رد المعارض السوري الكردي عبد الباسط سيدا استقالته من الاتئلاف المعارض لعدة أسباب أبرزها "الفشل في طمأنة سائر المكونات المجتمعية السورية، عدم الفاعلية، ضعف آلية اتخاذ القرار، الغياب شبه النهائي للمساءلة والمحاسبة والإخفاق الذريع في ميادين التواصل مع المخيّمات والجاليات والقوى والمنظمات المجتمعية الفعلية في الداخل"، لافتا الى ان "مشاركة عناصر من الإئتلاف في مسار آستانة من دون موافقة الائتلاف، اضافة الى موقفه مما جرى ويجري في عفرين، وعدم طرح أي مبادرة تتعامل مع الموضوع من موقع المشروع الوطني السوري، كلها اسباب تراكمت وأدت للاستقالة".
وتحدث سيدا لـ"النشرة" عن "أزمة بنيوية لازمت الائتلاف منذ الاعلان عنه في أواخر عام 2012"، مشيرا الى انّه حاول مع الكثير من أعضائه "تجاوز الثغرات، ولكن على النقيض من ذلك تراكمت الأخطاء، وقد أسهمت التوسعات المفروضة، وتلك العشوائية، في المزيد من التخبط، والمزيد من الضعف". وأضاف: "من ناحيتي كنت عملياً قد ابتعدت عن موقع المسؤولية فيه، ولم أكن أشارك في الاجتماعات منذ مدة طويلة. وبناء على ذلك، تغدو إمكانية العودة غير واردة في ظل المعطيات الحالية، وان كان ذلك لا يعني الانسحاب من العمل السوري الوطني الذي يرتقي الى مستوى تضحيات شعبنا سواء مع اخوة وأخوات اعزاء من داخل الائتلاف أم من خارجه".
التحكم بالمسار السياسي
واعتبر سيدا أن مؤتمر "سوتشي" المنعقد في روسيا "عبارة عن حشد على طريقة المناسبات التي كانت أيام الاتحاد السوفياتي أو مناسبات حزب البعث، الغاية منه تمكين الروس من التحكم بالمسار السياسي، بعد أن تمكنوا من احداث اختراقات على مستوى الفصائل العسكرية".
ووصف موقف الإئتلاف من سوتشي "حتى الآن بالجيد"، معربا عن أمله في "الا يتغير في اللحظة الأخيرة تحت الضغط الروسي سواء المباشر أم غير المباشر". وقال: "الليوجرگا" السوتشية بصيغتها الحالية لن تؤدي إلى شيء، ولكن إذا تحولت إلى مسار فستكون على حساب جنيف، والأمم المتحدة تدرك ذاك جيداً، وعلى وجه التحديد ستيفان دي ميستورا نفسه الذي كان متحمساً منذ البداية للحضور، ويبدو انه قد تمكن من إقناع الأمين العام للامم المتحدة بوجهة نظره في اللحظة الأخيرة". وأضاف: "ربما للرجل أسبابه ومسوغاته. ولكن تجربة سنوات طويلة مع تعامله مع الملف السوري من دون أي تقدم أو اختراق، تجعلنا على قناعة تامة بأنه لن ينجز أي معجزات في زمن انعدام وجود زعماء سياسيين من صنف "الأنبياء" أصحاب الرسالة. فالكل ينطلق من المصالح المتوحشة العارية".
غياب الدور العربي
ورد سيدا أسباب فشل كل المساعي السياسية لحل الأزمة السورية سواء في جنيف أو فيينا او حتى آستانة وسوتشي الى "تناقض المصالح الدولية، وتعارض استراتيجياتها، والغياب شبه الكامل للدور العربي في الملف السوري، نتيجة انشغال كل دولة عربية بأولوياتها الخاصة"، كما اشار الى ان "عدم تمكن السوريين المناهضين لحكم (الرئيس السوري بشّار) الأسد من تقديم قيادة سياسة فعلية تمتلك المصداقية لدى شعبها أولاً، ومقنعة على المستويين الإقليمي والدولي، قيادة تلتزم مصالح شعبها أولاً، وتتفهم التفاعلات المستمرة بين المعادلات الإقليمية والدولية وتتعامل مع قضيتها وفق ما تراه من حلول معقولة، لا بموجب الاملاءات التي تأتي من مختلف الاتجاهات، كلها اسباب تراكمت لتؤدي الى فشل المسارات السابق ذكرها".
واعتبر سيدا ان "الدول الكبرى، أميركا وروسيا تحديداً، ما زالت تتعامل مع الملف السوري بعقلية إدارة الأزمة، فيما السوريون على الضفتين ما زالوا يدوزنون الخطوات وفق ضباط الإيقاع الإقليميين والدوليين".
روسيا والبقاء في سوريا
وتطرق سيدا لأزمة عفرين فتحدث عن "تفاهم تركي-روسي واضح بخصوص ما يجري في عفرين"، معتبرا ان "لكل طرف حساباته، ولكن تقاطع المصالح حول الحلقة الأضعف يبقى الأقل كلفة بالنسبة للطرفين".
وأشار الى ان لتركيا "حساباتها الداخلية والإقليمية المستقبلية، فيما روسيا تريد بيئة حيوية إقليمية مساعدة لاستمرارية وجودها المستقبلي في سوريا والمنطقة، وهي تخطط على الأقل لنصف قرن وربما أكثر". وقال: "أما الولايات المتحدة فهي الأخرى تراقب المشهد من دون فاعلية ملموسة". وتساءل، "هل المسألة تدخل في إطار حالة تنافسية بين القوتين الأكبر في ميدان استخدام ورقة الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني لتنفيذ الجوانب التفصيلية لإستراتيجيتهما على الأرض؟ أم ان الولايات المتحدة ستقر بالنفوذ الروسي في سوريا ما عدا المناطق التي تتكامل مع مشروعها ومشروع حلفائها في العراق وتقوية؟ أم أننا سنكون فعلياً أمام "سوريات" تحت يافطة توحي بأن التقسيم مستبعد"؟ وختم، "أسئلة ما زالت تنتظر الاجوبة التي وربما تكون قد حددت في إطارها العام، ولكن التطورات والمتغيرات الميدانية يمكنها دائماً أن تحدث تغييراً هنا، أو تعديلاً هناك".