تمنى النائب بطرس حرب، "لو أن المسؤولين عند تشكيل الحكومات ترجموا ما يعلنون عن تصميمهم على إيفاء المرأة حقوقها وإيلائها بعض الحقائب الوزارية". ولفت الى "وجود روائح الفساد السياسي والمالي في لبنان: وتخجلنا أخبار الفضائح والهدر، وتخيفنا أجواء الشحن الطائفي والمذهبي والتعصب والأصولية"، املا ان "تستمر المسيرة، ما يفرض علينا تجديد التزامنا متابعة نضالنا من أجل تحقيق المساواة بين حقوق الرجل والمرأة، مسجلين اعتزازا بما حققته المرأة اللبنانية".
وفي كلمة له خلال مداخلة في ورشة العمل "من اجل قانون أكثر انصافا للمرأة"، التي اقيمت في غرفة الصناعة والتجارة والزراعة، برعاية وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسابيان، ومن تنظيم "الهيئة الاستشارية للتخطيط والانماء" ومكتب وزير شؤون المرأة وغرفة التجارة، في حضور النائبين سمير الجسر وغسان مخيبر، وقضاة وهيئات سياسية واقتصادية ونقابية ومهتمين إلى انه "يسعدني أن أشترك في ورشة العمل هذه وفي طرابلس العزيزة على قلبي، ويؤسفني في الوقت عينه أن متطلبات المعركة الإنتخابية الدائرة لم تسمح لي بإيفاء الموضوع المطلوب إلي بحثه كامل حقه، غير أن الوقت القصير المحدد لي فرض علي الكثير من الإختصار، والإكتفاء بعرض واقع المرأة وحقوقها وواجباتها في قانوني العمل والضمان الإجتماعي، دون التمكن من عرض الأفكار والاقتراحات التي تساعد على فهم الأسباب الإجتماعية والجندرية للصعوبات التي تواجهنا في معركتنا من أجل إزالة عناصر التمييز بين حقوق المرأة والرجل، ومدى تأثير ذلك على العدالة في مجتمعاتنا وعلى نمو هذه المجتمعات ولا سيما أن المرأة تشكل نصف المجتمع، وربما أكثر، وأنني من المؤمنين بأن مقياس تطور المجتمعات، وأهم مظهر من مظاهر تقدمه هو مدى ما تحققه قوانينه وتشريعاته الاجتماعية والاقتصادية، وما إلتزمته مؤسساته في مجال إنصاف المرأة ومساواتها بالرجل وتمكينها من القيام بدورها".
اضاف: "إن المعوقات التاريخية والاجتماعية، وتأثير العادات والمعتقدات والموروثات في مجتمعاتنا الشرقية تعرقل عملية التقدم في هذا المجال بسبب الصعوبات المختلفة والمتنوعة التي تواجهها، إلا أنه لا يجوز إغفال ما ناضلت المرأة من أجله منذ عقود، وتسجيل ما أنجزته في هذا المجال، غير أن المسيرة يجب أن تستمر لإصدار القوانين والتشريعات التي تمهد طريق المرأة لتخطي الصعوبات وإزالة الموروثات السلبية، ومن هذا المنطلق أدعو المرأة لمتابعة نضالها وانتزاع حقوقها التي لا يجوز أن تكون منة من الرجل أو من السلطات. كما أدعو الرجال المؤمنين بمبدأ المساواة بين حقوق الجنسين الى مساندة المرأة والنضال الى جانبها لتحقيق الغاية المنشودة، إذ بقدر ما ننجح ونتقدم في هذا المجال، بقدر ما نكون نساهم في تنمية وتطوير المجتمع ككل، وترسيخ مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات من دون أي تمييز بين المرأة والرجل. صحيح ان الدستور اللبناني يقر بالمساواة في الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية بين جميع اللبنانيين، ولكن النظرة الى المرأة وحقوقها لا تزال متخلفة في أكثر من جانب وعلى أكثر من صعيد".
وتابع: "أتمنى لو ترجم المسؤولون عند تشكيل الحكومات ما يعلنون عن تصميمهم على إيفاء المرأة حقوقها وإيلائها بعض الحقائب الوزارية الى المرأة وعدم الإكتفاء بوزيرة واحدة، والتعويض عن هذا التقصير الكبير، بإنشاء وزارة لشؤون المرأة، وإسنادها الى رجل مؤمن بدور المرأة وحقوقها الوزير جان اوغاسبيان الذي قام ويقوم مشكورا بجهد لافت وصادق من أجل إنصاف المرأة. ويمكنني في هذا المجال ان انوه بالخطوة التي تم انجازها بخصوص اقرار المساواة التامة بين المرأة والرجل في قانون الضمان الاجتماعي، وباقرار إجازة الأبوة، ما يعكس نظرة حديثة وفهما منصفا ومتقدما للعائلة والتربية، باعتبارها ليست شأنا خاصا بالمراة-الأم وحدها، فكما هناك أمومة، هناك ايضا أبوة، وهما يكملان بعضهما البعض. وفي مجال آخر يستفيد الرجل عن زوجته بتقديمات صحية وتعويض عائلي عن زوجته وأولاده، شرط أن تكون زوجته الزوجة الشرعية الأولى، في حال تعددهن، وأن تكون مقيمة معه في منزل واحد وألا تكون تزاول عملا مأجورا".
