أكد الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل أنّ الخيارات السياسية مختلفة عن الخيارات الانتخابية الظرفية، مشيراً إلى أنّ من حق التيار الوطني الحر مثلاً أن يتحالف مع الجماعة الإسلامية لغايات انتخابية، تماماً كما يتحالف آخرون في مختلف الدوائر، معرباً عن اعتقاده بأنّ الكثير من التحالفات الانتخابية سينتهي مفعولها عند السابعة من مساء السادس من أيار 2018، أي مع انتهاء العملية الانتخابية.
وفي حديث إلى تلفزيون "OTV" ضمن برنامج "حوار اليوم" أدارته الإعلامية جوزفين ديب، لفت أبو فاضل إلى أنّ التحالف الشيعي هو الذي رفض التعاون مع التيار الوطني الحر في جزين نظراً للتباعد الحاصل بين الرئيس نبيه بري والوزير جبران باسيل، وأشار إلى أنّ هناك ضغوطات سعودية على تيار المستقبل لعدم التحالف مع التيار الوطني الحر.
ولاحظ أبو فاضل أنّه أينما يوجد أكثرية سنية هناك ضغط على تيار المستقبل لعدم التعاون مع التيار الوطني الحر لتعويمه، كما هو حاصل مثلاً في بيروت الثانية وعكار وطرابلس وصيدا وغيرها، ورأى أنّ كلّ الفرقاء يتصرفون وفق مقتضيات الظروف الانتخابية وليس وفق المشاريع السياسية.
الخرق وارد باسمين
واعتبر أبو فاضل أن لا كيمياء بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، على الرغم من التفاهم الذي توصّل إليه الجانبان، وأشار إلى أنّ التحالف الشيعي يمكن أن يحصل على 26 نائباً في الانتخابات المقبلة، لافتاً إلى احتمال أن يحصل خرق للائحة هذا التحالف في بعلبك الهرمل، مرجّحاً إمكانية أن يشمل هذا الخرق اسمين.
ورأى أبو فاضل أنّ الثنائي الشيعي مطمئن أكثر على وضعه في الجنوب، مشيراً إلى أنّ هناك إمكانية لحصول خرق في إحدى دوائر الجنوب باسم واحد، ولكنّه احتمال أضعف منه في البقاع، وأشار إلى أنّ عدم وجود إنماء بالشكل المطلوب في هذه المنطقة يلعب دوره على هذا الصعيد، تحضيراً للاستحقاق الانتخابي.
مصالحة الجبل لم تكتمل
ورداً على سؤال، شدّد أبو فاضل على أنّ مصالحة الجبل لم تكتمل، مشيراً إلى أنّ مشكلة لبنان في الصناديق، وقد اختفت الصناديق واختفت الأموال، لافتاً إلى أنّ العجز الذي نمر به في لبنان هو نتيجة هذا الأمر، ورأى أنّ الجبل هو صمام أمان للجميع، إلا أنّ رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط هو الوحيد الذي يستطيع أن يؤمّ، العودة الآمنة للمهجرين إلى الجبل، موضحاً أنّه يقصد العودة السياسية على وجه التحديد.
واعتبر أبو فاضل، رداً على سؤال آخر، أنّ صفحة الحرب طويت في الجبل، إلا أنّ العودة لم تكتمل كما يجب، مشيراً إلى أنّ قسماً من المسيحيين عاد إلى الجبل، ولكن في المقابل هناك قسم آخر لا يزال يخشى العودة، لافتاً إلى أنّ الدامور دُمّرت في الحرب مثل هيروشيما، وقال إنّه كمسيحي وكماروني لا يستطيع أن ينكر تاريخه، الذي عاشه في أيام الحرب.
قانون العفو قبل الانتخابات
وهاجم أبو فاضل بشدّة قانون الانتخاب الذي ستجرى الانتخابات النيابية على أساسه في السادس من أيار، مشيراً إلى أنّ هذا القانون "لا يساوي قشرة بصلة"، لافتاً في هذا السياق إلى تطيير البطاقة الممغنطة ومراكز الميغاسنتر، منتقداً كذلك تقسيماته وكيفية توزيع مقاعده، مستغرباً مثلاً غياب المقاعد المسيحية في الجنوب، معتبراً كلّ ذلك نتيجة اتفاق الطائف الذي خرب لبنان، وشدّد على أنّ الدولة العميقة لا تزال بيد عائلة الحريري، بكل أجهزتها الأمنية والقضائية والمالية إلى ما هنالك.
وأكد أبو فاضل أنّ قانون العفو العام سيصدر قبل الانتخابات، مشيراً إلى أنّه سيشمل 95 في المئة من الموقوفين الإسلاميين، ولكنّه لن يشمل العقائديين ورؤساء العصابات ممّن تلطّخت أيديهم بدماء الجيش اللبناني ومن شاركوا في القتل أو نقلوا سيارات مفخخة، موضحاً رداً على سؤال أنّ أحمد الأسير وخالد حبلص على سبيل المثال لا الحصر لن يطلقا بنتيجة العفو.
