أعلنت الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات في مؤتمر صحافي عقدته قبيل انتهاء مهلة تشكيل اللوائح الانتخابية للانتخابات النيابية المقبلة أطلقت خلاله تقرير المراقبة الأول، عن المخالفات التي رصدت منذ فتح باب الترشح وحتى اليوم. ولفت الى ان نزاهة الانتخابات هي الشرط الجوهري الأول لمشروعية أي عملية انتخابية. وتتحقق نزاهة الانتخابات أولا من خلال توفير شروط الحياد في إدارة العملية الانتخابية، وهذا هو مغزى المطالبة الدائمة بتشكيل هيئة مستقلة لإدارة وتنظيم العملية الانتخابية. وفي هذا الصدد تسجل الجمعية ان شرط الحياد غير متوفر لسببين جوهريين: الأول هو وجود حكومة من المرشحين تدير العملية الانتخابية، إنّ 17 وزيرا في الحكومة الحالية ومن ضمنهم رئيس الحكومة ووزراء المالية والداخلية والخارجية، هم مرشحون لا بل رؤساء لوائح أحيانا كثيرة، ولا يوجد في ممارساتهم الحالية (ونحن على مسافة 40 يوما من عملية الاقتراع)، ما يوحي بانهم يفصلون بين مهامهم وصلاحياتهم ومواردهم كوزراء، وبين كونهم مرشحين للانتخابات. وذكرت ان السبب الثاني لغياب شرط الحياد، ان هيئة الاشراف على الانتخابات ليست مستقلة، ولا وُضعت بتصرفها الإمكانيات الكافية التي تسمح لها بالقيام بدورها في الحؤول دون استخدام الموارد العامة ومواقع السلطة في خدمة المصالح الانتخابية للأقوياء.
بناء على ذلك، تسجل الجمعية اللبنانية من اجل ديمقراطية الانتخابات عدم توفر شرط الحيادية في إدارة العملية الانتخابية.
ولفت التقرير الى ان الشرط الثاني المتمم لسلامة العملية الانتخابية هو تكافؤ الفرص امام المرشحين. وهذا شرط متمم للحياد. وفي هذا الصدد تسجل الجمعية وجود ثغرات هامة في قانون الانتخاب نفسه تعيق تكافؤ الفرص، كما تسجل ان الممارسة الانتخابية نفسها خلال الأسابيع والاشهر الماضية تشكل انحيازا واضحا لصالح بعض المرشحين على حساب أخرين ممن يتمتعون بموارد شتى. فالمرشحون الذين هم في مواقع المسؤولية الحالية، او الذين يملكون وسائل اعلام او هم شركاء فيها، او المتمولين منهم لديهم افضليات واضحة تتجلى في القدرة على الحضور الإعلامي الطاغي في ظل تعتيم على بقية المرشحين والمرشحات؛ كما لديهم القدرة على استخدام موارد الدولة ومشاريع الوزارات والمؤسسات وتوظيفها في حملاتهم الانتخابية وكذلك استخدام المؤسسات العامة؛ ولديهم القدرة على تجاوز القانون او استخدامه ضد خصومهم بسهولة نسبية؛ كما لديهم الموارد المالية الكافية من اجل الإعلان الانتخابي بالشراكة أحيانا مع المؤسسات الإعلامية وتنظيم المهرجانات وغير ذلك من الأنشطة، في ظل غياب آليات ضبط فعلية تضمن الحد الأدنى من تكافؤ الفرص الحقيقية. وبناء على ذلك، فإن الجمعية تسجل وجود خلل جوهري في تكافؤ الفرص بين المرشحين لأسباب تعود الى القانون نفسه، والى الممارسة الانتخابية.
