أكد المفوض الأوروبي للسياسة الأوروبية للجوار ومفاوضات التوسع يوهانس هان عقب زيارته رئيس الحكومة سعد الحريري أن "لبنان يمر في وقت مهم، وكنت حريصا جدا على لقاء الحريري والتحدث معه في نهاية يوم طويل كانت لي فيه فرصة اللقاء مع عدد من ممثلي الحكومة والمجتمع المدني أيضا"، مشيراً الى أن "الهدف الأساسي لزيارتي هذه إلى لبنان هو أولا، أنها نوع من الروتين، بحيث لا بد من زيارة لبنان لمرة أو اثنتين في السنة، للتعبير عن دعمنا له انطلاقا من سياسة الجوار، وهذا سبب وجودي كمفوض لسياسة الجوار هنا في لبنان، لأننا ننظر إلى البلد من وجهة نظر كلية".
وأوضح هان "أننا بالطبع نفهم أن لبنان متأثر للغاية بوجود هذا العدد الكبير من النازحين السوريين، حيث أن لديه أكبر عدد من النازحين بالمقارنة مع عدد السكان، ولا بد ليس فقط من تفهم هذا العبء، وإنما أن يُدعم ماديا. وهذا هو السبب الثاني لوجودي في بيروت، عشية الانتخابات النيابية، وذلك لتحضير ومتابعة المؤتمرين الدوليين المقبلين اللذين سيعقدان في كل من باريس وبروكسل. فمؤتمر باريس مخصص للنظر في التنمية الاقتصادي للبنان، وأنا سعيد جدا بما سمعته هنا بشأن برنامج الإنفاق الاستثماري الذي أعدته الحكومة، والذي من شأنه أن يلعب دورا حاسما في تحديث وتطوير الاقتصاد".
وأشار الى أن "هناك اقتراحات مثيرة للاهتمام، ولا سيما عند الحديث عن حوالى 250 مشروعا محددا تتعلق بالبنى التحتية، وهذه البنى التحتية من شأنها أن تخدم الصناعة والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، التي هي المحرك الأساسي للاقتصاد، من هنا لا بد من دعم هذه الشركات وهذا يجب أن يتم ببنية تحتية تعمل بالشكل المناسب. ففي موضوع الكهرباء مثلا، ليس من المقبول أن تنقطع الكهرباء، كما أنه لا بد من تحديث الموانئ، وكل ذلك لا بد من أن يترافق مع الإصلاحات الأساسية من أجل جذب الاستثمارات الأجنبية"، مؤكداً أنه "لكي أكون أكثر تحديدا، فإننا جاهزون في السادس من نيسان، على الأقل من جانبنا كاتحاد أوروبي، للعب دورنا في المستقبل المتوقع للسنوات الثلاث المقبلة. نحن جاهزون لتقديم دعم مالي وقدره 1,5 مليار يورو من أجل الاستثمارات. وهنا نذكر بالإصلاحات الضرورية، وهي ليست فقط ما ننتظر رؤيته، بل ما يتطلع إليه المجتمع الدولي".
وأوضح هان أنه "بالنسبة إلى مؤتمر بروكسل الذي يبحث في كيفية دعم لبنان والأردن لاستقبالهما هذا العدد من النازحين السوريين، فإنه يسرني أن أعلن اليوم أننا ننوي أن نقدم نفس المبلغ المالي للبلدين، كما فعلنا في العام الماضي في لندن، وهو 560 مليون يورو كهبات وليس كقروض، والذي نأمل أن يخفف من العبء الاقتصادي عن بلد كلبنان. ومرة جديدة نؤكد أنه من المهم أن نستثمر في التعليم والقطاع الصحي والحاجات الأساسية، وأيضا مساعدة ودعم المجتمعات المضيفة لتتعامل مع كل هذه التحديات، والاستثمار في البنى التحتية، إن لم يكن ذلك قد تم بعد، وتحديدا من قبل البلديات والكيانات المحلية للتعامل مع هذه التحديات".
وأشار الى أنه "إذا نظرتم إلى كل ذلك، يمكنكم ملاحظة مدى التزام أوروبا تجاه لبنان وتفهمها لاحتياجاته والتحديات التي يواجهها. أعتقد أن هناك قوى أخرى في العالم، تعتبر قوى غير ناعمة، وهي خبيرة في عدم الإعمار. أما أوروبا فهي قوة ناعمة وخبيرة في إعادة الإعمار. هذا ما نفهمه وما نقوم به، وكل ذلك ضمن إطار مهمتي، فنحن في أوروبا نسعى إلى تصدير الاستقرار بدلا من استيراد عدم الاستقرار، وهذا ممكن فقط إن دعمنا التطور الاقتصادي للبلد، والذي يكون له أثر على النسيج الاجتماعي فيه".
وشدد على "أننا نقوم بما يجب القيام به، لكن على شركائنا أيضا أن يلعبوا دورهم، فلا شيء يأتي دون تعب، وعلى الجميع أن يشارك. وقد أكد لي الحريري أنه يفهم بالكامل ما الذي يجب القيام به، وأنا واثق من أن هذه الحكومة والحكومة المقبلة ستلعبان دورهما، وهما تعيان ما يجب القيام به. وأنا أتطلع بكل احترام بل وبتفاؤل للمستقبل، وأعتقد أن المواطنين هنا في لبنان يستحقون ذلك، ومتأكدون من التزامنا الكامل تجاه بلدهم. فنحن جميعنا شركاء في حوض البحر المتوسط هذا ونتقاسم تاريخا مشتركا وثقافة مشتركة، لكن علينا أيضا أن نعمل على مستقبل مشترك".