينا تسويق مشاريع البنية التحتية الكبيرة التي تأثرت بفعل النزوح السوري، وقد نحصل على قروض دولية لتنفيذها".
ورأى ان "الدعم الدولي يجب ان يمنح على نحو مدروس وسريع، على ان تكون الأولوية في ملف النزوح لمسائل الصرف الصحي والكهرباء والصحة العامة والتعليم، علما ان البندين الأخيرين لحظا في برنامج باريس 4 في سطر واحد، وقد رصد لهما 300 مليون دولار فقط!".
وقال حاصباني ان دراسة شركة "ماكينزي" الاقتصادية التي ستنتهي بعد 6 أشهر لن تدرج في برنامج المؤتمر الباريسي، "وهذا سبب إضافي لمخاوفنا على إنجاحه، وخصوصا ان لم ترتبط الدراسة بالرؤية والجدوى التي على أساسها ستحدد الخطة الاستثمارية". داعيا من يريد دعم لبنان الى ترجمة رغبته فعلا لا قولا، "لكن حين يسأل لبنان عن تفاصيل الالتزامات، عليه ان يكون جاهزا لمنح الإجابات الشافية. اذ من دون الإصلاحات، ستؤسس الأموال لنشوء ثورة لا لإحلال الاستقرار المنشود"، مشيرا بذلك الى تجربة إعادة اعمار لبنان بعد الحرب "التي أوصلته اليوم الى طلب 16 مليار دولار من المجتمع الدولي لانقاذ اقتصاده المتهالك، بعدما تخلف ولأعوام عن تفعيل دور المؤسسات والتزام الشفافية وتطبيق الإصلاحات".