احتفل رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر برتبة الغسل في كاتدرائية مار جرجس - بيروت، حيث غسل أرجل اثني عشر اكليريكيا من أبرشية بيروت المارونية.
وبعد الإنجيل المقدس، وجه المطران مطر كلمة إلى المؤمنين عامة وإلى الاكليريكيين خاصة جاء فيها: "تحتفل الكنيسة في العالم كله في هذا اليوم المبارك الذي يعيدنا إلى يوم كان السيد المسيح يتناول عشاءه الأخير مع الرسل الأطهار الاثني عشر، وقد كان يهوذا الاسخريوطي الذي اتفق مع أحبار اليهود على تسليمه، وقد لفت المسيح انتباه الرسل إلى أن واحدا منهم سيسلمه. وتسمي الكنيسة هذا اليوم خميس الأسرار إذ تم فيه سر الكهنوت وسر القربان حين قال السيد المسيح، خذوا كلوا هذا جسدي، واقتسموا هذه الكأس كأس دم العهد الجديد الذي يهرق من أجلكم، عملا بوعده لنا أنه لن يتركنا يتامى، كما تم سر الكنيسة. وتحتفل الكنيسة في المناسبة عينها برتبة الغسل تشبها بالسيد المسيح الذي غسل أرجل التلاميذ كي يعلمهم أن الكبير يجب أن يكون خادما لا مخدوما، وذلك إمعانا في التواضع واستكمالا لإخلاء الذات على حد قوْل الرسول بولس في رسالته: أخلى المسيح ذاته ولبس صورة العبد".
أضاف: "لقد أخلى المسيح ذاته من مجدين، مجد الألوهة حين ترك حضن الآب وتجسد بشرا وتخلى عن مجد السماء كلِه، ومجد الإنسانية أي مجد الأرض بكل ما فيها من غنى وسلطة وجاه وعظمة، فعاش معظم أيامه في الخفاء بمنتهى التواضع ولم يقتنِ شيئا ولم يتله بمتعِ الأرض وملذاتِها من مآدب ومناصب ومكاسب. إنها الأمثولة الأهم لنا جميعا وبنوع خاص لكم أيها الإكليريكيون كي تعرفوا أنكم كمعلمم الأول والأخير، لستم في الرسالة لكي تخدموا بل لكي تخدموا.
ولكم أيها العلمانيون الذين توجكم المسيح حين اعتمدتم بالكهنوت العام كما توج الإكليروس الكهنوت الخاص، وبذلك قد حملكم رسالة تقومون بها في الكنيسة وفي العالم أجمع بروح المحبة والتواضع، فأنتم انطلاقا من كوْنكم معمدين، رسلٌ تحملون بشارة المسيح إلى كل الأمم ابتداء من بيوتكم ورعاياكم وقراكم ومدنكم لأنكم خمير المسيح في عجين هذا العالم وعليكم أن تقوموا بهذه الرسالة على صورة التلاميذ الاثنين والسبعين الذين أرسلهم المسيح اثنين اثنين، وقد كانت لهم مهمات مباركة جديرة بالاهتمام وهي تشبه مهمات الرسل إلا أنهم لم يكونوا ليكسروا الخبز كما يفعل الرسل في الذبيحة الإلهية لأنهم امتازوا عنهم بالكهنوت الخاص، ولكنهم كانوا كما أنتم، يبشرون ويعلمون ويمهدون الطريق أمام الرسل الذين أسسوا الكنائس وعينوا عليها أحبارا مسؤولين".
وختم: "هذا الغسل ليس للجسد فقط، إنما علينا أن نغسل قلوبنا من كل ميول تأخذ كياننا نحو الشر ونغسل عقولنا من كل فكر يبتعد بنا عن الطريق والحق والحياة".