أكّد الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل أنّ القيادة السورية اتخذت القرار بتحرير وتنظيف منطقة الغوطة الشرقية نهائيًا من المسلحين والإرهابيين والتكفيريين، مشيراً إلى أنّ هناك أكثر من حلّ أمام هؤلاء، لافتاً إلى أنّ طريق إدلب مفتوحة على سبيل المثال، كما أنّ باستطاعتهم تسليم نفسهم إلى الدولة السورية.
وفي حديث إلى "الفضائية السورية" ضمن برنامج "حوار اليوم" أدارته الإعلامية أليسار معلا، اعتبر أبو فاضل أنّ الغوطة الشرقية لا يمكن أن تبقى وكأنّها جزيرة منفصلة عن العالم، ملاحظاً أنّ الدول التي كانت تدعم الإرهابيين نفسها استغنت عنهم إلى حدّ بعيد، وأوضح أنّ الانتهاء من هؤلاء الإرهابيين انتصار لسوريا والرئيس بشار الأسد، في حين أنّ بقاءهم هو شوكة في خاصرة سوريا والرئيس الأسد.
وأعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ هذه الشوكة متروكة للمفاوضات الأميركية الروسية، ولاجتماع وزراء الخارجية السوري والإيراني والتركي والروسي في أستانة، مشدّداً على أنّ السوري اتخذ قراره باسترداد أراضيه، وهو لن يتراجع عن ذلك.
خبث دي مستورا
ورداً على سؤال، استغرب أبو فاضل الازدواجية لدى بعض الغرب في مقاربة الأزمة السورية، متسائلاً عمّا إذا كانت المروءة والإنسانية هبّت فجأة على المبعوث الدولي ستيفان دي مستورا، مستهجناً كيف أنّه كان ولا يزال يغضّ الطرف عن الجرائم التي يرتكبها المسلحون والإرهابيون بحق الشعب السوري، لافتاً إلى أنّ دي مستورا يوحي له بالخبث.
ورداً على سؤال، أعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ الأميركيين لا يريدون حرباً في المنطقة في هذه المرحلة، مشيراً إلى أنّه لو كان هناك قرار أميركي بذلك لحصلت الحرب، مشكّكاً بما يُحكى عن أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو الذي منع الحرب بعد التوتر الحدودي الأخير.
تنسيق الحكومتين واجب
ورأى أبو فاضل، رداً على سؤال آخر، أنّ وزير الخارجية الأميركي أتى إلى لبنان بسبب أمرين هما قضية النفط وحزب الله، مشيراً إلى أنّه لولا هذين الأمرين لما كان أحد ليعير لبنان اهتمامه، وتحدّث عن توازن رعب حقيقي في لبنان إن شاءت قوى الرابع عشر من آذار أو رفضت، وإن شاءت جماعة السفارة الأميركية أو رفضت.
وأكد أبو فاضل أنّ الجيش اللبناني قوي جداً، وكذلك القوى الأمنية تُرفَع لها القبعة، وهي التي تعمل ليلاً نهاراً، من دون أن ننسى الأزمة التي تسبّب بها النازحون السوريون الذين لجأوا إلى لبنان بما يفوق بأضعاف قدرته وطاقته الاستيعابية. وشدّد على وجوب حصول تنسيق بين الحكومتين اللبنانية السورية لمعالجة هذا الملف، ولفت إلى أنّ رئيس الدبلوماسية اللبنانية وزير الخارجية جبران باسيل نشط، وهو يقول لا للأميركي، وهذا أمر جيّد ويُبنى عليه.
ثكنة عسكرية في وجه إيران؟
وفي سياقٍ آخر، رأى أبو فاضل أنّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هو الذي يستلم دفة الحكم اليوم في السعودية، معتبرًا أنّه كالفيل في قاعة زجاجية كيفما تلفت يحطّم، مذكّراً بما أسماها حادثة "خطف" رئيس الحكومة سعد الحريري وإجباره على الاستقالة من داخل المملكة العربية السعودية.
ورفض أبو فاضل التسليم بأنّ السعودية ستهدأ الآن وتمنع الأموال والأسلحة عن المسلحين، مشيراً إلى أنّ السعودية وقطر هما اللتان موّلتا المسلحين، مستعبدًا أن يتوقف التمويل السعودي في هذه المرحلة، ملمّحًا إلى إمكانية أن يتقلص حجم هذا التمويل، ولكنه لن يتوقف بشكلٍ كامل، خصوصًا أنّ بن سلمان يقوم بإنشاء ثكنة عسكرية في وجه إيران.
