أكّد الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل أنّ وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون بدأ شبه مفاوضات مع الدولة اللبنانية خلال زيارته إلى بيروت، إلا أنّه أعرب عن اعتقاده بأنّ هذا الأمر لن ينتهي خلال ساعات، متحدّثاً عن طلبات أميركية لا يمكن البحث بها، في حين أنّ هناك طلبات أخرى يمكن النقاش حولها.
وفي حديث إلى تلفزيون "LBCI" ضمن برنامج "نهاركم سعيد" أداره الإعلامي مالك الشريف، اعتبر أبو فاضل أنّ زيارة تيلرسون إلى بيروت مهمة جدًا في الشكل، مشيراً إلى أنّه لو قام تيلرسون بجولة على المنطقة ولم يزر لبنان لكان البعض قال إنّ لبنان ليس على الخارطة.
ولفت أبو فاضل إلى أنّ مساعد وزير الخارجية الاميركية السفير دايفيد ساترفيلد بقي في بيروت لاستكمال ما بدأه تيلرسون، لجهة الاتصالات مع وزير الخارجية جبران باسيل، مشدّداً على أنّ موضوع ترسيم الحدود وبلوكات النفط يشكّل هاجسًا أساسيًا، منبّهًا إلى أنّ هذا الأمر من شأنه توتير المنطقة برمّتها، وهو ليس لعبة.
هل تتفجّر المنطقة؟
ورداً على سؤال، أكد أبو فاضل أنّ مصلحة الأميركي اليوم تقضي بأن لا تتفجّر المنطقة، ملاحظاً أنّ المنطقة متداخلة بعضها ببعضها ومصالح الأميركي تتأثر في كلّ المنطقة، ولفت إلى أنّ الموقف اللبناني سيظلّ ثابتًا، مشيراً إلى أنّ موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وكذلك رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري هو موقف وطني، واضح ومميّز ولا غبار عليه.
وتحدّث أبو فاضل عن تغيير في الدماغ اللبناني وفي النهج والأسلوب، كما أنّ هناك نوعًا من الاستقلالية عند الرؤساء، لافتاً إلى أنّه تبيّن أنّ الرئيس ميشال عون كرّس مفهوم الرئيس القوي، وهو ما يعترف به الجميع، بمن فيهم مناصرو الرئيس عون كما خصومه، وأشار إلى أنّ أيّ حلّ لا يمكن أن يتمّ على حساب السيادة اللبنانية.
ورداً على سؤال، رأى أنّ كلّ ما تقوم به إسرائيل اليوم هو استعراضٌ، مشدّداً على أنّ إسرائيل ليست ضعيفة، ولكنّها غير مستعدّة لحرب في هذه المرحلة، خصوصًا أنّ لديها مشاكل داخلية كثيرة، لافتاً إلى أنّ الحرب ليست لعبة ولن تكون لعبة، وخصوصًا بعد إسقاط الجيش السوري طائرة الاستطلاع الإسرائيلية.
العناد اللبناني سوف يستمرّ
وتحدّث أبو فاضل عن تلازم مصير ومسار في البلد اليوم عند كافة الفرقاء، مشيراً إلى أنّ الرؤساء الثلاثة متفقون على الموقف الوطني على هذا الصعيد، ولفت إلى أنّ الوزير جبران باسيل يتابع عمله بكدّ، وهذا ما لا يستطيع أحد أن ينكره، وهو معروف عنه بأنّه رجل نشيط ومثابر.
ورداً على سؤال، جزم أبو فاضل أنّ إسرائيل لن تشنّ حربًا اليوم، لافتاً إلى أنّ مصلحة إسرائيل أن تشلّ لبنان حتى لا يصبح دولة نفطية وليس أكثر من ذلك، مشيراً إلى أنّ الحراك على الصعيد اللبناني اليوم هو لعدم وصول إسرائيل إلى مبتغاها على هذا الصعيد، وأكد أنّ لديه قناعة بأنّ العناد اللبناني للحفاظ على حقه سوف يستمرّ بقوة وسوف يوصل إلى نتيجة.
قوة ردع ممثلة بالدولة والمقاومة
وأكد أبو فاضل، رداً على سؤال آخر، أنّ لبنان ربما لا يستطيع مواجهة الولايات المتحدة، ولكنّه يستطيع مواجهة إسرائيل، متحدّثاً في هذا السياق عن قوة ردع ممثلة بالدولة اللبنانية وبالمقاومة التي انتصرت على إسرائيل في العام 2006 ولم تحقق توازن رعب فحسب بل توازن حرب بكل ما للكلمة من معنى.
وأشار أبو فاضل إلى أنّ قوة حزب الله أنّ إسرائيل لا تعرف اليوم إمكانياته وقدراته، وهنا بيت القصيد، ولفت إلى أنّ المقاومة لم تقدّم لإسرائيل أيّ هدية وهي أسقطت الكثير من الرؤساء والحكومات ورؤساء الأركان، ملاحظاً أنّ إسرائيل لا يزال يرعبها حديث الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، كما تترجم أقواله ويعلق عليه جميع القادة العسكريين الإسرائيليين.