وقال: "المرأة لا يمكنها أن تغطي زوجها وتؤمن له أي تقديمات صحية أو أي تعويض عائلي من خلال عملها، إلا إذا كان الزوج فوق السن القانونية، أو أن يكون مصابا بعجز كلي أو جزئي تتعدى نسبته 51 % وتثبته تقارير طبية بالإضافة إلى وجوب مثوله أمام لجنة طبية تؤكد ذلك، في المقابل لا يمكن للمرأة ان تستفيد من أي تقديمات عن أولادها، كضمان صحي أو تعويض عائلي، الا إذا كان زوجها عاطلا عن العمل، وأن يكون الاولاد على عاتقها، لجهة إعالتهم، وأن يكونوا مقيمين معها تحت سقف واحد، وأن يثبت ذلك تحقيق إجتماعي يجريه صندوق الضمان الإجتماعي، وهو ما لا يطلب من الزوج. إلا أنه في المقابل، للمرأة أفضلية عن الرجل بالنسبة لتعويض نهاية الخدمة، خلافا لأحكام المادة 52 من قانون الضمان الإجتماعي التي حددت بالنسبة للرجل الحق بتصفية تعويض نهاية الخدمة بعد عشرين سنة خدمة، أو بلوغه السن القانونية، أو العجز، أو الوفاة، ويعطى تعويضا مخفضا بين 50 و 85 %، في حال ترك العمل قبل توافر الشروط أعلاه، بينما تعطى المرأة تعويضا بنسبة 100% في حال زواجها وترك العمل خلال عام بعد زواجها".
وقال: "على صعيد قانون العمل، لا يزال هناك الكثير مما يجب تحقيقه. فالمرأة تعاني من تمييز واضح يحرمها من المساواة في الحقوق مع الرجل، أكان بالنسبة لفرص العمل، او بالنسبة للأجر غير المتساوي، أو حتى في تفضيل المرأة العازبة على المرأة المتزوجة، ناهيك عن العاملات في البيوت اللواتي لا يستفدن من تقديمات الضمان الاجتماعي. كما أن القانون لم يحدد ما إذا كانت إجازة الامومة على سبيل المثال هي بمثابة منحة أو تعويض أمومة، رغم أنه أقر مبدأ الأجر المتساوي للعمل المتساوي، وحدد الحد الادنى للاجور من دون تفرقة بين الجنسين، علما أنه في حالات كثيرة تكون الاجور التي تتقاضاها النساء عمليا أقل من تلك التي يتقاضاها الرجال الذين يقومون بالعمل عينه".
وذكر انه، خلال توليه وزارة العمل سنة 2010، "وتمكينا للمرأة من العمل وانصافا لها، قمت بإعداد مشروع قانون ينظم ويرعى عمل المرأة الجزئي ويشجعها على ذلك، باعتبار أن ما تحقق من تطور تكنولوجي، وما توفر من سهولة في استخدام الانترنت يمكن أي امرأة ترغب في السهر عن قرب على رعاية عائلتها، أن تعمل من المنزل، وتقوم بأعمال متنوعة ومتعددة. وهذا يساعدها على تأمين دخل عائلي وتحقيق نوع من الاستقلالية المادية والذاتية دون إهمال شؤونها التربوية والمنزلية إلا أنه من المؤسف أن هذا المشروع لم يقر بسبب استقالة الحكومة قبل إنجازه".
وختم حرب: "بقدر ما توجعنا روائح الفساد السياسي والمالي في لبنان وتخجلنا أخبار الفضائح والهدر، وتخيفنا أجواء الشحن الطائفي والمذهبي والتعصب والأصولية، المسيرة يجب أن تستمر، ما يفرض علينا تجديد التزامنا متابعة نضالنا من أجل تحقيق المساواة بين حقوق الرجل والمرأة، مسجلين اعتزازا بما حققته المرأة اللبنانية حتى الآن لانتزاع حقوقها بارادتها، وعبر نضالها الديموقراطي وبكفاءتها وجدارتها العلمية والمهنية والادارية، مع أملي أن تستمر المسيرة وتحقيق سبل الأهداف".