احتفل رئيس أساقفة بيروت المطران بولس مطر بالقدّاس الإلهي في المستشفى اللبناني الجعيتاوي الجامعي في الأشرفيّة في مناسبة اليوم العالمي السادس والعشرين للمريض، شارك فيه لفيف من الكهنة والسيد عماد واكيم ممثلّا نائب رئيس الحكومة وزير الصحة العامة السيد غسّان حاصباني والنائبان الشيخ نديم الجميل والسيد سرج طورسركيسيان والوزيران السابقان ماريو عون ونيكولا صحناوي وممثلون عن القادة العسكريين والأمنيين والرئيسة العامة لراهبات العائلة المقدّسة المارونيّات الأم ماري أنطوانيت سعاده ومديرة المستشفى الأخت هاديا أبي شبلي والمدير الطبّي فيها العميد البروفسور بيار يارد والسيد إيلي أندريا ممثلًا رئيس بلديّة بيروت وأطباء وممرّضون ومرضى.
وأكد المطران مطر أنه "في الرسالة التي سمعتم من القديس يعقوب تذكيرٌ بسرٍّ من أسرار الكنيسة السبعة وهو سرّ مسحة المرضى ومرافقتهم بالصلاة لشفائهم ومساعدتهم، يقول لنا الرب يسوع إن الاهتمام بالمرضى أمرٌ أساسي وليس عابرًا. أما في الإنجيل المقدَّس فالربُّ يعطي لنا مثلًا عظيمًا حول الرحمة والالتفاتة للآخر وبخاصةٍ المريض، أراد أن يجرّب يسوع: فسأله مَن قريبي؟ فكان جواب يسوع كلنا أقرباء وبحاجةٍ إلى بعض البعض. ثم روى له مثل السامري الذي أنقذ يهوديًّا ضربه اللصوص وطُرح على الطريق ولم يسعفْه أحدًا، حمله ومسح جراحه وأودعه في الفندق ودفع تكاليف إقامته فيه. فقال يسوع للسائل: مَن كان قريبًا لهذا الرجل؟ فقال له: مَن عامله بالرحمة. قال يسوع: اذهب وافعل مثله. ينقض المسيح الفرق بين العداوة والصداقة، نحن كلنا إخوة مهما اختلف لوننا وديننا، للمحتاج حقٌّ علينا جميعًا، حقٌّ على الكنيسة والدولة والمسؤولين، من غير المسموح لنا النظر فقط على مَن يتعذّب. كان الأب ميشال حايك، رحمه الله، يقول عن متصوّفٍ عربيٍّ قديم: لو ماتت شاةٌ وحيدةً على شطٍّ بعيد، لَخِلْتُ ربّي مسائلي عنها يوم القيامة. نحن مسؤولون عن المرضى والذين أُقعِدوا لينهضوا إلى الحياة. طبعًا المسؤوليّة تتوزّع. اهتمَّت الكنيسة منذ القديم بالمرضى، أولى المستشفيات في العالم هي مستشفيات الكنيسة. الكنيسة برجالها ونسائها قد تُخطىء. نحن نقول، يا إخوتي، أن الكنيسة مقدّسة برأسها يسوع المسيح. بعطائها قد تكون ضعيفة. نطلب النعمة حتى نلّبي طلبات الربّ منّا جميعًا وأن نعاون بعضنا بعضًا. الكنيسة تقوم بواجبها سواء في المدارس والجامعات والمستشفيّات. اليوم هناك وضع جديد لم نعرفه من ذي قبل. المجتمع اللبناني قبل العام 1975 كان يتمتع بطبقة وسطى واسعة الإنتشار، وكانت لديه القدرة لتملك المنزل والعيش الكريم والعلم. ولكن الظروف الإقتصاديَّة الحاليَّة تبدَّلت والمجتمع لم يعد قادرًا اليوم على مواجهة الأحداث والظروف".
ولفت الى أن "هناك حاجةٌ كبيرة وعلى الدولة أن تغيّرَ مفهوم ذاتها، فتصبح دولة مسؤولة ومعتنية، وعلينا نحن أيضًا كمواطنين أن نغيّر نظرتنا الضرائبيَّة فنتحوَّل من جماعة غير مسؤولين إلى جماعة مسؤولين، محاسَبين ومحاسِبين ومهتمّين ببعضنا البعض. وهذا أمرٌ جديد مطروح على الشباب بصورةٍ خاصَّة، الذي يبحث عن لبنان المستقبل. عند ذاك تُطرَح أمور الصحَّة والنظر بالضمان الذي يجب أن يستفيدَ منه كلُّ لبناني. أين الهدر بالصحة؟ صناديق كثيرة وتداخلات ومرضى لا يطببون بشكل كافٍ ولا يؤمّن الضمان للجميع. أين العدالة بالنسبة للجميع؟".
وأشار المطران مطر الى أنه "في يوم المريض العالمي نشكر كل الذين يهتمون بالمرضى، نحن في مستشفى متوّثّب ونطلب التوفيق لإدارته حتى يُكّمل المشروع، فيكبر المستشفى وكلّ مستشفياتنا وهذا يتطلّب تضحيات ونحن نحمد الله على ذلك ونطلب من الله أن يباركَ كلَّ هذه الأعمال، كما نصلّي على نيَّة الأطباء والممرضين الذين يخدمون الحياة وليس الموت. الطبيب هو لخدمة الحياة. لذلك الكنيسة ترفض ما يُسّمى الموت الرحيم. أمران يجب على الإنسان ألا يتدّخل بهما، مجيئه إلى الحياة وتركه لها. هذان أمران للربّ وحده. زرتُ بعض المستشفيات عند راهبات الصليب التي تستقبل مرضى يعانون من حالات نفسيَّة فيهتممن بهم خير اهتمام ولمجد الله، فبذلك نُبقي على الحياة طالما ربُّ الحياة أمر بهذه الحياة ويأخذها ساعة يشاء.المرض ليس قصاصًا من الربّ. والإنجيل المقدّس يقول لنا ذلك، عندما أتوا إلى يسوع بأعمى منذ ولادته، وسألوه: مَن خطىء الولد أم أبواه؟ ماذا كان جواب يسوع؟ لا هو خطىء ولا أبواه، بل ليتمجّد الله فيه. نحن نتقبّل وجعنا لمجد الله. ولمجد الله علينا أن نقبل ولادة ولد مصاب بإعاقة ما. الوالدان يعتبرانه بَرَكة البيت".