بدأ العد العكسي لطيّ صفحة الغوطة الشرقية بعدما وصلت عمليات الجيش السوري وحلفائه فيها إلى مستوى غير مسبوق، سيما بعد شطر مناطق المسلحين وتقطيع أوصالها، وعزل دوما عن كل محيطها، وتسييج حرستا بطوق ناري محكم، بهدف حسم معركة تعتبرها القيادة السورية "أم معاركها" الآن، لاقتلاع الخنجر المعادي من خاصرة دمشق.
وعلى وقع الحشود العسكرية السورية والحليفة الضخمة، عدة وعديداً، لحسم معركة الغوطة، زجّت موسكو بثقل عسكري كبير في هذه المعركة، وحصّنت حلفاءها على الأرض بنخبة الأسلحة الروسية، لتخرق انطلاقة العمليات العسكرية تهديدات غير مسبوقة أطلقها الرئيس فلاديمير بوتين في وجه الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها، في توقيت "هام" يرتبط بشكل وثيق بالالتفاف على ضربات صاروخية أميركية - فرنسية كانت مقرَّرة يوم السادس الفائت ضد أهداف عسكرية حساسة في دمشق، حسبما كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، التي أكدت أن سورية "نجت" من ضربات صاروخية محتَّمة في هذا التوقيت عقب اتفاق بين الرئيسين دونالد ترامب وايمانويل ماكرون.
وفي خضم انطلاق العمليات العسكرية في الغوطة الشرقية، خرقت إطلالة غير مألوفة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين شاشات التلفزة العالمية، حيث وجّه رسائل "نووية" غير متوقَّعة إلى الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها الغربيين بالصوت والصورة، مستعرضاً أسلحة شدد على أنه لا نظير لها في العالم، "وهي مستعدّة لجعل أي معتدي يصحو".. أن يطلق بوتين تهديدات بهذا الحجم غير المسبوق بوجه أي عدوان أميركي - غربي ضد بلاده "أو أي من حلفائها"، فهذا يعني أنه استشعر "عملاً ما" بات وشيكاً جُهِّز في الأروقة الأميركية والأخرى المعادية على الأرجح ضد حليفته سورية.
وفي حين اكتفى مصدر صحافي روسي مقرَّب من الكرملين بالإشارة إلى تلقُّف بوتين معلومات موثقة تفيد بتجهيز ضربات صاروخية أميركية - فرنسية باتجاه أهداف عسكرية سورية وصفتها بـ"الحساسة" في دمشق، كاشفاً عن محاولات أميركية وغربية حثيثة لإجلاء مستشارين عسكريين أميركيين وبريطانيين و"إسرائيليين" وفرنسيين من الغوطة الشرقية لم تفلح حتى الآن، أماطت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، اللثام عن تفاصيل تلك الضربات التي كانت مقررة ضد دمشق، قبل أن يصدح صوت بوتين بشكل مدوٍّ مرفقاً تهديداته بكشف مفصَّل عن ترسانة نووية روسية الكثير من صواريخها وغواصاتها كان مجهولاً.
الصحيفة كشفت عن اجتماع هام في البيت الأبيض في بداية الشهر الحالي على وقع احتدام العمليات العسكرية باتجاه الغوطة الشرقية، ضم إلى الرئيس دونالد ترامب، مستشار الأمن القومي هيربل ماكس ماستر، ووزير الحرب جيمس ماتيس، ورئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية جون كيلي، حيث تم اقتراح إطلاق صواريخ عابرة للقارات من الأراضي الأميركية باتجاه أهداف عسكرية سورية في دمشق وصفتها الصحيفة بـ"الهامة جداً"، موضحة أن كيلي اقترح توجيه 18 صاروخاً ضد القوات السورية حول الغوطة الشرقية و6 مراكز عسكرية رئيسية في دمشق، إضافة إلى هدفين رفض كيلي الإفصاح عنهما، حسب إشارة "الواشنطن بوست".
