بدأ العد العسكي لاقفال باب الترشيحات رسميا في وزارة الداخلية والبلديات والمقرر في السادس من آذار الجاري، استعدادا لخوض غمار الاستحقاق الانتخابي في الساس من أيار المقبل، فيما بدأت بورصة الترشيحات ترتفع وتبلغ ذروتها في اليومين الفاصلين، وتلوح في الافق بوادر "تحالفات انتخابية" بعد طول "مناورات" ولقاءات خلطت الأوراق بهدف تحقيق أفضل الشروط سعيا وراء الفوز.
وتكتسب دائرة صيدا جزين الانتخابية (دائرة الجنوب الاولى) أهمية خاصة بسبب كثرة المرشحين المتنافسين على خمسة مقاعد نيابية (مقعدان سنيّان في صيدا، مقعدان مارونيان وثالث كاثوليكي في جزين) وكون القوى السياسية الفاعلة والمؤثرة تخوض هذا الاستحقاق للمرة لاولى كدائرة انتخابية، وما نتج عنه من "حسابات معقدة" وسط استفحال الخلافات وتداخل التحالفات، ما إضطرها الى تأخير اعلانها وكسب المزيد من الوقت بانتظار وضع اللمسات الاخيرة على اسماء مرشحيها وتحالفاتها.
سعد-عازار
وحدهما الامين العام للتنظيم الشعبي الناصري الدكتور اسامة سعد وابراهيم سمير عازار، بكّرا في اعلان الترشيح والتحالف، مما يعني عمليا، حسم خيارهما بعدم التحالف مع "التيار الوطني الحر" الذي قام ممثلاه النائبان "زياد اسود وأمل ابو زيد" بجولة على القوى الصيداوية لاستمزاج رأيها في تحالف "منفرد او ثنائي او ثلاثي" وشملت الدكتور عبد الرحمن أولا، مرورا بمرشح "الجماعة الاسلامية" نائب رئيس المكتب السياسي الدكتور بسام حمود وصولا الى النائب بهية الحريري.
وفق مصادر صيداوية، فإن تحالف سعد–عازار حسم خوض غمار الاستحاق النيابي معا، بدعم الثنائي الشيعي حركة "أمل" و"حزب الله"، دون التحالف مع اي قوى سياسية أخرى، وقد اتفقا على ترشيح أحد الاشخاص عن المقعد الكاثوليكي بهدف كسب المزيد من الاصوات، وتوازيا عدم ترشيح احد آخر عن المقعد السني أو الماروني الثاني وتركهما شاغرين تفاديا للصوت التفضيلي، اي ان اللائحة التي ستعلن قريبا في مهرجان "انتخابي مشترك" ستضم فقط ثلاثة مرشحين عن ثلاثة مقاعد "سني، ماروني كاثوليكي"، ما يجعل حظوظها بالفوز كبيرة.
ولاحظت المصادر بوضوح دعم الثنائي الشيعي لهما حصرا، من خلال الحرص على مشاركة مندوبيهما في اللقاء الجماهيري في صيدا الذي اعلن فيه سعد ترشيحه عن احد المقعدين السنيين، حيث شارك ممثل "حزب الله" الشيخ زيد ضاهر وممثل حركة أمل بسام كجك وبفاصل وقت قصير عن اعلان عازار من دارته في جزين ترشحه عن أحد المقعدين المارونيين بتوقيت متناغم معا له دلالة أيضا على التحالف نفسه.
خيارات المستقبل
بمقابل وضوح تحالف سعد–عازار، بقي تيار "المستقبل" يلتزم الصمت حتى الان بانتظار ان تحسم قيادته المركزية الخيارات، خاصة بعد الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة سعد الحريري الى السعودية وما بدأ يتسرب عن محاولة لجمع قوى 14 اذار مجددا على الاقل انتخابيا، وترميم العلاقة مع "القوات اللبنانية"، غير ان التطور المفاجىء هو طلب الحريري من رئيس كتلة تيار "المستقبل" نائب صيدا فؤاد السنيورة السير قدما في ترشيحه، خلافا لما كان الاتجاه سابقا عن عزوفه، وهو الى الان لم يحسم الخيار بانتظار ان يعقد مؤتمرا صحفيا اليوم ليحدد خياره وسط استمرار ترجيح بالعزوف.
