بعد طول انتظار، أعلن رئيس الحكومة سعد الحريري عن أسماء مرشحي تيار "المستقبل" في أكثر من دائرة، لكن العين كانت على دوائر الشمال، لا سيما دائرتي عكار وطرابلس-المنية-الضنية، نظراً إلى حساسية المعركة هناك، في ظل التنافس على الزعامة السنية في الشمال من جهة، بالإضافة إلى وجود كل من النائب خالد الضاهر في الأولى والوزير السابق أشرف ريفي في الثانية من جهة أخرى.
بعد الإعلان الرسمي عن الأسماء، يمكن القول أن الحريري نجح في تحقيق أهداف بارزة في عملية إختياره أسماء مرشحيه، خصوصاً في دائرة عكار، حيث نجح في توجيه "ضربة معلم" إلى اللائحة التي تعمل قوى الثامن من آذار على تشكليها، من خلال تبني ترشيح وليد البعريني، نجل النائب السابق وجيه البعريني، مع العلم أن الأخير سيكون في اللائحة المقابلة، نظراً إلى أن نجله يحظى بدعم كبير من عائلته باستثناء أعمامه، الذين يريدون أن تبقى "الزعامة" بيد شقيقهم لا أن تنتقل إلى نجله.
وتؤكد مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، أن الأب لم يكن يمانع ترشيح نجله بدلاً عنه، إلا أن إصرار أشقائه على الرفض دفع وليد البعريني إلى الإستمرار في المعركة، إلا أن المصادر نفسها توضح أن معركة الإبن الفعلية ستكون مع اللائحة التي يشكلها الضاهر وريفي، حيث سيكون عليه ضمان مقعده، بينما سيتولى "المستقبل" تحصين المقعدين السنيين الآخرين، وبالتالي في حال نجحت لائحة الضاهر وريفي بالخرق في مقعد سني سيكون على حساب البعريني الإبن، في وقت تواجه لائحة قوى الثامن من آذار معضلة إحتمال عودة "التيار الوطني الحر" إلى الإنضمام لها، بينما الإتفاق الأولي كان على أن تضم عن المعقدين الأرثوذكسيين مرشح تيار "المردة" النائب السابق كريم الراسي ومرشح "الحزب السوري القومي الإجتماعي" اميل عبود، أما عن المعقد الماروني فكان المطروح هو تبني ترشيح النائب السابق مخايل الضاهر.
وفي حين نجح تيار "المستقبل" في حل الأزمة المتمثلة برغبة وزير العمل محمد كبارة ترشيح نجله كريم كبارة بدلاً عنه في دائرة طرابلس-المنية-الضنية، كما فعل النائب أحمد فتفت، الذي رشح نجله سامي فتفت بديلاً عنه عن أحد المقعدين السنيين في الضنية، بعد أن نجحت الإتصالات في إقناع النائب كبارة بخوض المعركة بنفسه، أراد التيار الازرق من ذلك الإستفادة من "الزعامة" التي كونها في السنوات الأخيرة، في وقت سيكون مشغولاً بتوزيع أصواته التفضيلية على مرشحيه، خصوصاً النائب سمير الجسر، بسبب "حماوة" المعركة في هذه الدائرة التي تحدد "الزعامة" السنية على مستوى الشمال، كما نجح في ضم النقابي السابق نعمة محفوض إلى لائحته، بعد أن كان الحديث عن إمكانية تحالفه مع ريفي. وتستغرب مصادر مطلعة ذهاب تيار "المستقبل" إلى ترشيح عثمان علم الدين عن المقعد السني في المنية، الذي كان حتى أيام قليلة غير محسوب عليه لا بل كان يتواصل مع كل من نجيب ميقاتي وريفي، بينما الترجيحات كانت تتحدث إعادة تسمية النائب الحالي كاظم الخير، واصفة ما حصل بـ"الثورة" على الخيارات أو "الخيانة" للنائب الخير الذي كان تبلغ سابقاً تبني ترشيحه من قبل "المستقبل".
الى ذلك، لا يزال أغلب المتابعين ينتظرون موقف النائب الخير من هذا التحول، وتفيد المصادر نفسها أن الرجل مستمر في المعركة حتى النهاية، لا سيما أنه في أول معركة إنتخابية فرعيّة خاضها كان قد أعلن أنه لن يتراجع حتى ولو لم يتبناه "المستقبل"، إلا أن التيار قرر دعمه في مواجهة المرشح المنافس حينها كمال الخير.
وتكشف المصادر نفسها عن توجه لدى المقربين من ميقاتي إلى التحالف مع النائب الخير نتيجة التحول الذي حصل، مع الإشارة إلى أن الحريري لم يخصصه بأي رسالة "شكر"، خلال الإعلان عن أسماء مرشحي "المستقبل"، كما فعل على مع نواب آخرين لن يكونوا ضمن لوائح المستقبل مثل رئيس كتلة "المستقبل" فؤاد السنيورة أو وزير الإتصالات جمال الجراح، بينما يؤكد النائب الخير، في حديث لـ"النشرة"، تواصله مع مختلف الأفرقاء، مشيراً إلى أن قراره سيتخذه بالتنسيق والتشاور مع فاعليات المنية، كاشفاً عن إتصالات حصلت معه من أكثر من لائحة في هذا الدائرة للإنضمام لها.
في المحصّلة، نجح تيار "المستقبل" في إختيار مرشحيه في بعض المناطق بعناية فائقة، لكن في أماكن أخرى سيواجه منافسة من قبل أعضاء في سابقين في كتلته، كما هو الحال مع النائب كاظم الخير في المنية والنائب خالد الضاهر في عكار.
الصورة من دالاتي ونهرا