أعادت حركة حماس ترميم علاقتها بحزب الله والجمهورية الإسلامية الإيرانية، بيد أنّ مصالحتها مع الحكومة السورية لما تقترب بعد.
لقد تحيّنت حماس فرصة استهداف الغارات "الإسرائيلية" إحدى القواعد العسكرية السورية في المنطقة الوسطى وتصدّي الدفاع الجوي السوري للهجوم "الإسرائيلي"، وإصابته طائرة من طراز F16 قبل أن تسقط في الجليل المحتلّ، لتبعث برسائل حسن نية إلى الرئيس السوري بشار الأسد.
لقد فاتح كلّ من حزب الله والإيرانيين الرئيس الأسد بملف حماس، لكنه لا يزال على موقفه المتحفظ من إعادة المياه الى مجاريها لخصوصيات سورية، تقول مصادر مقرّبة من حزب الله لـ "البناء".
إنّ إشادة القيادي في حماس أسامة حمدان بـ"الأداء الرائع للجيش السوري" وتأكيده "وقوف الحركة إلى جانب سورية ضدّ أيّ عدوان "إسرائيلي""، أشبه بتقديم أوراق اعتماد، تقول المصادر نفسها. فهذه الأوراقكانت سبقتها، مواجهة أكناف بيت المقدس المحسوبة عليهم، تنظيم "داعش" في مخيم اليرموك والمخيمات الفلسطينية الأخرى في سورية، بعدما كانت تقاتل في بداية الأزمة إلى جانب "المعارضة المسلحة" في وجه الجيش السوري.
فهل ستتبدّل الوقائع والمعطيات؟
تشدّد المصادر على أنّ الأداء الحمساوي هو نقطة في سياق من المفترض أن يؤدّي إلى إعادة تطبيع العلاقة. فالأداء الأخير يمثل أوّل خطوة تراجعية عما كانت عليه حماس في بداية الأزمة السورية، لكنها تحتاج إلى استكمال. بالتالي فإنّ السياسة الجديدة للحركة تحمل الكثير من الإيجابيات التي يمكن البناء عليها مستقبلاً، لا سيما مع التطوّرالايجابي الذي ظهر أيضاً في علاقتها بمصر، وفي ضوء الحديث، وفق المصادر نفسها، عن أنّ غزة عادت جزءاً من منظومة المواجهة المقبلة ضدّ "إسرائيل".
وتعترف أوساط حماس لـ "البناء" بأنّ إعادة عقارب الساعة مع سورية إلى ما كانت عليه قبل العام 2011 ستكون مقرونة بتقدّم الحلّ السياسي، ولهذا الهدف تؤكد أنها تجري اتصالات بعيدة عن الإعلام مع المعارضة السورية بالتزامن مع اتصالات يجريها حزب الله مع الحكومة السورية للوصول لتفاهمات تمهّد الطريق لحلّ سياسي، بموازاة الحراك الروسي الإيراني التركي المستند لمؤتمر أستانة. علماً أنّ الحركة، كما تشير أوساطها، أجرت مراجعة لسياستها تجاه سورية منذ نحو 5 سنوات، عندما قال رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس خالد مشعل العام 2013 في ندوة للجنة العالمية للقدس في بيروت من حق الشعوب الانتفاض من أجل حقوقها، ولكن يجب أن يتمّ ذلك بوسائل سلمية، وأنّ على هذه الجماعات التي تقاتل في سورية أن توجّه البندقية الى العدو الذي يحتلّ فلسطين". وتتطلع الأوساط نفسها إلى تحسّن في العلاقة مع سورية على غرار المؤشرات الإيجابية التي باتت تحكم علاقة حماس بالقاهرة.
وتؤكد معطيات الأشهر الأخيرة أنّ تعاوناً عاد الى الواجهة مجدّداً بين حارة حريك وحماس في المجالات العسكرية والأمنية والتدريبية.وتتحدّث المصادر عن لقاءات عدّة عقدها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مع مسؤولين في الحركة، لا سيما القيادي صالح العاروري نظرا لدوره وحيتيته العسكرية، فهو أسهم في الانطلاقة الفعلية لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية في الضفة الغربية عام 1992. وتشيرالمصادر إلى أنّ العلاقة بين حماس والضاحية الجنوبية تطوّرت في نهاية العام 2014، ووصلت إلى الذروة في العام 2017 بانتخاب العاروري نائباً لرئيس المكتب السياسي ويحيى السنوار قائداً للحركة في قطاع غزة؛حيث تكرّست العناوين العريضة لإعادة تموضع حماس في حضن إيران وحزب الله، توطئة للولوج إلى مرحلة جديدة تطوي تماماً صفحة الماضي، وتعيد تأسيس العلاقة على قواعد أكثر رسوخاً.