مقابل هذا "التطور المفاجىء" الذي قد يكون بطلب سعودي او للحفاظ على ماء وجه السنيورة قبل عزوفه على اعتباره ان قراره ذاتي وليس لاعتبارات أخرى، فإن حركة النائبة بهية الحريري لم تهدأ وسط هامش كبير لتحديد خياراتها الانتخابية على قاعدة ان صيدا "مدينة استثنائية" وسط محيطها المسيحي شرقا وعمقها الشيعي جنوبا، وقد جاءت زيارة النائبين أسود وأبو زيد الى دارتها في مجدليون قبل أيام، لتعيد مجددا فتح الباب امام احتمالات جديدة لابرام "تحالف ثنائي" يخلط اوراقا بعدما اوصدت ابوابه سابقا بسبب "الشروط المتبادلة" ومنها مطالبة "التيار الازرق" بترشيح أحد المقربين منه عن المقعد الكاوثوليكي في جزين كي يحافظ على مقعديه الإثنين في الدائرة بعدما بدا واضحا انه سيخسر المقعد السني الثاني في صيدا، لصالح واحد من المنافسين الثلاث الرئيسيين "سعد، البزري وحمود"، حتى ولو قررت ترشيح "مستقبلي" آخر الى جانبها على نفس اللائحة، فسيشكل "الصوت التفضيلي" عقبة كأْداء أمام الفوز.
البزري-الجماعة
وبين لائحتي "سعد–عازار" والحريري، تبدو خيارات الدكتور البزري مفتوحة في كل الاتجاهات كعنصر قوي و"بيضة القبان" بعدما دلّت الاحصاءات الأخيرة ان لديه كتلة ناخبة لا يستهان بها، يستمدها من إرث والده السياسي العتيق الراحل الدكتور نزيه الزري وقاعدته الشعبية التي تمزج بين العائلات وروابطها، المخاتير والاحياء، هيئات المجتمع المدني وجيل الشباب الراغب بالتغيير، وقد بدأت ماكينته الانتخابية تعمل على جمعهم في بوتقة منظمة، فهل يشكل مفاجأة غير متوقعة؟.
وتؤكد مصادر مراقبة، ان البزري لا يخفي ارتياحه لوضعه الانتخابي، ذلك ان قراءة موضوعية تشير الى ان أمامه خيارات مفتوحة تبدأ بخوض الانتخابات في صيدا ومتحالفا في جزين وسط انفتاح على قائد الدرك السابق العميد صلاح جبران، وتمتد الى تحالف ثنائي مع "التيار الوطني الحر" تكون صيدا قاعدة ارتكاز له، أو بشكل ثنائي مع "الجماعة الاسلامية" ومثل هذا التحالف سيشكل هاجسا لباقي المنافسين اما مع "التيار" و"الجماعة" دونه عقبات حتى الان بالصوت التفضيلي، فيما يتوقع ان يعقد اجتماع ثنائي بين "البزري" و"الجماعة" خلال اليومين المقبلين ليحسما خيارهما في اي اتجاه ليبني على الشيء مقتضاه"، موضحة في الوقت نفسه، ان البزري يركز في لقاءاته الانتخابية على اهمية دور صيدا المحوري في اي تحالف، فهي الاساس في المعادلة كي يختار الصيداويون مرشحيهم عبر الاقبال الكثيف على التصويت، على اعتبار ان القانون النسبي أعطى فرص للفوز بعيدا عن المحاصصة.
أما على مستوى "الجماعة الاسلامية"، فانها باتت أقرب الى خوض غمار الاستحقاق اما منفردة وهو الاضعف او تحالفا مع البزري وهو الارجح، مع استبعاد التحالف مع تيار "المستقبل" نتيجة خلافات على مستوى القيادة المركزية في بيروت، وسط انفتاح على النائب السابق ادمون رزق الذي قرر ترشيح نجله أمين، فيما لم يسقط التيار الوطني من حساباته الانتخابية التحالف مع مرشح "القوات اللبنانية" عجاج حداد واذا كان قد طلب من الدكتور سليم الخوري الترشح عن المقعد الكاثوليكي في جزين، فيما قدم جاد صوايا ترشحه ايضا على الرغم من ابلاغه باستبعاده عن اللائحة، فيما باقي المرشحين المنفردين قرروا المضي بخوض الاستحقاق "منفردين" او "متحالفين" وابرزهم الدكتور علي الشيخ عمار، ايلي رزق، اميل اسكندر، وليد مزهر وغيرهم الكثير.
خلاصة القول، فان صورة الواقع الانتخابي في دائرة صيدا-جزين، قبل اقل من تسعة اسابيع من موعد الانتخابات ستحسم بلا شك حجم القوى السياسية، وقد تكون صورة التحالفات مؤشرا على اي اتجاه ستسير الامور في صندوق الاقتراع يوم الانتخاب.