ترامب يريد الدخول إلى إيران
ورداً على سؤال، أشار أبو فاضل إلى أنّ هدف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأساسي الدخول إلى الداخل الإيراني والإشراف على الانتخابات وإحياء ما يسمى بجمعيات حقوق الإنسان، لكنّ الإيرانيين يقفون حائلاً أمام مخططاته، ولفت إلى أنّ الاتحاد الأوروبي هو الذي يقف بين ترامب وإيران، كونه يرفض إلغاء الاتفاق النووي، إضافة إلى الدعم الروسي من خلال الرئيس فلاديمير بوتين لإيران.
وأشار أبو فاضل، من جهة ثانية، إلى أنّ محمد بن سلمان يسعى لإقامة ثكنة عسكرية في المملكة العربية السعودية، موضحًا رداً على سؤال أنّ السعوديّ يسلّح نفسه لمواجهة إيران، إلا أنّه استبعد حصول حربٍ إقليمية في هذه المرحلة، مشيراً إلى أنّ فكرة الحرب مؤجّلة، لافتاً إلى أن لا مصلحة لأحد في الحرب اليوم، وبالتحديد لإسرائيل، في وقت يتمّ إلهاء الجيوش العربية الأساسية بالصراعات الداخلية.
العملية العسكرية لن تتوقف
ورداً على سؤال، أكد أبو فاضل أنّ العملية العسكرية في الغوطة وفي غيرها لن تتوقف، ولكنّها قد تأخذ بعض الوقت، مشيراً إلى أنّه إذا لم تحصل تسوية مع المسلحين سوف تبدأ الحرب عليهم، ولكنها تحتاج للوقت، مشدّداً على أنّ المطلوب كان منذ اليوم الأول ولا يزال ضرب موقع سوريا ودورها في المنطقة.
وجدّد أبو فاضل، رداً على سؤال، القول إنّ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان سلطان لا ينقصه إلا هيام، مشيراً إلى أنّه رجل إخواني يتصرف وفق مصالحه، وهو دائمًا يبحث عن عدو خارجي لتركيا لكي يرتاح في الداخل، لافتاً إلى أنّ النموذج التركي لا يسير إلا كما كتبه مصطفى كمال أتاتورك، مشدّدًا على أنّ إردوغان لا يستطيع تحويل تركيا إلى دولة إخوانية، ولو كان يسعى لاستعادة أمجاد السلطنة العثمانية.
القيادات الكردية أخطأ
وإذ رأى أبو فاضل أنّ إردوغان هو رئيس الإخوان المسلمين اليوم في المنطقة، اعتبر أنّ القيادات الكردية أخطأت في العديد من الأماكن، موضحًا أنّ الدولة الكردية تخضع للمزاج العالمي، ومن ثم تخضع للمزاج التركي والسوري والإيراني والعراقي، مشدّداً على أنّ الأكراد هم من داخل النسيج السوري، وعلى الأكراد أن يضعوا نفسهم كليًا بتصرف الدولة السورية، القادرة هي على حمايتهم.
ورأى أبو فاضل أن لا أحد يعتبر إردوغان حليفاً له، مشيراً إلى أنّ الأميركيين يستطيعون إنهاء دوره إن أرادوا، لافتاً إلى أنّ إردوغان يفتح الجبهات مع الجميع ثمّ يرمّمها ثمّ يعيد فتحها، وهو يتحرّك وفق مصالح الأميركيين، وهم كما نصّبوه يستطيعون وضع حد له، كما فعلوا مع الكثير من حلفائهم السابقين، ومن بينهم مثلاً الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك والرئيس الليبي الراحل معمر القذافي وغيرهم.
قضية الغوطة تحتاج لوقت
ورداً على سؤال، لفت أبو فاضل إلى أنّ إصرار الجمهورية العربية السورية على استعادة أراضيها يعطيها القوة، ورأى أنّ قضية الغوطة الشرقية تحتاج لبعض الوقت، وهي لن تنتهي بخمس دقائق أو خمسة أيام أو عشرة أيام، وأشار إلى أننا سنشهد بداية الحل السياسي بعد 16 آذار موعد المفاوضات في أستانة، لكن قبل ذلك سنكون أمام فصل جديد من التوتر العسكري.
ورأى أبو فاضل أنّ التركي يريد ضمانات بأن لا يذهب الأكراد لإقامة دولة، وهذا هو ما يهمّ التركي، وهو ما يريد من الدولة السورية أن تضبط الأكراد، وهو قد يذهب لحوار مع السوري في نهاية المطاف.