رأى رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي جان فهد، أنّ "تحصين استقلالية السلطة القضائية والحدّ من تأثير السلطة التنفيذية والإغراءات من أي نوع كانت على القضاة، تشكّل العمود الفقري لجهود مكافحة الفساد، وعلى هذا الأساس اقترح مجلس القضاء الاعلى عام 1965 إجراء تشكيلات دورية للقضاة وتخصيص قضاة لترؤس اللجان القضائية من دون تعويض والغاء قيام القضاة بالتدريس في معاهد الحقوق ليتفرغ القضاة لاداء الوظيفة القضائية وللحد من ادوات التأثير المالي على القضاة".
وأشار فهد، خلال مشاركته ورشة عمل بعنوان "تعزيز دور النظام القضائي في إطار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد"، الّتي تنظمّها الوزارة بالإشتراك مع وزارة الدولة لشؤون مكافحة الفساد ومجلس القضاء الأعلى ووزارة العدل، إلى "التطور الذي طرأ على القوانين وقواعد اخلاقيات المهنة القضائية والتوصيات الصادرة بوجوب تعزيز السلطة القضائية وتحصينها ماديا ومعنويا منذ عام 2001 الى 2014، وقرارات التأديب والصرف الصادرة في حق مخالفين"، لافتا الى انه "أخيرا وفي عام 2017، تم وضع نظام تقييم العمل القضائي من قبل الهيئات الاستشارية، وأحيل على مجلس القضاء الأعلى من اجل دراسته وإقراره. ومؤخرا طلب مجلس القضاء الأعلى من وزير العدل إلغاء انتدابات القضاة إلى الإدارات العامة للاستفادة من طاقاتهم في القضاء العدلي".
وركّز على أن "الهيئات التأديبية لقضاة القضاء العدلي أصدرت خلال السنوات الخمس المنصرمة أكثر من خمسين قرارا تأديبيا وتم صرف قاضيين من الخدمة الفعلية، كما استجاب خمسة قضاة لطلب تقديم استقالتهم وتمت المباشرة بإجراءات صرف قاض من الخدمة على أساس المادة 95 من قانون القضاء العدلي إلا أن القاضي المعني استقال قبل الانتهاء منها"، جازما أنه "لا توجد أي شكوى قدمت بحق أي قاض دون أن تلقى متابعة دقيقة سواء من قبل هيئة التفتيش القضائي أو من الهيئات التأديبية بغية تبيان كامل حقيقتها".
وأوضح فهد ان "مجلس القضاء الأعلى أتم جميع الأحكام الواردة في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي لا تتطلب تدخل المشترع اللبناني، وذلك رغم انعدام وجود تمويل أي من الخطوات التي تم تنفيذها، مع الإشارة إلى أن موازنة وزارة العدل في لبنان لا تتجاوز 0.4 في المئة من حجم الموازنة العامة".
وذكر بأن "مجلس القضاء الاعلى ينتظر الخطوات التي ستتخذها الحكومة والمجلس النيابي في سبيل تدعيم استقلالية السلطة القضائية وفق ما تؤكد عليه المادة 11 من اتفاقية مكافحة الفساد لتزيد من جهوزيته في مكافحة الفساد الإداري"، منوّهاً إلى أنّ "استرداد مشروع تعديل المادة الخامسة من قانون القضاء العدلي الذي يتيح لمجلس القضاء الأعلى وضع التشكيلات القضائية موضع التنفيذ، كما والمس ببعض الضمانات الاجتماعية للقضاة، وجعل رواتب بعض الموظفين أعلى من رواتب القضاة لا يصب في خانة تعزيز جهوزية السلطة القضائية في مكافحة الفساد، فتدني رواتب القضاة لا يشجع العناصر القوية إلى الدخول في سلك القضاء كما عبر عنه الدكتور غالب محمصاني في المجلس النيابي عام 1965".
وأكد فهد أن "القضاء يتطلع إلى المستقبل بأمل كبير بعد أن أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في افتتاح السنة القضائية في تشرين الثاني 2017، على وجوب إعادة النظر في النظام الذي يرعى المؤسسات القضائية، لتحصين استقلاليته ونزاهته، وقد يذهب التغيير الى جعل القضاء سلطة منتخبة فتصبح حكما سلطة مستقلة مع وضع التشريعات اللازمة لخلق التوازن في ما بينها".