ولفت الى ان قانون الانتخابات نفسه عامل رئيسي مساهم في اضعاف سلامة العملية الانتخابية. وتسجل الجمعية الملاحظات التأسيسية التالية على هذا القانون: هذا القانون تم التوافق عليه خارج المؤسسات الدستورية بين اطراف سياسية رئيسية فرضته على الأطراف الأخرى الشريكة معها وعلى مضض، كما صرح اكثر من طرف – ثم تم اخراج التوافق عليه في المجلس النيابي، وهذا القانون وضع من قبل المرشحين أنفسهم، وتم تفصيله بناء على التوازنات والمصالح الخاصة بهم، مما جعله قانونا هجينا، فلا هو بأكثري ولا هو بنسبي؛ ولا هو على أساس المحافظة ولا القضاء؛ ولا هو انتخاب للائحة على أساس سياسي ولا هو انتخاب لأفراد...الخ. يضاف على ذلك ان هناك انتهاكا جوهريا لمبدأ قانوني ثابت هو ان لا يتولى أصحاب المصلحة المباشرة التشريع في الأمور التي تطال مصالحهم، وقد حصل العكس تماما مع قانون انتخابات سنه المرشحون أنفسهم لأنفسهم، ويتولون بأنفسهم الآن الاشراف على تنفيذه.
واعتبر التقرير ان القانون هجين: ان تقسيم الدوائر من جهة، والتمييز بين الدائرة الكبيرة والدائرة الصغرى، والصوت التفضيلي، معطوفا على التوزيع الطائفي، أضف الى ذلك طريقة احتساب الفائزين وترتيب أصحاب الأصوات التفضيلية، قد عطل بشكل جوهري أي أثر إيجابي لاعتماد النسبية في القانون بما كان مطلبا اصلاحيا لأطياف عريضة ومتنوعة. وقد نتج عن هذا القانون اضعاف التحالفات السياسية فنجد لوائح تجمع بين مرشحين لا يجمع بينهم برنامج او فكر سياسي مشترك لا بل تميزت علاقاتهم بالخصومة المزمنة. كما ان بعض هذه التحالفات لم تكن على امتداد لبنان بل هي تحالفات انتخابية متناقضة بين دائرة وأخرى. وكل ذلك يذهب بعكس القصد من تبني النسبية التي كان المفترض ان تحفز على تطوير الطابع السياسي السليم للتحالفات الانتخابية لا العكس. وطريقة تنظيم القانون للترشيحات التي تبدأ فردية، ثم يليها تشكيل اللوائح، تساهم في تعزيز هذا المسلك النفعي على حساب تنافس الخيارات السياسية في الانتخابات.
ولفتت الى انه في ظل هذه الأجواء، تطلق الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات تقريرها الأول، وتتميز المخالفات والمشاهدات التي وردت من مراقبي الجمعية بأن ما يجري في المناطق له أربعة عناوين أساسية منها استعمال الأماكن العامة ودور العبادة والمدارس وغيرها لغايات انتخابية وهذا النوع من المخالفات الذي قد يبدو بسيطا للبعض إلا أنه يعكس ثقافة سائدة لدى بعض المرشحين بالخلط بين ما هو ملكهم الخاص وملك أحزابهم وبين ما هو ملك عام للمواطنين والمواطنات كافة ولا يجوز الاستفادة منه من قبل طرف محدد دون الآخر ولهذا السبب منع القانون هذا الاستعمال اذ بالاضافة الى عدم التساوي في الفرص بين المرشحين في هذه الحالة الا انّه يعكس أيضا نظرة لدى الناخبين بان الطرف الذي يستعمل هذه الأماكن لديه نفوذ أوسع من الاخرين وبالتالي قدرة في التأثير ما قد يؤثر على خيارات هؤلاء الناخبين أيضا.
واشارت الى انتشار كثيف للدعاية الانتخابية غير المنظمة من هنا دعوة للبلديات بتنظيم وتحديد اماكن وضع الاعلانات الانتخابية ووقف المخالفات في هذا الاطار بدء الحديث عن الرشاوى والخدمات بشكل واسع خاصة في اماكن المعارك الانتخابية الحامية وهنا تضع الجمعية وزارة الداخلية وهيئة الاشراف والقضاء اللبناني أمام مسؤولياتهم للتحرك بهدف الحد من هذه الظواهر. كما تدعو الجمعية المواطنين والمواطنات كافة الذين يتعرضن لتلك الممارسات بالتبليغ الفوري عنها للمساهمة في الحد منها. كما ان هناك بدء محاولات الضغط على الناخبين للتأثير على خياراتهم الانتخابية.
ويتناول التقرير الموضوع المرفق تفاصيل هذه المخالفات التي وثقتها الجمعية لتاريخه وللحديث صلة.