شدّد الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب غسان غصن، خلال الندوة القومية التثقيفية حول تنمية الموارد البشرية وتعزيز القدرات القيادية في العاصمة العراقية بغداد، على "أهمية العنصر البشري في التنمية الشاملة، اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، وأنّ الإنفاق في ميدان التأهيل واتّباع منهج التدريب المستمر من قبل الحكومات والقطاع الخاص هو استثمار مُجزٍ وجب اعتماده ودعمه في تنمية الموارد البشرية، بحيث يواكب التطور التكنولوجي والتقدم العلمي ويتوافق مع متطلبات العصر". وألقى غصن خلال الندوة كلمة رحب في مستهلّها بوزير العمل والشؤون الاجتماعية العراقي محمد شياع السوداني، والمدير العام لمنظمة العمل العربية فايز المطيري، ورئيس اتحاد نقابات عمال العرق ستّار دنبوس. وقال: "يسرني ويشرفني أن أشارك في افتتاح أعمال هذه الندوة التثقيفية التي تجمع أطراف الإنتاج الثلاثة، أذرع منظمة العمل العربية التي تقع على عاتقها مهمة النهوض باقتصاد الوطن وتوفير مقوّمات البناء والتطور الاقتصادي والاجتماعي". ونوّه باختياره مناقشة تنمية الموارد البشرية وتعزيز القدرات القيادية موضوعاً للندوة. وأضاف: "ندرك جميعاً أهمية العنصر البشري في التنمية الشاملة، اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، وأنّ الإنفاق في ميدان التأهيل واتّباع منهج التدريب المستمر من قبل الحكومات والقطاع الخاص هو استثمار مُجزٍ وجب اعتماده ودعمه في تنمية الموارد البشرية، بحيث يواكب التطور التكنولوجي والتقدم العلمي ويتوافق مع متطلبات العصر، وهو أيضاً ضرورة لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة". وتابع غصن: "إن كانت الثقافة الليبرالية للاقتصاد الرأسمالي تقوم على العائد الاستثماري، فإنّ أثر التدريب والتأهيل على المدى القريب والبعيد، سينعكس إيجاباً على المردود الاقتصادي والاجتماعي وعلى مؤشرات التنمية التي تساعد العمال وأصحاب العمل، على حدّ سواء. وإنّ اعتماد النظم الحديثة في مجالات التدريب والتأهيل المستدام يجب أن يكون بنداً ثابتاً في موازنات الحكومات كما في شركات القطاع الخاص، نظراً لتأثيره على ارتفاع مستوى الإنتاجية لدعم الميزة التنافسية وانعكاسه الإيجابي على خدمات الإدارات العامة والمؤسّسات الخاصة". ورأى "ضرورة في إشراك الإدارات والدوائر المنظمة وممثلي النقابات العمالية في عملية تقويم البرامج التدريبية ووضع الخطط والبرامج التي تستهدف عملية التنمية البشرية وإعداد الكوادر القيادية، ليكون العائدُ متوافقاً مع هدف زيادة الإنتاجية وتحسين ظروف العمل اللائق، وصولاً إلى تحقيق الأهداف الكبرى في عملية التنمية الشاملة الاقتصادية والاجتماعية". واعتبر أنّ "ليس في الإمكان تناول مشكلات التشغيل والحدّ من البطالة وتوفير العمل اللائق في منطقتنا العربية من دون الاهتمام بالتنمية البشرية حيث يشكل التقدم العلمي والتطور التكنولوجي العمود الفقري في عملية تحقيق الازدهار الاقتصادي والرفاه الاجتماعي". وجدّد دعوته "إلى التركيز على تأهيل الشباب والشابات وإعدادهم لدخول سوق العمل، وفقاً لبرامج تدريب مستدام يواكب التطور الحاصل في مختلف الميادين، الصناعية والزراعية والتجارية والخدمية، وفي كافة الأنشطة الاقتصادية الأخرى"، كما لا بدّ من التشديد على وجوب التقيد بالميثاق العربي للعمل ودستوره، فضلاً عن اتفاقيات العمل العربي وقرارات مؤتمرات منظمة العمل العربية وتوصياتها، لا سيما اتفاقية تيسير تنقل الأيدي العاملة العربية، والأخذ بتوجُّهات المنتديات ذات الصلة بالتشغيل