خلال إنتخابات العام 2009 النيابيّة فازت لائحة "حزب الله" بمقاعد "بعلبك الهرمل" العشرة بفارق ساحق، حيث بلغ الفارق بين الرابح الأخير على لائحته والخاسر الأوّل على اللائحة المنافسة ما مجموعه 88768 صوتًا، علمًا أنّ نسبة الإقتراع في حينه بلغت 49,7 % من أصل 256287 ناخبًا مُسجّلين على لوائح الشطب. لكنّ هذا التفوّق الكبير للقوّة التجييريّة التي يتمتّع بها "الحزب" لا تعني أنّ لائحته بمنأى عن إحتمال الخرق من مُنافسيه. فكيف هي الصُورة في هذا الصدد؟.
بداية لا بُد من الإشارة إلى أنّ عدد الناخبين في دائرة "بعلبك-الهرمل" الإنتخابيّة التي تضم 10 مقاعد نيابيّة(1) إرتفع حاليًا إلى 308997 ناخبًا، ما يعني أنّ "الحاصل الإنتخابي" سيكون بحدود 15000 صوت تقريبًا في حال بقيت نسبة الإقتراع عند حدود 50 % كما كانت عليه في العام 2009. أمّا في حال إرتفعت هذه النسبة إلى 60 % مثلاً فعندها سيرتفع "الحاصل الإنتخابي" المطلوب إلى حُدود 18000 صوت، وفي حال إرتفعت أكثر إلى نسبة 70 %، فإنّ "الحاصل الإنتخابي" سيرتفع إلى أكثر من 21000 صوت. وبحسب كل المعلومات المُتوفّرة، إنّ "حزب الله" سيعمل بكل ما أوتي من قُوّة على رفع نسبة مُشاركة أنصاره ومُؤيّديه إلى الحد الأقصى في عمليّة الإقتراع بهدف رفع "الحاصل الإنتخابي"، وبالتالي جعل قُدرة الأقليّتين المسيحيّة والسنّية على الخرق في هذه الدائرة البقاعيّة بالتحديد ضعيفة، وحتى قُدرة مُنافسيسه ضُمن البيئة الشيعيّة على الخرق محدودة أيضًا.
يُذكر أنّ حزب "القوّات اللبنانيّة" الذي رشح الدُكتور أنطوان حبشي عن المقعد الماروني في دائرة "بعلبك-الهرمل" سيعمل هذه المرّة على حثّ أنصاره في المنطقة، خاصة في "دير الأحمر" على المُشاركة بكثافة في عمليّة الإقتراع بعكس الدورة الإنتخابيّة السابقة، لكنّ إقتصار عدد الناخبين الموارنة في هذه الدائرة على 22706 ناخبًا والكاثوليك على 16380 ناخبًا، يعني أنّ إجمالي عدد الناخبين المسيحيّين يبلغ 39086 ناخبًا، أي ما نسبته 12,6 %. وبالتالي في حال إقترع نصف هؤلاء، يجب أن يُصوّتوا كلّهم للائحة واحدة لتحصل على "الحاصل الإنتخابي"، وهذا الأمر مُستحيل. والأمر نفسه ينطبق على الكتلة السنّية الناخبة في دائرة "بعلبك الهرمل" والتي يبلغ عددها 41081 ناخبًا، أي 13,3 % من إجمالي الناخبين، علمًا أنّ 71 % من المُقترعين السُنّة في دائرة "بعلبك الهرمل" كانوا قد صَوّتوا للائحة قوى "14 آذار" في العام 2009، وكانوا محسوبين على"تيّار المُستقبل" الذي لم يُعلن حتى الساعة أسماء مُرشّحيه في هذه الدائرة. وبالتالي، من الضروري حُصول تحالف ما بين "تيّار المُستقبل" و"القوّات اللبنانيّة" ومُعارضين أو على الأقلّ مُنافسين شيعة لحزب الله، للتمتّع بالقُدرة على الخرق. أمّا في حال توزّع الجهات والشخصيّات السياسيّة غير المنضوية تحت عباءة "الحزب" على العديد من اللوائح المُتفرّقة، فإنّ قُدرتها على الخرق تتراجع كثيرًا وقد تضمحلّ كليًا في حال نجح "الحزب" في رفع نسبة الإقتراع وبالتالي "الحاصل الإنتخابي"-كما سبق وذكرنا.
