لم تكد السلطتان التشريعية والسياسية تقران سلسلة الرتب والرواتب حتى علت الأصوات تعترض على التمايز فيها، وما الجسم القضائي إلا أحد أبرز اركان المعترضين على عدم شمولهم بسلسلة الرتب والرواتب.
منذ آذار من العام الماضي والقضاة يطالبون بأن تشملهم سلسلة الرتب والرواتب، فهم الذين يعتبرون أن السلطة التنفيذية لم تساوهم بالحقوق والتقديمات بتلك التي حصل عليها سواهم، حتى إن راتب القاضي أصبح يوازي راتب أي مدير عام في الدولة،الأمر الّذي يرون فيه إجحافاً بحقهم ويؤثر على عملهم القضائي أيضاً وحتى في اتخاذ القرارات، ولكن ما الذي يحصل فعلياً؟!.
"تسود في بعض المحاكم أجواء اعتكاف من بعض القضاة هنا أو هناك ولكن دون اللجوء الى اضراب فعلي شامل من قبل الجسم القضائي أو مجلس القضاء الأعلى". هذا ما يؤكده الخبير الدستوري عادل يمين عبر "النشرة"، لافتا الى أن "مطالب القضاة تقتصر على اقرار سلسلة الرتب والرواتب لتشملهم والمطالبة بالحفاظ على صندوق التعاضد وعلى نسبة اسهام الدولة فيه"، مشيراً الى أن "وزير العدل سليم جريصاتي تحرّك في هذا الإتجاه ودعم موقف القضاة ما أدّى الى تعديل مشروع الموازنة بناء على طلبه باتجاه ملاقاة القضاة في مطالبهم".
يشير عادل يمين الى أن "التعديل الذي أدخل على مشروع الموازنة يفترض أن يكون لبّى جزءا من مطالب القضاة، وهناك مسؤولية على عاتق الدولة بتأمين استمرارية عمل الجسم القضائي"، معتبراً أن "الحلّ قريب خصوصاً وأن رئيس الجمهورية ميشال عون كان ايجابياً في اجتماعه مع رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد وكان موقفه داعماً للقضاة".
ولكن ما لا يجب أن يغفل عن بال أحد أن للقضاة الدور الأساسي في سير العملية الإنتخابية وفي حال تفاقمت الأزمة، وتوجه مجلس القضاء الاعلى الى الأضراب الشامل، فإن ذلك سيؤثر على الانتخابات وقد يؤدي الى الاطاحة بها. ويشرح الخبير الدستوري أنطوان صفير أنه "عندما نتحدث بإنتخابات فإننا نتحدث عن لجان قيد يترأسها قضاة، وهم يوقعون على المحاضر للجان القيد الإبتدائية ومن ثمّ لجان القيد العليا"، مشيراً الى أن "توقيع القضاة هو الذي يعطي للمستند الشكل الرسمي فيتم احتساب من فاز ومن خسر، وعلى أساس ذلك تصدر وزارة الداخلية النتائج".
إذاً اقرت سلسلة الرتب والرواتب ولا تزال تداعياتها حتى اليوم مستمرة، سواء على القطاع التعليمي أو على الجسم القضائي أو غيره، ليبقى السؤال: "هل يكتفي القضاة ببعض الاعتكافات في المحاكم من حين لآخر، أم تتصاعد الضغوط بالاتجاه الى الاضراب الشامل؟"، وبالتالي يصبح الخوف حقيقيًّا على مصير الإنتخابات النيابية؟!.