خمس لوائح كاملة في طرابلس تستعد لخوض الانتخابات النيابية المقبلة. كل الأفرقاء يشعرون بالقلق نتيجة احتساب الأصوات وفرضيات تحصيل نتائج تتيح الوصول الى ساحة النجمة. وحده رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يبدو مرتاحا". هو ابتعد عن الاصطفافات التقليدية التي عرفتها الفيحاء منذ عام 2005، واتجه لتأليف لائحة محايدة لا تضم مرشحين من 8 ولا 14 اذار. تكتيك ميقاتي يقوم على أساس عدم الغرق مع أي فريق سياسي (14 اذار)، ولا انقاذ فريق آخر(8 اذار).
كانت قوى "8 اذار" تعوّل على الانضمام بالمفرق الى لائحة ميقاتي في تلك الدائرة الشمالية الأبرز، لكن رئيس الحكومة الأسبق أجهض الرهان. فهو يخوض معركة انتخابية بأبعاد سياسية ضد رئيس الحكومة سعد الحريري بالدرجة الاولى. قد يرى رئيس تيار "العزم" أن الوقت مناسب لتحقيق فوز لا يقتصر على مقاعد طرابلس، بل يمتد الى عكار وبيروت. الفارق هنا بين ميقاتي والوزير السابق اشرف ريفي أن الاول يرشّح مناصريه أو القريبين منه في سبيل الفوز بمقاعد لتأليف كتلة نيابية، بينما الثاني يخوض معارك بالجملة من أجل تثبيت الوجود بالترشيحات التي امتدت عنده من الشمال الى البقاع.
في الأجواء الطرابلسية حديث عن مشهد سياسي جديد تستعد له الفيحاء، لانتخاب 11 نائبا" موزّعين بين المدينة وجوارها المنية–الضنية. مجرد استحضار اسماء المرشحين على لائحة ميقاتي، كالوزير السابق جان عبيد وتوفيق سلطان ومحمد نديم الجسر ورشيد المقدم وخلدون الشريف ونقولا نحاس وآخرين، يعني أن اللائحة ستضم شخصيات وازنة اجتماعيا" وسياسيا" و"ليست نافرة"، على حد توصيف طرابلسيين، بل قدمت أيضا" للجمهور وجوها" جديدة لمن يبحث عن التغيير والتجديد.
بالمقابل، فان الكتلة الشمالية الصلبة هي قوى "8 اذار". لم تخسر جمهورها خلال السنوات الماضية، بل ساهمت التطورات السياسية الأخيرة في التخفيف من الضغوط التي تعرضت لها تلك الكتلة شعبيا" وسياسيا". تضم شخصيات وازنة أيضا" يترأسها الوزير السابق فيصل كرامي، ومن بينها "اهم ممثل عن المناطق الشعبية" عربي خليل عكاوي، كما يصفه طرابلسيون. وتضم أيضا" طه ناجي (جمعية المشاريع الاسلامية) والنائب السابق جهاد الصمد–الأنشط في الضنية، وكمال الخير-الأفعل في المنية، واسماء أخرى أيضا".
لكن المفارقة أن الكباش الانتخابي حول نفس القاعدة الشعبية يجري بين لائحتين: "المستقبل" وريفي. يحاول الفريقان ترشيح أسماء اقتصادية وازنة للانضمام الى لائحة تضم عند "المستقبل" وزير العمل محمد كبارة، والنائب سمير الجسر وآخرين، وتعطي عند ريفي دفعا لحاصل انتخابي تؤمن فوزه، معتمدا على حضور شعبي لشخصيات خاضت معركة الانتخابات البلدية منذ عامين. ينشغل الفريقان بالسباق حول نفس الجمهور لكسب أصواته الى جانب احدى اللائحتين.
أما المجتمع المدني فكان جزء أساسي منه خاض المعركة البلدية الى جانب ريفي، وخصوصا جمال البدوي الذي يتصدر الآن في معركة المجتمع المدني الى جانب اسماء معروفة مثل النائب السابق مصباح الاحدب. لكن هل يستطيع كسر مدّ ميقاتي وصلابة كتلة "8 آذار" وقوة القاعدة الشعبية الصامدة عند "المستقبل" وريفي؟.
العين على طرابلس–الضنية–المنية. ستكون منطلقا لفرض حسابات سياسية تصل الى حد مقاربة التوازنات المقبلة بعد الانتخابات، الى جانب نتائج بيروت. ارتياح ميقاتي ينطلق من حسابات بسيطة تقوم على اساس أن ماكينته الانتخابية تبلغ اربعين الف شخص. وحدها تؤمن نجاح عدد من النواب في خريطة نتائج موزعة نسبيا" على كل القوى الرئيسية.