لم يكن جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء المكوّن من 35 بندا سابقا اضافة الى عشرة بنود جديدة مشوقا، اذ تشكل بمعظمه من ملفات الهبات والسفر، ولكن بداية الجلسة كانت مغايرة، وحملت معها حديثا حاميا لرئيس الجمهورية ميشال عون عن أزمة الكهرباء، مطالبا باقتراح الحلول العمليّة لحل هذه المشكلة.
ساعة كاملة استمر الحديث في ملف الكهرباء على طاولة مجلس الوزراء، قال خلاله عون أنه "انا لا اتحدث مسوّقا لهذا الاقتراح أو ذاك، ولم يقل أحد أنّ لبنان مجبرٌ على اعتماد البواخر لكن لم يقدّم أحد خياراً بديلاً، لذلك أنا مضطر ان اصارح اللبنانيين بالحقيقة لانني وعدتهم ان اكون صادقاً معهم، كل النقاش في كل مرة لا يؤدي الى نتيجة، وأنا اريد تأمين الكهرباء للناس "ومش فارقة معي كيف بتجيبوها".
داخل الجلسة كان الجميع مستمعا باغلب الوقت ولكن كان لبعض الوزراء تعليقاتهم على هذا الملف، رافضين اتهامهم بتعطيل حلول الكهرباء، مؤكدين أن الحل الوحيد الذي طرحته الوزارة المعنية في حكومة الحريري هو "البواخر" وهذا ما وقفنا ضده نظرا لما يشوبه من سلبيات اقتصادية وسمسمرات خاصة، ليكون من بعدها لرئيس الحكومة سعد الحريري اقتراحه بأن يتم عقد جلسة خاصة لهذه المسألة يتم خلالها عرض كل الحلول والاقتراحات من جميع الأطراف.
في هذا السياق تشير مصادر وزارية الى أن اتهام وزراء بتعطيل ملف الكهرباء هو اتهام باطل هدفه إيهام اللبنانيين بأن مشكلة الكهرباء اليوم سياسيّة، ولكن الحقيقة هي ان المشكلة تكمن بإصرار فريق معين على حل واحد هو "استئجار البواخر" علما أن هذا الحل قد أثبت فشله بسبب كلفته الباهظة ونتائجه المحدودة، مشيرة الى أن المطلوب هو تقديم حلول جديدة في مقدمها "إنشاء المعامل"، مشيرة الى أنها ليست ضد حل البواخر بالمطلق إن كان الحل "نظيفا" و"فعالا" مترافقا مع الحلول الدائمة بدءا من إنشاء معامل جديدة مرورا بتحسين شبكات النقل والتوزيع وصولا الى حلول الطاقة البديلة.
وتضيف المصادر: "لن نكون شهود زور في الحكومة ولن نرضى بتمرير الصفقات بحجة "ارتفاع حدة الأزمة"، مشيرة الى أن ما حصل في ملف النفايات إبّان التجديد لشركة "سوكلين" والتمديد لمطمر الناعمة يحصل الآن في الكهرباء، وكأن أحدهم يسعى لإغراق البلد بالعتمة كما غرقت سابقا في النفايات والقول بأن الحل أمامكم وانتم ترفضونه، ودفعنا الى القبول بحل البواخر حصرا.
وتقول المصادر: "لن نرضى أن يخوض البعض حملاته الانتخابية على حسابنا واتهامنا بالتعطيل"، مشيرة الى أن استمرار الحال على ما هو عليه سيدفعنا الى تسمية الأمور بأسمائها. وتقول: "منذ بداية عمل مجلس الوزراء الحالي اقترحنا الانطلاق بشكل فوري في رحلة بناء المعامل المناسبة للبنان لأن استمرار التقنين في فترة "البناء" أفضل بكثير من تأخير بناء المعامل والتوجه نحو فكرة الاستئجار، لأنّها تقوم على أساس "التنفيعات" خصوصا وأننا شهدنا نفس الأمر من خلال قرارات استئجار المباني الحكومية منذ عشرات السنوات بدل بناء مبانٍ خاصة، الأمر الذي يكلف الدولة سنويا حوالي ألفي مليار ليرة لبنانية".
تؤكد المصادر الوزارية المعارضة لملف استئجار البواخر بشكله الحالي أنها لن تقف حجر عثرة بوجه أي حل علمي يُقدم لأزمة الكهرباء في لبنان، وستكون منفتحة على كل الاقتراحات التي يمكن ان تُعرض خلال جلسة الحكومة المخصّصة لهذه الغاية من أي جهة أتت، مشددة على أنها لم تقف يوما بوجه البواخر لأسباب سياسيّة وبالتالي لن يتغيّر موقفها تبعا للحسابات السياسيّة، مشيرة الى انها ستوافق على أي مشروع يؤدّي الغاية المطلوبة ويحترم الشفافية ويحافظ على مال اللبنانيين.
كان الرئيس عون حاسما لناحية المطالبة بالحلول التي تؤمن الكهرباء للبنانيين، لأن هذه الأزمة التي تطال الجميع ستبقى نقطة سوداء في تاريخ العهود والحكومات اذا لم تجد طريقها الى الحل المناسب، فهل نشهد اقتراحات علمية جديدة في جلسة الحكومة المخصصة للبحث في أزمة الكهرباء؟.