والتنمية". ولفت إلى "أنّ امتلاك ناصية العلم ومواكبة التطور التكنولوجي ورفع مستوى تنمية الموارد البشرية كفيل بأن يعزّز القدرات القيادية في كافة مفاصل الاقتصاد الوطني، والوصول إلى تنمية مستدامة في مجتمعات مستقرة، بعيداً عن البطالة والفقر والتهميش والإقصاء الذي يستولد الكراهية والحقد والتطرف"، داعياً "الشركاء الاجتماعيين، حكوماتٍ وأصحاب عمل وعمال، إلى دفع عملية التنمية المستدامة قدماً. من خلال اعتماد برامج حديثة لتنمية الموارد البشرية وإعداد الكوادر القيادية للمساهمة في تطوير الاقتصاد الوطني وتحقيق الازدهار الاقتصادي والأمان الاجتماعي بما يحصِّن الاستقرار السياسي ويحافظ على السلم الأهلي". كما شدّد على "أنّ الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين هو من أبرز المخاطر التي تهدّد استقرار مجتمعاتنا وتعيق التنمية في بلداننا، حيث ينتهك العدو الغاصب مقدساتها ويحاول تهويد أرضها ونهب ثرواتها ويحاصر أبناءها ويضيّق عليهم سبل العيش، فيقطع أرزاقهم كما أشجارهم فيقيم جدار الفصل العنصري ويبني المستوطنات، غير آبه بقرارات الأمم المتحدة والانسحاب من أراضٍ عربية يحتلها في الجولان السوري ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا اللبنانية. وتلاقيه، في المقلب الآخر، الجماعات الإرهابية التي تعيث في الأرض خراباً يطال الحجر والبشر، وتدميراً للبنى التحتية عبر قصف المنشآت الاقتصادية ونهب القطاعات الإنتاجية، ما قلّص نسب النمو ورفع معدلات البطالة بين الشباب في الدول العربية إلى ما يزيد عن 28 في المئة، فضلاً عن التكلفة الباهظة التي تكبّدها العالم العربي بسبب الإرهاب و"الربيع العربي" المشؤوم منذ العام 2010 حيث بلغت الخسائر حتى العام 2016 ما يفوق 833 مليار دولار، بالإضافة إلى مقتل وجرح أكثر من 1.34 مليون إنسان، وحوالي 14.389 مليون لاجئ". إزاء هذا الواقع المرير، دعا غصن "إلى تضافر وتتضاعف جهود الشركاء الاجتماعيين، حكومات وأصحاب عمل وعمال، تحت راية منظمة العمل العربية وشراكة الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب من أجل إعداد البرامج ووضع آليات العمل لتنفيذ استراتيجية عربية لتنمية الموارد البشرية وإعداد الكوادر القيادية، انطلاقاً من ثابتت أنّ العمل قيمة إنسانية وحضارية ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية ونفسية، ويجب إيلاؤه مكانة متقدمة في مضامين خطط التنمية وتوفيره بكفاية وعدل، من أجل بناء مجتمع عربي موحّد الرؤية، مرصوص البنيان، يهدف إلى بناء أمة عربية متقدمة في مصاف الدول الراقية.. أمة تحقق للإنسان العربي الرخاء الاجتماعي والازدهار الاقتصادي والأمن والاستقرار السياسي، في فضاء من الحرية والعدالة الاجتماعية". وتوجه بالتحية والتقدير "إلى شعبنا العراق وقواه المسلحة التي واجهت الجماعات التكفيرية الإرهابية فطهرت بدماء شهدائه الأبرار أرض العراق من رجس داعش وأمثالها وحافظت على وحدة العراق أرضاً وشعباً ومؤسسات". كما حيّا "شعبنا في سورية الذي يلتف اليوم حول قيادته وجيشه ليقاوم الإرهاب وينتصر على التكفيريين دعاة الشرق الأوسط الجديد". وحيّا أيضاً الجيش المصري "الذي يطارد الإرهابيين في أوكارهم في سيناء ليحمي مصر العروبة من غدر الظلاميين". وختم الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب متمنياً للندوة "أن تحقق الندوة أهدافها"، ولمنظمة العمل العربية ولمديرها العام التوفيق. يذكر أنّ الندوة نظمتها منظمة العمل العربية بالتنسيق مع وزارة العمل العراقية، وشارك فيها ممثلون عن أطراف العمل الثلاثة في العالم العربي.