هل يجوز في كل مرة يختلف مكوّنان من المكونات اللبنانية، ان تنحدر البلاد الى حافة الحرب، كما حدث خلال الأسبوع المنصرم عندما انفجر الوضع على الارض بين التيار الوطني الحر وحركة امل؟.
صحيح ان اللقاء الذي عقد في قصر بعبدا بين رؤساء الجمهوريّة العماد ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري والحكومة سعد الحريري نزع فتيل الانفجار، وصوّب الأمور نحو جعلها في مسارها الصحيح، وتم التوافق على حل الخلافات السياسية ضمن المؤسسات الدستورية وليس في الشارع، لكن هل باستطاعة الإستقرار الذي تعرّض لإهتزاز بالغ، أن يتحمّل نكسات مماثلة ومتكررة؟.
يرى مراقبون ان التجارب والاحداث في لبنان، خصوصا بعد اتفّاق الطائف، اثبتت انه لا يمكن لاي طائفة او اي فريق، او اي ثنائي او ثلاثي التحكّم بلبنان، بل السبيل الوحيد لدوام الاستقرار هو الشراكة ضمن اتفاق الطائف .
ويقول هؤلاء ان الخريطة السياسية للبنان تغيّرت بعد انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، كما تبدلت صورة التعاطي بين السلطات الثلاث، حيث اصبح رئيس الجمهورية الذي له حضور نيابي وشعبي عبر تياره السياسي الذي هو التيار الوطني الحر، شريكا فاعلا في السلطة، على خلاف ما كان قائما منذ الطائف حيث تعاقب على رئاسة الجمهورية موظفون حَمَلَتهم ظروف إقليمية ومحلية الى سدّة الرئاسة .
ورأى هؤلاء ان هذا الواقع أربك البعض، وبالتحديد السلطة الثانية ورئيسها، الذي برأي انصار التيار البرتقالي، يضع العصي في دواليب هذا التيار منذ عودة رئيسه العماد ميشال عون من المنفى .
ويرى هؤلاء ان تفاهم ٦ شباط بين التيار الوطني الحر وحزب الله الذي وقّع منذ اثني عشر عاما، ثبت الاستقرار في لبنان، وكان عاملا مهما في رد العدوان الإسرائيلي عن لبنان ودحر التكفيريين، لكنه لم ينجح بعد بإقامة الدولة العادلة والقويّة، وان التيار الوطني الحر لم يتمكن خلال السنوات الماضية رغم تحمله جزءا من مسؤولية الحكم، حيث كان شريكا في معظم الحكومات التي تعاقبت خلال تلك الفترة، من تصحيح الأخطاء التي يشكو منها، بسبب ضعف التمثيل النيابي لرؤساء الجمهورية السابقين، وعدم تجاوب حليفه حزب الله مع تطلعاته لبناء الدولة القوية.
ولفت المراقبون الى انه خلال الاحداث الاخيرة بين امل وحزب الله قصد البعض إبراز مرحلة من مراحل الحرب اللبنانية، لتوجيه رسالة الى التيار البرتقالي، الذي اتهمه هذا البعض وبسبب تصريحات وزير الخارجية جبران باسيل بأنه يمهد للتطبيع مع اسرائيل، والتقليل من دوره الوطني من خلال تحالفه ووقوفه الى جانب المقاومة خلال السنين الماضية .
ورأى المراقبون ان "غسل القلوب" الذي حصل يوم الثلاثاء الماضي امر جيد، ولكنه غير كاف لعدم عودة مثل هذه الخلافات الى الظهور وان المطلوب الامور التالية :
1-اعتراف الجميع بأن رئاسة الجمهورية اليوم شريكة اساسية في اللعبة البرلمانية والسياسية اضافة الى صلاحياتها الدستورية في مسار الحكم .
2-العودة الى المؤسسات الدستورية فعلا لا قولا في كل خلاف سياسي، والكف عن التهديدات التي تطلق وأطلقت في الماضي في إشارة الى الشارع .
3-ان يتحمل التيار الوطني الحر ورئيسه بالتحديد مسؤولياته، وألا يورط العهد ورئيسه بمواقف يصعب الدفاع عنها، كما حصل عندما وصف رئيس المجلس بـ"البلطجي".
4-ان تدخل تعديلات وازنة على النظام الداخلي للمجلس النيابي كي يكون دور رئيسه هو ادارة الجلسات وليس فرض ارادته على البرلمان، الأمر الذي شكا ويشكو منه العديد من اعضاء المجلس الحالي .