دخلت البلاد عمليا في موسم الانتخابات وصرف الأموال. فبعد 9 سنوات على آخر استحقاق نيابي، يسعى الكثير من المواطنين كما وسائل الاعلام اضافة للمؤسسات والشركات الاعلانية وتلك المرتبطة بشكل أو بآخر بالحاجات التقنية واللوجستية، الى تعويض ما فاتهم طوال الأعوام الماضية، خاصة وأن القانون الجديد رفع سقف الانفاق الانتخابي للمرشحين بحيث سمح لمرشحي دائرة حاصبيا – مرجعيون – النبطية- بنت جبيل المعروفة بدائرة الجنوب الثالثة والتي تضم أكثر من 460 ألف ناخب بانفاق حوالي مليون و700 ألف دولار فيما سمح لدائرة صيدا–جزين والتي تضم أقل عدد من الناخبين، حوالي 122 الفا، بصرف نحو 600 ألف دولار.
وبحسب المدير التنفيذي للجمعية اللبنانية لديمقراطية الانتخابات عمر كبول فقد تناول القانون الجديد موضوع الانفاق الانتخابي باطار 3 محاور، "الاعلام الانتخابي" والذي يتضمن التصاريح والمقابلات والحوارات الصحافية والتي يُفترض أن تكون من دون مقابل. أما المحور الثاني فلحظ "الاعلان الانتخابي" والذي هو مدفوع تماما كـ"الدعاية الانتخابية" والتي تمثل المحور الثالث. لكن ضبابية النص القانوني، سمحت بتحوّل "الاعلام الانتخابي" مدفوعا، باعتبار ان القانون لم يكن حاسما بالقول انّه يُمنع على وسائل الاعلام تقاضي بدل مالي عن المقابلات والتصريحات، ما أتاح لها باعداد لوائح أسعار قدمتها لهيئة الاشراف على الانتخابات وتعرضها على المرشحين.
ويشير كبول في حديث لـ"النشرة" الى ان المطلوب في الدورة الانتخابية المقبلة، وضع ضوابط معيّنة لمنح مساحة شبه متساوية للمرشحين لعرض برامجهم الانتخابية بأسعار معقولة، فيتم تحقيق نوع من العدالة المفقودة حاليا، لافتا الى ان هيئة الاشراف على الانتخابات غير قادرة اليوم على التحكم بالموضوع باعتبار انّه يندرج باطار المنافسة المفتوحة بين وسائل الاعلام والمؤسسات والشركات الاعلانية. واضاف: "ما يحصل في لبنان في موسم الانتخابات، يحصل في كل دول العالم. فقد شكل المال عاملا أساسيا في حملة الرئيس الاميركي دونالد ترامب".
وبات عدد لا بأس به من المرشحين يعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي كبديل عن وسائل الاعلام لعدم قدرته على تغطية تكاليف الاطلالات التلفزيونية، او حجز مساحة لتصريح له في وسيلة معينة. وتحدث أحد المرشحين في وقت سابق عن أن ٥ اطلالات اذاعية تبلغ 25 الف دولار، فيما تبلغ كلفة الحملة التلفزيونية 250 الف دولار. وأشار الى ان كلفة الاطلالة في برنامج حوار سياسي 100 الف دولار، فيما تتراوح بين 15 الف و50 الف دولار للبرنامج المنوع. وتساءل: "هل هذه انتخابات أثرياء أم انتخابات نواب"؟.
ولا تقتصر الأموال الطائلة التي على المرشح ان يدفعها لوسائل الاعلام بل تطال بشكل اساسي الاعلانات، بحيث أفيد عن ان كلفة مشروع حملة دعائية لدى شركة اعلانات معروفة تتراوح بين 150 الف و 200 الف دولار، فيما تبلغ كلفة حملة دعائية على اللوحات الاعلانية في دائرة انتخابية محدّدة 50 الف دولار اسبوعيا. وتطال أيضا الأسعار المرتفعة كلفة استقبال مرشح للقاء شعبي في قاعة او نادٍ او جمعية بحيث تتراوح ما بين 5 آلاف و15 الف دولار.
بالمحصلة، يجد المرشح الذي يملك قدرات مالية محدودة نفسه محاصرا اليوم في العملية الانتخابية، وان كانت وسائل الاعلام الالكتروني لا تزال تشكل له المتنفس. الا انّه لا شكّ أن حيتان المال، والنواب المدعومين من أحزاب كبرى تتولى حملاتهم، هم الذين سيكتسحون من جديد البرلمان اللبناني مع استثناءات بسيطة جدا.