الحريري توجه إلى حلفائه السابقين
وفي سياقٍ آخر، اعتبر أبو فاضل، تعليقاً على المهرجان الذي نظمه تيار المستقبل في الذكرى السنوية الثالثة عشرة لاغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، أنّ الرئيس سعد الحريري أصبح ينظر إلى الأمور بنظرة مختلفة عن السابق بعدما اعتبر أنّه طُعِن في الفترة الأخيرة، وأشار إلى أنّ خطاب الرئيس الحريري ووجود الوزير سليم جريصاتي ممثلاً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى جانبه يدلّل على أنّ الرئيس الحريري لم يتوجّه بخطابه إلى حزب الله بل إلى الذين كانوا معه في 14 آذار.
ورداً على سؤال، لفت أبو فاضل إلى أنّ الرئيس الحريري أصبح متحالفاً جداً مع الوزير جبران باسيل ومع صاحب العهد فخامة الرئيس العماد ميشال عون، وكذلك الأمر مع دولة الرئيس نبيه بري ولو كانت هذه المرحلة تقتضي ذلك، ورأى أنّ الرئيس الحريري لا يمكن أن يخاطب جماعته إلا كما فعل، خصوصاً بعدما دخلنا موسم الانتخابات، وأشار إلى أنّ خطابه كان مريحًا لقاعدته الشعبية، كما أنّه شدّ العصب بشكل واضح.
الحريري لم يبقّ البحصة
ورداً على سؤال، نفى أبو فاضل أن يكون رئيس الحكومة سعد الحريري قد بقّ البحصة في خطابه في 14 شباط، ولكنّه لفت في الوقت عينه إلى أنّ كلامه عن كتبة التقارير كان واضحًا، مجدّداً القول بأنّ المطلوب كان الذهاب إلى مشكل في البلد مع استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من السعودية، وهو ما لم يحصل.
وكشف أبو فاضل، رداً على سؤال، أنّ السفير السعودي يقول لزواره بأنّه سيكون للمملكة موقفٌ من الملفّ الانتخابيّ قبل نهاية شهر شباط، مشيراً إلى أنّ حضور السفير السعودي مهرجان 14 شباط لا يكفي، فالرئيس الحريري يريد شيئاً ملموساً، وليس مجرّد كلام بكلام.
وشدّد أبو فاضل على أنّ مصلحة البلد تبقى فوق كل اعتبار، وهذه المصلحة هي التي أملت على الرؤساء الثلاثة الذهاب إلى التوافق والمصالحة فيما بينهم، بعد مرحلة من التوتر شهدتها الفترة الأخيرة.
خطوط مفتوحة مع الجميع
ورداً على سؤال آخر، اعتبر أبو فاضل أنّ الرئيس الحريري ترك الخطوط مفتوحة مع الجميع، مشيراً إلى أنّنا كنّا ننتظر أن يبدأ الرئيس الحريري تحالفاته، وهو ينتظر القرار السعوديّ، مرجّحاً أن يصله الردّ من المملكة العربية السعودية في نهاية شهر شباط الحالي.
ولفت أبو فاضل إلى أنّ هناك اتفاقاً قوياً وكبيراً بين الرئيس الحريري والوزير جبران باسيل، مؤكداً أنّ هذا القرار يمكن أن يترجم على الأرض، ولكن بعد القرار السعودي، الذي سيرسم ملامح المرحلة المقبلة، وهذا ما ظهر في خطاب الرئيس الحريري، الذي لم يحسم أمر تحالفاته، وكان تركيزه على دغدغة مشاعر شارعه من خلال تأكيد عدم تحالفه مع حزب الله.
وإذ أشار أبو فاضل إلى أنّ حزب الله أيضًا ربما ليس لديه مصلحة بالتحالف مع الرئيس الحريري، لفت إلى أنّ الجانبين متحالفان في المقابل في السلطة الإجرائية، وهما متواجدان في حكومة واحدة.
العفو قائم وسيقرّ
وكشف أبو فاضل، رداً على سؤال، أنّ الرئيس ميشال عون هو الذي طلب من الوزير سليم جريصاتي، المعروف بحنكته ودرايته، إعداد مسودة العفو، إلا أنّه أشار إلى أنّ توقيت إعلان العفو هو عند الرئيس سعد الحريري، مرجّحًا أن يتمّ ذلك بعد 15 آذار، تاريخ بدء الدورة العاديّة، بالاتفاق بين الرؤساء الثلاثة.
وأعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ العفو قائم وسيقرّ، على أن يستثني من تلطّخت أيديهم بالدم من خلال أعمال وجرائم إرهابية، نافيًا أن يكون حديث رئيس الحكومة عن العفو من باب دغدغة المشاعر فقط.
اعتراف أميركي ضمني
من جهة ثانية، اعتبر أبو فاضل أنّ وزير الخارجية الأميركي اعترف ضمنياً بتصريحه من الأردن أنّ حزب الله هو من النسيج السياسي اللبناني، ولكنّه لفت إلى أنّه تعمّد على إطلاق موقفه هذا قبل أن يأتي إلى لبنان، مشيراً إلى أنّه كان يزن الأمور ويعرف ماذا يريد أن يقول.
وشدّد أبو فاضل على أنّ النظرة الأميركية لحزب الله لم تتغيّر، ولكن هناك عملية تحييد للبنان وهناك مظلة أميركية وأوروبية تحمي لبنان، وأشار إلى أنّ رئيس الدبلوماسية الأميركية إذا غيّر قوله فهذا لا يغيّر فكره، ولكن قناعته أنّ حزب الله هو من النسيج اللبناني.