منذ أن حُسم التباعد في دائرة البقاع الغربي-راشيا بين تيار "المستقبل" و"التيار الوطني الحر"، ظهر المقعد الماروني، الذي يشغله حالياً النائب روبير غانم، كعقدة ضمن اللائحتين الأساسيتين: الأولى التي يشكلها تيار "المستقبل" و"الحزب التقدمي الإشتراكي"، والثانية التي يشكلها رئيس حزب "الإتحاد" الوزير السابق عبد الرحيم مراد مع "حزب الله" و"حركة أمل"، بسبب تضارب حسابات الربح والخسارة بين أفرقاء كل لائحة.
في هذا الدائرة التي تضم 6 مقاعد: 2 سنة، 1 شيعي، 1 ماروني، 1 درزي، 1 أرثوذكس، يبلغ عدد الناخبين 143637، كان من المفترض أن يكون التحالف بين "المستقبل" و"الوطني الحر" و"الإشتراكي" السمة الأبرز، إلا أن إصرار "الوطني الحر" على ترشيح النائب السابق لرئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي عرقل التفاهم بين الأفرقاء الثلاث، نظراً إلى "الفيتو" الذي وضع عليه من قبل "المستقبل" و"الإشتراكي"، بسبب قدرته على حصد أصوات تفضيلية من خارج دائرة التيار الذي يرشحه كـ"حليف".
في المقابل، نجحت المفاوضات التي قام بها "حزب الله" في إقناع "أمل" ومراد بالتحالف مع "الوطني الحر"، بالرغم من الحساسية التي كان يشكلها ترشيح الفرزلي لدى رئيس حزب "الإتحاد"، إلا أن مصادر مطلعة توضح، عبر "النشرة"، أن الأزمة مع ذلك لم تنتهِ، في ظل إصرار التيار على تسمية المرشح عن المقعد الماروني في هذه الدائرة أيضاً، في حين يرفض كل من "أمل" ومراد هذا الأمر، لأنه يؤثر على حسابات الربح والخسارة لديهما، وتصب أصوات "الوطني الحر" التفضيلية إلى مرشحه عن المقعد الماروني شربل مارون، في حين يتولى الفرزلي حصد أصواته التفضيلية بنفسه، ما يشكل خطراً على مرشح "أمل" محمد نصرالله ومراد معاً.
وفي حين لا يزال التحالف في هذه اللائحة عالقاً لحين حسم التفاوض حول المقعد الماروني، تشير المصادر نفسها إلى أن باقي أعضاء اللائحة باتوا على الشكل التالي: مراد عن أحد المقعدين السنيين، بينما لم يحسم اسم المرشح الثاني عن المقعد السني بعد إنضمام محمد القرعاوي إلى لائحة "المستقبل"، نصرالله عن المقعد الشيعي، الأمين العام لحركة "النضال العربي اللبناني" النائب السابق فيصل الداوود عن المقعد الدرزي، الفرزلي عن المقعد الأرثوذكسي.
في المقلب الآخر، نجح تيار "المستقبل" في إقناع وزير الإتصالات جمال الجراح بعدم الترشح عن أحد المقعدين السنيين في هذه الدائرة، بعد أن قدم وعداً له بأن يكون وزيراً في الحكومة المقبلة في وزارة وازنة، بينما أعاد تسمية عضو كتلته النائب زياد القادري، وضم إلى اللائحة المرشح الذي كان قد ترشح في الدورة السابقة، بالعام 2009، إلى جانب مراد محمد القرعاوي، ما سيساعده في جذب كتلة ناخبة من خارج دائرته، كما أعاد تسمية النائب أمين وهبي عن المقعد الشيعي، في حين حسم التحالف مع "الحزب التقدمي الإشتراكي"، الذي يرشح عضو "اللقاء الديمقراطي" النائب وائل أبو فاعور عن المقعد الدرزي، ليبقى شاغراً في هذه اللائحة مقعدين: الماروني والأرثوذكسي.
على هذا الصعيد، توضح المصادر المطلعة أن لدى "المستقبل" مرشحان جاهزان عن المقعدين هما: غسان سكاف عن الأرثوذكسي، هنري شديد عن الماروني، لكنه لم يسمّ أياً منهما بانتظار حسم التحالف مع حزب "القوات اللبنانية"، الّذي يرشح إيلي لحود عن المقعد الماروني، وتشير إلى أن "المستقبل" يريد أن يسمي "القوات" مرشحاً عن المقعد الأرثوذكسي، نظراً إلى أنه يتمسك بترشيح شديد عن الماروني، بينما يرفض "القوات" هذا الأمر ويتمسك بترشيح لحود، ومن المفترض أن يبتّ هذا الأمر في الأيام القليلة المقبلة، كونه جزءاً من سلة التفاوض القائمة بين الجانبين حول أكثر من دائرة، منها عكار وزحلة وصيدا-جزين.
وفي لعبة الحسابات، تكشف المصادر نفسها أن هناك شبه إجماع على أن كل لائحة ستكون قادرة على الفوز بـ3 مقاعد، إلا إذا حصلت مفاجآت غير متوقعة، بحيث تفوز لائحة "المستقبل"-"الإشتراكي" بمقعد سني وآخر درزي والثالث يكون مارونيا، بينما تفوز اللائحة المقابلة بالمقعد السني الثاني وآخر شيعي والثالث يكون الأرثوذكسي.
في المحصلة، المقعد الماروني هو العقدة التي تعيق التحالف ضمن اللائحتين، وقد يؤدي إلى إبتعاد الأفرقاء عن بعضهم البعض، بالرغم من ضيق الخيارات التي لدى "التيار الوطني الحر" وحزب "القوات اللبنانية" في هذه الدائرة.