قبل أيام قليلة كان الحديث عن تحالف كل من "التيار الوطني الحر" وتيار "المستقبل" في دائرة صيدا-جزين أنه شبه محسوم، في مقابل اللائحة الثانية التي ستضم أمين عام "التنظيم الشعبي الناصري" أسامة سعد والمرشح عن المقعد الماروني إبراهيم عازار، إلا أن حسابات الربح والخسارة عند التيارين أعادت "خربطة" الأوضاع على مستوى الخارطة الإنتخابية في هذه الدائرة، لا سيما بعد زيارة النائب بهية الحريري لرئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي يدعم المرشح عازار، مقابل زيارة عضو تكتل "التغيير والإصلاح" النائب أمل أبو زيد لسعد، وعضو التكتل الآخر النائب زياد أسود للرئيس السابق لبلدية صيدا عبد الرحمن البزري.
في هذا السياق، تشير مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن الإنتخابات في صيدا-جزين هي صورة مصغرة عن المعركة السياسيّة القائمة في البلد، لا سيما مع تواجد أغلب القوى الأساسية على الساحات السنيّة والشيعيّة والمسيحيّة فيها، وبالتالي لا يمكن الجزم منذ الآن بالصورة التي سيكون عليها الإستحقاق، باستثناء التحالف بين سعد وعازار، مدعوماً من "حزب الله" و"حركة أمل".
في المقلب الآخر، توضح هذه المصادر أن الخلاف بين "الوطني الحر" و"المستقبل" نتج عن رغبة الأخير في تعويض خسارته لمقعد سني في صيدا بآخر مسيحي في جزين، وكان يضع عينه على ترشيح وليد مزهر عن المقعد الكاثوليكي، إلا أن "الوطني الحر" رفض هذا الأمر، نظراً إلى أنه قد يؤدي إلى خسارته أكثر من مقعد واحد في المدينة بينما هو اليوم يحتكر نوابها الثلاث، بعد أن كان حسم أمر ترشيح أسود وأبو زيد عن المقعدين المارونيين فقط.
إنطلاقاً من ذلك، قرر كل فريق إعادة البحث في التحالفات الممكنة، إلا أن الجانبين إصطدما في تسرعّهما في الحديث عن خيارهما السابق، حيث أبلغ برّي "المستقبل" أن التحالف بين عازار وسعد ثابت، والأمر نفسه أبلغه سعد إلى "التيار الوطني الحر"، وبالتالي لا يمكن العودة إلى المربّع الأول في التحالفات.
في هذا الإطار، تشير مصادر "التنظيم الشعبي الناصري" إلى أن تحالفه مع عازار محسوم، في حين لا يزال البحث قائماً عن المرشح الكاثوليكي الذي سينضمّ إلى اللائحة مع ترجيح أن يكون جوزيف حداد، بالرغم من تأكيدها أن هذا لا يعني إغلاق الباب بوجه أحد، لكن الثابت الوحيد لدى سعد هو أن لا تحالف مع "المستقبل" أو حزب "القوات اللبنانية" مهما كان الثمن.
أمام هذا الواقع، سيكون على "التيار الوطني الحر" البحث عن خيارات أخرى، في حال لم يعالج الخلاف مع تيار "المستقبل"، ويبدو أن الأقرب له هو التحالف مع "القوات اللبنانية"، على أن تكون حصتها في هذه اللائحة مرشح عن المقعد الكاثوليكي هو عجاج حداد، إلا أن المعضلة هنا تكمن بالتحالف في صيدا، حيث تجد أغلب القوى والشخصيات الصيداوية مشكلة في الترويج لخيار التحالف مع "القوات"، ما يرجح أن يذهب التيار إلى خيار التحالف مع البزري فقط.
وفي حين كانت الأجواء توحي بأن "القوات اللبنانية" قد تتحالف مع "الجماعة الإسلامية"، التي ترشّح مسؤولها السياسي في الجنوب بسام حمود عن المقعد السني في صيدا، تؤكد مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، أن ترشيح حمود مرتبط بالمفاوضات التي تجريها الجماعة مع "المستقبل" في أكثر من دائرة، وتوضح أن التحالف مع "القوات" ليس من السهل هضمه من جانب قاعدتها الشعبية، مع العلم أن قنوات إتصالها مع البزري لا تزال قائمة رغم معضلة الصوت التفضيلي الذي يدفعهما إلى الحذر من بعضهما البعض، على أن ينضم لهما، في حال التحالف، شخصيات مسيحية وازنة من جزين من خارج دائرة "القوات" و"الوطني الحر".
وضمن لائحة أسماء المرشحين المستقلين، برز في الأيام الأخير اسم النائب السابق لرئيس حزب "الكتائب" رشاد سلامة، الذي يعرب عن نيته في خوض الإستحقاق الإنتخابي، لكن بما يخص موضوع التحالفات فهو لا يزال قيد البحث.
في المحصلة، عادت الأوضاع في هذه الدائرة إلى المربّع الأول، في حين تبدو لائحة سعد-عازار مرتاحة أكثر من غيرها لواقعها، بسبب حسم التحالف بينهما مسبقاً.