أكد رئيس أساقفة بيروت الموارنة المطران بولس مطر خلال قداس احتفالي في كنيسة حارة حريك على نيّة إبنها رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون في عيد القديس يوسف شفيع البلدة أن "الدول ترتكز عادة على السلطة وعلى القوّة. أُناس حاكمون وأُناس محكومون. المجتمعات تُبنى عادة على المصالح. العائلات تقوم على المحبّة. لذلك، كما أن الله يريد من جميع الناس أن يكونوا عائلة واحدة، متماسكة ومتضامنة، نحن نطمح لأن يكون وطننا عائلة واحدة، مبنيّة على المحبّة. نعرف ما يُقال عن لبنان والتوازنات فيه. نطمح إلى ما هو أبعد من التوازنات. ما يرسي لبنان على رسالته الحقيقية هو محبّة أبنائه بعضهم لبعض. في العائلة لا يوجد صغير وكبير، قوي وضعيف لدى الوالدين، بل يوجد إخوة يتضامنون"، مشيراً الى "اننا ما دمنا نعيّد اليوم للقديس يُوسف، شفيع العائلات، نطلب شفاعته من أجل وطننا، أن يتحوّل أبناؤه إلى إخوة متضامنين، بكلّ ما للكلمة من معنى. هذا لا ينفي أن يكون التنافس مشروعًا، أن يحقق كلّ إنسان ذاته، ولكن أنا لا أعيش من دون أخي وأخي لا يعيش من دوني. مار يوسف يعلّمنا في الكون كيف تكون المحبّة والخدمة، من دون حساب. أعطاه الله أن يسهر على العائلة المقدّسة، على مريم ويسوع الصغير. فقام بهذه الواجبات خير قيام. قيل له خذّ مريم إمرأتك، فأخذها. أهرب إلى مصر، فهرب إلى مصر. عدّ إلى الناصرة، فعاد إلى الناصرة. الربّ يأمره وهو يطيع. لا يوجد في الإنجيل كلمة واحدة، قالها مار يوسف. لكنّ حضوره كان عظيمًا، لأنه لم يقل بل فعل، ما أمره به الربّ. وكان أبًا ساهرًا، حنونًا، حاميًّا للعذراء مريم ويسوع الطفل. أدعو كلّ أبٍ أن يتشبّه بمار يُوسف، بمحبّته لأولاده".
ولفت المطران مطر الى "أنني أدعو كلّ مسؤول وكلّ رئيس أن يكون أبًا لشعبه. وكم هي جميلة تسميّة "بيّ الكلّ" التي أُطلقت على فخامة رئيس جمهوريّتنا العزيز، ابن حارة حريك. لم يطلب فخامته هذه التسميّة، بل الناس أعطوه إياها. "بيّ الكل" يحبّ الجميع وينصف الجميع ولكن ضمن محبّة لبنان وكرامته وقيمته. نصلّي من أجل فخامة الرئيس وهو ابن هذه الرعيّة المباركة، رعيّة مار يُوسف، ليلهمه الله ليكون أبًا صالحًا للبنانيين".
وأشار اى أن "العائلات تمرّ اليوم في ظروف صعبة، بخاصة في الغرب، يفقدون هناك روح العائلة. وإذا ضُربت العائلة، ضُرب المجتمع أيضًا، بصورة أكيدة. نصلّي على نيّة العائلات لتصمد في وجه الأعاصير. يجب أن يضحّي الأباء والأمهات في سبيل أولادهم. لا يجب أن يُترك الأولاد بسبب مزاجات غير معروفة المصدر ولا العواقب. العائلات بحاجة إلى اقتصاد منيع، ليتأمن للأولاد المدرسة والبيت والمستقبل والغذاء والصحة. الدولة مسؤولة عن كلّ هذا حتى تكون العائلات في مأمن. عندنا اليوم أزمات في المدارس والتعليم. الدولة مسؤولة عن حلّ هذه الأزمات. عندنا أزمات في الإقتصاد ندعو المسؤولين عن حلّ هذه الأزمات، وهذا الحلّ لا يتحقق إلا إذا توّحدنا وتضامنّا بروح العائلة والمحبّة للجميع. مار يُسف اليوم، يعطينا أُمثولة، نحن جميعًا، بالخدمة الصالحة والخدمة الصامتة، بالمحبّة لله وليُوسف والمسيح ومريم، من دون حساب ولا حدود. هذه هي المحبّة التي يجب أن تحمي العلاقات فيما بيننا"، متوجها الى مار يوسف "يا شفيع العائلات والعمّال والمناضلين في سبيل العيش، يا شفيع هذه البلدة وهذه الرعيّة، إشفع بنا جميعًا عند ربّك، عند يسوع المسيح الذي ربيّت، ليلهمنا معنى التضحيّة ومعنى المحبّة الصادقة ومعنى الغفران والإلتزام بالواجب، حتى نكون مرضيين لدى الله وتكون حياتنا تقدمة له صامدة أمام كلّ الأعاصير. وليعد هذا العيد عليكم حيثما كنتم بالخير والبركات، وتبقى حارة حريك والمنطقة والأبرشيّة علامة على تماسك اللبنانيين بكلّ طوائفهم، حتى يسلم لبنان ونعود إلى الذي عشناه في الماضي وكان جميلًا جدًا، عيشًا مشتركًا محبًّا ومحبوبًا محميًّا من الله والقديسين، ولكم سلام الربّ يسوع المسيح وشفاعة مار يوسف تلفّ حياتكم كلّها وتكون عائلاتكم كلّها بخير".