في السادس من أيار سوف تفتح صناديق الانتخاب، ليقف الناخب اللبناني امام قلم الاقتراع، سينتظر ساعات ليدلي بصوته في محاولة منه ليثبت ان لبنان بلد ديمقراطي يقوم على تداول الحكم وفقاً لارادة الشعب ولا أحد إلا الشعب فهو المرجع وهو مصدر كل السلطات.
ولكن مهلاً لنتأمل قليلاً الا تشبه هذه الانتخابات باسماء معظم المرشحين اليها انتخابات 1996 او 1972 أو 1968 أو حتى 1960 ، العائلات ذاتها لم تتبدل الا الاسماء الاولى، المضمون ذاته بل هو صورة طبق الاصل عن كل المشاريع والبرامج السابقة الكلمات هي هي، و "الخوازيق" نفسها ونحن نصفق ونؤيد وننتخب، ولكي نعطي كل ذي حق حقه نستطيع ان نلاحظ بان الاسلوب قد تبدل فوسائل التواصل الاجتماعي اصبحت لاعبا جديدا فعالا ومهما في مخاطبة الجماهير العريضة والمنتظرة لكلام القائد الملهم او الزعيم المفدى، فالعصر عصر الفايسبوك والتويتر واخواتهما وعلى الزعيم ان يبحر في هذا المجال كي يطال اوسع شريحة من الناس والعباد. اما الوعود فلماذا عليه ان يطورها طالما هناك من يؤيد وينتخب من دون محاسبة او تردد...
ولمن لم ينتبه او لم يصدق ما قلته اعلاه... اقول له بانني انا مثلاً انتمي الى جيل عرف ثلاثة اجيال من نفس العائلات السياسية التي تتحكم بنا منذ زمن بعيد، في صغري عرفت الجد وكانت صوره تملأ جدران الحي واهلي واقربائي كانوا ينتظرون صوته عبر اثير الراديو او ليطل مساء بالاسود والابيض من تلفزيون لبنان... هذا الجد اقنعنا بابنه الذي رافقني بشبابي وبفترة طيشي متاملا صوره الملونة تزين جدران المنطقة مستغلا الوان تلفزيون "البال والسيكام" ليعلن لنا بانه المنقذ وبانه لا يؤمن بالتوريث السياسي كونه يستحق ان يكون حيث هو الان وكنا نصفق له ونحفظ كلماته وخطاباته الرنانة ونستعملها كلما تنافسنا مع شاب على فتاة من الحي... وعند الاستحقاق المصيري تحول الشاب الثائر والرافض للارث السياسي الى مدافع عنه ممهدا الطريق امام من يرثه ومن لم يورث ابنه الزعامة يومها بسبب المديد المنكرر للمجلس النيابي يستعد اليوم وبمناسبة الانتخابات المقبلة ان يفرضه علينا بواسطة هذا الاستحقاق الديمقراطي... وكعادتنا سنقف في الطابور لنجدد البيعة للعائلة ولانجازاتها الكبيرة والمهمة...
والمضحك المبكي بانه حتى من وعدنا بتغيير وتجديد عاداتنا السياسية ونادى يوما بحزب عصري ديمقراطي استغلنا في الماضي ويستغلنا اليوم لتامين ارث مريح لمن يريد ان يرثه من اقربائه مستفيدا من مركزه ليزيل من امامهم الالغام والصعاب التي قد تعترضهم نتيجة هفواتهم التي لا تحصى من جهة، واقواله ووعوده السابقة امام من ناصره بانه سيؤمن لهم فرصا متساوية من جهة اخرى...
على الرغم من هذا الواقع الممدد لنفسه بارادتنا او رغما عنا سنقف امام اقلام الاقتراع متحججين باننا امام قانون قد يبدل شيئا من البازل السياسي المترسخ منذ ما قبل عهد الانتداب، مع علمنا المسبق بان من يتحكم باللعبة هم عائلات سياسية محددة ومعروفة وتعمل على تامين مصالحها وكل ما عدا ذلك يرمى في سلة النسيان...