في نهاية الاسبوع المنصرم، قصد أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله الحديث عن أهمية المعركة في دائرة بعلبك-الهرمل، ملمّحاً إلى تركيز السفارتين الأميركية والسعودية على رصد الإنتخابات النيابية فيها، وسط حملة واسعة من الإعتراضات على الأسماء التي إختارها الحزب بسبب أداء النواب الحاليين، الأمر الذي دفعه إلى الطلب من الأهالي السؤال عما قدّمه الحزب لهم لا ما قدّمه هؤلاء النواب، الذين هم جزء لا يتجزأ من جسم الحزب.
في بعلبك الهرمل هناك 10 مقاعد نيابية: 6 شيعة، 2 سنة، 1 ماروني، 1 كاثوليك، كان تحالف "حزب الله" و"حركة أمل" يفوز بهم في الدورات السابقة بشكل كامل، لكن اليوم يدرك الحزب قبل غيره، كون هذه الدائرة تعتبر خزّانه الشعبي، أن الفوز بالمقاعد العشرة صعب جداً بسبب قانون الإنتخاب الذي يعتمد النظام النسبي، ما يدفعه إلى البحث عن تلك التي يفضل خسارتها على حساب غيرها، لا سيما أن عدد الناخبين يتوزع على الشكل التالي: شيعة 226318، سنّة 41081، موارنة 22706، كاثوليك 16380، بينما يرجّح أن يكون الحاصل الإنتخابي بحدود 17000 صوت.
في هذا السياق، تشير مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن الحزب على ما يبدو يفضل خسارة أحد المقعدين السنيين لا المقعد الماروني في هذه الدائرة، لا سيما أن المرشح الماروني المنافس سيكون عن حزب "القوات اللبنانية"، وهو طوني حبشي، و"القوات" تملك قاعدة شعبية قوية في الأوساط المسيحية في بعلبك-الهرمل، يمكن الرهان عليها لخرق لائحة الثنائي الشيعي.
من هذا المنطلق، تقرأ هذه المصادر تأجيل "حزب الله" الإعلان عن إسم مرشحه عن المقعد الماروني في بعلبك-الهرمل، حيث أعلن أن هذا الاسم سيظهر في الأيام المقبلة بعد التشاور مع التيار "الوطني الحر"، لا سيما بعد فشل فرص التوافق بين الأخير و"القوات" في هذه الدائرة، بسبب إصرار الأخير على الترشيح عن المقعدين الماروني والكاثوليكي، بعد قرار "حزب الله"، بالتنسيق مع "الحزب السوري القومي الإجتماعي"، ترشيح الوزير السابق ألبير منصور عن المقعد الأخير.
بالتزامن، تلفت هذه المصادر إلى أن الحزب لم يذهب إلى إختيار مرشحين قويين عن المقعدين السنيين (النائب الحالي الوليد سكرية والمرشح عن جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية يونس الرفاعي)، عبر الذهاب مثلاً إلى تسمية أحد أبناء بلدة عرسال، التي تعتبر البلدة السنيّة الأكبر في بعلبك-الهرمل، ما يؤكد أن الحزب يرى أن الأهم في هذه المعركة هو تحصين المقعد الماورني أولاً وأخيراً، إلى جانب المقاعد الشيعيّة، بسبب التداعيات السياسية لخسارة من هذا النوع على المستوى السياسي، وبالتالي من الأفضل أن يأتي الخرق من "تيار المستقبل" على أن يأتي من "القوات اللبنانيّة"، في حال تمكنت اللائحة التي ستجمعهما من الحصول على حاصل إنتخابي.
إنطلاقاً من ذلك، توضح المصادر نفسها أن العديد من الأسماء موضوعة على طاولة المباحثات بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، أبرزها النائب الحالي أميل رحمة، الذي يملك حيثية مسيحية مختلفة عن حيثيات الاحزاب المسيحية، والذي يربط قرار ترشحه بموقف قيادة الحزب من هذا الأمر، وهو لن يخوض الإستحقاق في حال عدم تبنيه من قبل هذه القيادة، بالإضافة إلى كل من النائب السابق طارق حبشي، الذي كان في السابق قريبا من "القوات اللبنانية"، وباتريك فخري، المسؤول السابق في حزب "البعث العربي الإشتراكي"، ونجل صبحي ونديمة فخري اللذين قضيا في الإشكال الشهير مع مطلوبين من آل جعفر.
في المحصلة، يدرك "حزب الله" أهمية المعركة السياسية على المقعد الماروني في بعلبك الهرمل، ومن هذا المنطلق يدرس، مع "التيار الوطني الحر"، الخيارات التي أمامه بشكل دقيق، كي لا يتعرض لهزيمة من "القوات اللبنانية" في خزانه الشعبي.