صفحة جديدة مع السعودية
ورداً على سؤال، لفت أبو فاضل إلى أنّ الرئيس سعد الحريري لا يزال غير قادر على طيّ صفحة ما يعتبره غدراً من قبل البعض خلال محنته في المملكة العربية السعودية، ولا سيما رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل والنائب السابق فارس سعيد، لكنّه الآن يهدئ الجبهات بإيعاز سعودي وبعض محيطه، مقابل فتح صفحة جديدة مع السعودية وكأن شيئاً لم يكن.
وأشار أبو فاضل إلى أنّ الرئيس الحريري على قناعة بأنّ التيار الوطني الحر والرئيس ميشال عون والوزير جبران باسيل هم أكثر من عملوا لصالحه خلال مأزقه، وكذلك الأمر رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ومن خلف هؤلاء كلهم حزب الله، ولكنه لا يستطيع إعلانها، لأنّ هناك حساسية كبيرة لذلك، والرئيس سعد الحريري لا يستطيع إلا أن يكون في الجو السعودي.
التحالف متين جداً
وأكد أبو فاضل أنّ التحالف بين التيار الوطني الحر وحزب الله متين جداً على الصعيد السياسي، مشيراً إلى أنّ المقاومة أنقذت لبنان من العدوان الإسرائيلي ومن العدوان التكفيري، مشدّداً على أنّ التيار الوطني الحر لن يترك حزب الله، وهو متمسّك بعلاقته معه، ولن يفرّط بها، مقللاً من شأن المطبّات الحاصلة على خط التفاهم، حاصراً إياها في الخانة الانتخابية.
ورداً على سؤال، لفت أبو فاضل إلى أنّ معظم اللوائح في طرابلس تركت مقعداً مارونياً شاغراً لصالح المرشح جان عبيد، مشيراً إلى أنّ الرئيس نبيه بري كان يتمناه في سدّة رئاسة الجمهورية، وهناك من يعتبر أنّ وجوده في المجلس النيابي يؤمّن له استمرارية في الحقل العام في هذه المرحلة، ملاحظاً أنّ الرئيس سعد الحريري خارج هذا التوافق، وهو لديه مرشح ماروني في طرابلس هو الصحافي جورج بكاسيني.
الأفضلية مسيحياً للتيار
ورداً على سؤال، أعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ تيار المستقبل سيصوّت في دائرة الشمال الثالثة لصالح التيار الوطني الحر، مؤكداً أنّ الصوت التفضيلي للمستقبل في البترون سيكون للوزير جبران باسيل، في حين سيكون في الكورة لصالح مرشحه نقولا غصن. واستبعد ما يُحكى عن إمكان تصويت التيار الأزرق للائحة تيار المردة في زغرتا، وبالتالي منح أصواته التفضيلية للمرشح طوني فرنجية، مرجّحاً إمكانية أن تذهب أصواته التفضيلية لرئيس حركة الاستقلال ميشال معوض.
وأشار أبو فاضل إلى أنّ الأفضلية مسيحياً في كسروان جبيل هي للتيار الوطني الحر، معتبراً أنّ الشارع لا يزال خلف العملاق ميشال عون، ملاحظاً أنّ إعلان رئيس التيار الوزير جبران باسيل للوائح مرشحيه في اليوم الأخير يدل على ثقة كبيرة بالنفس، وعلى تكتيك سياسي مميز لديه، مشدّداً على أنّ ذلك دلّ على أنّه رجل نشيط جداً ويعرف ماذا يريد. ولفت إلى أنّ الفارق بين التيار وغيره في كلّ المناطق المسيحيين يتجلى بالصراع على الحاصل، إذ إنّ التيار ينطلق في معركته من أكثر من حاصل، في حين أنّ الآخرين يجهدون للحصول ولو على حاصل واحد.
مسعى لإزاحة المر
وبالانتقال إلى المتن، لفت أبو فاضل إلى أنّ النائب ميشال المر شخصية تاريخية ومحترمة ومعروفة، ولكن هناك مسعى واضح لإزاحته من الحياة السياسية، معتبراً أنّ مشكلة النائب المر هي مع حزب الكتائب، لأنّ موقعه هو مع الكتائبيين، انطلاقاً من تجربة الانتخابات البلدية، وأشار إلى أنّ عملية واضحة لإلغائها من الطرفين، أي من التيار الوطني الحر ومن الكتائب، لكن من الكتائب أولاً.
أما في جزين، فتحدّث أبو فاضل عن خطورة، مشيراً إلى أنّ إبراهيم عازار يفوز في حال صبّت كلّ الأصوات التفضيلية للشيعة لصالحه، وذلك سيكون على حساب أحد المرشحين المارونيين على لائحة التيار الوطني الحر، أي النائبين زياد أسود وأمل أبو زيد، لافتاً إلى أنّه لا يستطيع أن يحسم على حساب من سيكون فوز عازار.
عملية تطويق للتيار؟
ورأى أبو فاضل، رداً على سؤال، أنّ هناك عملية تطويق للتيار الوطني الحر، لأنّه يأخذ مكانته، ولكنّه اعتبر أنّ عملية قضمه لن تكون سهلة، معرباً عن اعتقاده بأنّ كتلة التيار ستتخطى العشرين نائباً، وشدّد على أنّ من يملك الخطاب المسيحي الحقيقي هو الرئيس العماد ميشال عون.