استبق بوتين الضربات الصاروخية، خلال إطلالته "النووية"، بإبلاغ الأميركيين ومن يسير بركبهم برسالة واضحة: "لدينا سلاحاً فتاكاً سيدمّر فوراً أي ضربة باتجاهنا أو باتجاه أي حليف لنا"، وتبعه وزير خارجيته سيرغي لافروف بتهديد لا يقل حدة، حيث حذر بدوره من أن أي ضربة ضد سورية ستكون عواقبها "وخيمة جداً".. موسكو التي لا تأمن جانب المتربع بالبيت الأبيض وصقور فريقه، ترصد معارضة عدد من كبار المسؤولين الأميركيين - بينهم وزير الخارجية السابق ريكس تيليرسن - لأي استفزاز عسكري ضد كوريا الشمالية، كما حيال شن ضربات صاروخية ضد سورية، تجنباً لمواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا ستتجاوز حتماً الحدود السورية، إلا أن ترامب بادر أمس الى إقصاء تيلرسن عن منصبه واستبدله بمدير وكالة الاستخبارات المركزية مايك بومبيو؛ الجمهوري المتشدد في الكونغرس الأميركي، وأحد صقور التيار المعادي لروسيا وإيران، والداعي للتعامل من موقع القوة تجاه كوريا الشمالية، لتشرع كل أبواب الاحتمالات العسكرية تجاه المنطقة، وسورية تحديداً، على مصراعيها.. وعليه، ورداً على التهديدات الأميركية ضد سورية على لسان نيكي هايلي من منبر مجلس الأمن الدولي، أتى الإعلان اللافت لهيئة الأركان الروسية الثلاثاء الماضي: "واشنطن تخطط لقصف صاروخي على مواقع حكومية في دمشق"!
إلا أن "النشوة" الأميركية تلك ستواجَه بردّ روسي - سوري غير متوقَّع، حسب تقارير صحافية بريطانية، ألمحت أيضاً إلى حدث عسكري كبير سيهزّ القوات الأميركية شرق الفرات، معيدة إلى الضوء معلومات وُصفت بـ"الخطيرة" كانت نقلتها صحيفة "اندبندنت" عن ضابط سابق في وكالة الاستخبارات الأميركية لم تحدد اسمه في حزيران الماضي، حيث قال استناداً إلى معلومات صنّفها بـ"الموثوقة": القوات الأميركية في سورية ستكون في خطر كبير في العام 2018..
فهل اتُّخذ قرار البدء بمواجهة القوات الأميركية في سورية؟ وهل تسبق معركة شرق الفرات واسترداد مخزون سورية الرئيسي في النفط والغاز نظيرتها في الجبهة الجنوبية، أو تكون هذه الجبهة التي باتت ساخنة جداً أولوية وجهة الجيش السوري المقبلة بعد طيّ صفحة الغوطة الشرقية، في وقت كشفت وكالة سبوتنيك الروسية نصب حوالى 6 آلاف صاروخ "سام5" وصواريخ "استراتيجية" لم يُكشف النقاب عنها حتى الآن في مناطق "غير مكشوفة" في دمشق، ربطاً بالتهديدات المعادية ضد سورية، على وقع تسارع العمليات العسكرية السورية في الغوطة الشرقية، واقتراب الفرقاطة الروسية القادرة على ضرب صواريخ مجنَّحة من السواحل السورية.
الأبرز يكمن في معلومات مصدر صحافي روسي مقرب من الكرملين، كشف أن دمشق أنجزت تجهيز طائرات حربية محملة بأطنان من المتفجرات "ستوكَل إليها مهمة هجومية باتجاه أهداف عسكرية حساسة في فلسطين المحتلة" لحظة وقوع أي عدوان عسكري "إسرائيلي" - أميركي ضد العاصمة السورية؛ في سابقة ستشكل "زلزالاً" عسكرياً وشعبياً في "إسرائيل"، من دون ان يستبعد المصدر إطلالة مفاجئة للرئيس السوري بشار الأسد من الغوطة الشرقية، يعقبها احتفالات شعبية حاشدة في العاصمة دمشق.