وبعيدًا عن الشرح النظري، وبالنسبة إلى الأسماء المُتداولة تُفيد المعلومات أنّ "حزب الله" يرغب بإدخال تعديلات كبيرة على مُرشّحي لائحته الشيعة في "بعلبك-الهرمل" لجهة تغيير أربعة نواب والإستغناء عن نائب حزب "البعث العربي الإشتراكي" عاصم قانصوه، لمنع خُصومه من إستغلال ثغرة غياب النموّ عن هذه المنطقة. ومن بين الأسماء المُرشّح إنضمامها إلى لائحة "الحزب"، ياسر الموسوي نجل أمين عام "حزب الله" السابق عباس موسوي الذي إغتالته إسرائيل في العام 1992 وغيره(2)، مع توقّع عدم تغيير النائبين السنّيين على لائحة "الحزب" الوليد سكرية وكامل الرفاعي، وكذلك الإبقاء على مُرشّح "حركة أمل" في المنطقة وزير الزراعة غازي زعيتر. وبالنسبة إلى المقعد الماروني، يرغب "الحزب" إبقاء ترشيح النائب الحالي إميل رحمه، على الرغم من الخلاف الذي إستجدّ معه من جانب "تيّار المردة" على خلفيّة موقفه من مسألة رئاسة الجُمهوريّة، في ظلّ مُحاولات إعلاميّة لتسويق المُرشّح الماروني باتريك فخري كمرشّح بديل عن رحمة. إشارة إلى أنّ "التيّار الوطني الحُرّ" لم يبتّ حتى الساعة موقفه من المقعدين المسيحيّين في المنطقة، ولم يحسم خياره بعد بين رحمة أو فخري أو سواهما، علمًا أنّ بوادر خلاف مع "حزب الله" بدأت تظهر في ما خصّ المقعد الكاثوليكي الوحيد في المنطقة، حيث يتجه "الحزب" للإستغناء عن النائب عن الحزب القومي السوري" مروان فارس، لصالح النائب السابق ألبير منصور، ليقطع الطريق بهذه الخُطوة على أي تحالف مُحتمل بين رئيس مجلس النوّاب السابق حسين الحسيني مع منصور ومع مُرشّحين آخرين من عرسال ودير الأحمر، ما قد يُشكّل خطرًا حقيقيًا على "حزب الله" لجهة إمكان خرق لائحته بمقعدين وربما بثلاثة مقاعد، في حال كانت اللائحة المُنافسة مُتماسكة وتتمتّع بتمثيل شعبي جيّد. لكنّ "التيار الوطني الحُرّ" يُعارض خيار منصور، و"الحزب القومي" يرفض التعليق على أخبار إستبعاده عن المقعد الكاثوليكي، خاصة وأنّه يتحدّث عن إمكان منحه مقعدًا آخر ربّما عن الطائفة السنّية في المُقابل. وتتطلّع "القوّات" من جهّتها للتحالف مع "المُستقبل" ومع شخصيّات شيعيّة من خارج "محور المُمانعة" منها على سبيل المثال لا الحصر"رئيس المركز العربي للحوار" الشيخ عباس الجوهري. ومن بين الشخصيّات الشيعيّة التي ستكون على إحدى اللوائح المنافسة للائحة "حزب الله" في بعلبك الهرمل، رئيس بلدية بعلبك السابق المحامي غالب ياغي، ورئيس بلدية بريتال السابق عباس زكي، وسعدون حمادة نسيب رئيس مجلس النواب الراحل صبري حمادة. وبحسب المعلومات المُتوفّرة، إنّ عددًا من العائلات والعشائر في "بعلبك الهرمل" يُهدّد بتبنّي خيارات تصعيديّة قد تكون بمقاطعة الإنتخابات أو بالتصويت خارج التوجيهات، في حال عدم إقرار "قانون العفو" قبل الإنتخابات.
وفي الختام، يُمكن القول إنّ "حزب الله" سيرفع نسبة التصويت و"الحاصل الإنتخابي" لعرقلة مُحاولات خرق لائحته في "بعلبك الهرمل، لكنّ بإمكان خُصومه ومُنافسيه الخرق في حال توحّدوا في لائحة أو إثنتين، أمّا في حال تشتّتوا على العديد من اللوائح الضعيفة فعندها ستتقلّص إحتمالات الخرق إلى الحد الأدنى.
(1) 6 مقاعد للشيعة (يُشكّلون نحو 73 % من إجمالي الناخبين)، و2 للسنّة (نحو 13 %)، و1 للموارنة (نحو 7 %) و1 للكاثوليك (نحو 5 %).
(2) من الأسماء المُحتمل ترشيحها: مسؤول قطاع "حزب الله" في منطقة الهرمل، الحاج إيهاب حمادة، ومسؤول العمل البلدي في "الحزب" حسين النمر، والمسؤول الإعلامي في منطقة البقاع الحاج أحمد ريا، واللواء المُتقاعد جميل السيّد، إلخ.