في قانون الإنتخابات الجديد، سُميّت دائرة البترون والكورة وبشري وزغرتا بـ"دائرة الشمال الثالثة" لكن في الواقع التنافسي الإنتخابي تحتل المرتبة الأولى ومن دون أي منافسة تذكر مع باقي الدوائر، حتى أن خبراء الإحصاء يصنفونها في المرتبة الأولى على صعيد لبنان ككل، وليس فقط في الشمال الذي يضم أيضاً دائرتين إنتخابيتين، دائرة عكّار، ودائرة طرابلس والمنية والضنية.
وعن هذا التصنيف، يقول خبير إنتخابي، "لقد جرت العادة في الدورات السابقة أن تشهد الدوائر ذات الأكثرية المسيحيّة المعارك الإنتخابية الأقوى في لبنان، لسبب أن الدوائر ذات الأكثرية المسلمة فيها أكثريات ساحقة، لكل من حزب الله وحركة أمل وتيار المستقبل والحزب التقدمي الإشتراكي، مقابل تنوع سياسي للأحزاب والتيارات في المناطق المسيحية، ولسبب أن المعركة في الدوائر ذات الأكثرية المسيحية لا سيما المارونية منها، تحدد حجم الزعامات وشخصيات الصف الأول، وتفتح الطريق أمام الفائزين للدخول الى نادي المرشحين الى رئاسة الجمهورية، فكيف إذا جُمع الشمال المسيحي بغالبيته المارونية في دائرة واحدة"؟.
في السياق عينه، تظهر قراءة سريعة للدوائر الـ١٥ التي قسمّها قانون الإنتخاب الجديد، الى أن دائرة الشمال الثالثة (البترون، الكورة، زغرتا وبشري) هي الأكبر في لبنان لناحية عدد المقاعد المسيحية، وتضم ١٠ مقاعد مسيحية، تأتي بعدها دائرة بيروت الأولى وتضم ٨ مقاعد (٤ للأرمن، ماروني، أرثوذوكسي وكاثوليكي). القراءة تظهر أيضاً أن دائرة الشمال الثالثة، تضم أكبر تجمّع للمقاعد المارونية لأن مقاعدها العشرة تتوزع بين ٧ للموارنة، ٢ في البترون و٣ في زغرتا و٢ في بشري، مقابل ٣ مقاعد للروم الأرثوذوكس في الكورة.
أضف الى كل ما تقدم، يؤكد الخبير الإنتخابي أن وجود ٤ من اللاعبين الأساسيين في الدائرة ومن المطروحين الى رئاسة الجمهورية وهم رئيس تيار المرده النائب سليمان فرنجية ورئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجيّة جبران باسيل ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إضافة الى النائب بطرس حرب، يكفي لكي يجعل من الدائرة أم المعارك الإنتخابية في لبنان.
ما هو محسوم في دائرة أم المعارك، هو تحالف التيار الوطني الحر مع تيار المستقبل، وما هو محسوم أيضاً بحسب المعلومات، هو تحالف تيار المرده الذي سيرأس لائحته طوني سليمان فرنجية مع النائب بطرس حرب والحزب السوري القومي الإجتماعي. أما ما هو غير محسوم، فهو مصير القوات اللبنانية التي لم تعلن بعد إذا كانت ستنضم الى تحالف التيار والمستقبل أم أنها ستتحالف مع حزب الكتائب الذي لم يحسم أمره بعد لناحية التحالف مع القوات أو مع المجمتع المدني، الذي، يتجه أيضاً الى تشكيل لائحة في الدائرة وسط تكرار رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل في كل إطلالاته أنه ينوي التحالف مع المجتمع المدني لا مع الأحزاب. من الأمور غير المحسومة أيضاً هو مصير حركة الإستقلال برئاسة ميشال معوض، التي لم تعلن بعد عن وجهة تحالفاتها.
إذاً في الدائرة المحتدمة إنتخابياً موزاييك سياسي مسيحي يجعل التكهن بنتيجة مقاعدها من الأمور الصعبة قبل تشكيل اللوائح التي تنتهي مهلة تسجيلها في وزارة الداخلية، في السابع والعشرين من آذار المقبل.